[b]
نقلاً عن جريدة الصباح العراقية......
ام كلثوم تغني لملحـن عـراقـي
الملحن العراقي ناظم نعيم عقلية موسيقية مبتكرة وخلاقة، ظهرت موهبته التلحينية في عقد الاربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولعب دورا كبيرا في رسم الخريطة الابداعية للاغنية العراقية، ولعل السواد الاعظم من الجيل الجديد لا يعرف هذا المبدع الكبير، ومن هنا جاءت فكرة الكتابة عن هؤلاء العظام، للتذكير بمنجزاتهم الابداعية، لان الكبار هم من يصنعون التاريخ، والامم التي تحترم تاريخها ومبدعيها، تسعى بما اوتيت بتبجيلهم والتباهي في نشر مأثرهم وحفظ تراثهم، لكننا وللاسف الشديد نهيل التراب عليهم ليصبحوا نسيا منسيا، وهذا ما حصل بالفعل للفنان ناظم نعيم.
لايمكن حصر نتاج وتاريخ ناظم نعيم بهذه المساحة المحدودة، لكن سنتطرق الى ابرز نتاجاته الفذة، فلولا ناظم نعيم لما كان ناظم الغزالي، على حد وصف الفنان والباحث حنا بطرس، فقد كان ناظم نعيم وفرقته الموسيقية لصيقاً ورفيقاً لناظم الغزالي بجولاته الغنائية الخارجية، وهو الذي لحن له معظم اغانيه، التي كانت جواز سفره للجمهور العربي، الذي تعرف على جمالية واحساس الغزالي من الالحان التي يضعها له ناظم نعيم ومنها: يم العيون السود، وفوق النخل، وطالعه من بيت ابوها، واحبك.. وغيرها من الاغاني. اول اغنية قدمتها مائدة نزهت، كانت من الحان ناظم نعيم وهي ( الروح محتارة ).. مارس تلحين القصيدة والاغنية البغدادية والريفية والمنلوج وبرع في جميع هذه الالوان..
لحن للعديد من المطربين والمطربات امثال: زهور حسين وسليمة مراد وعفيفة اسكندر ولميعة توفيق ونرجس شوقي واحلام وهبي.
ولا نغالي اذا قلنا ان الفنان ناظم نعيم واحد من اهم الملحنين العرب، لو توفر الاعلام المناسب لحجم موهبته، بدليل انه قدم لحناً الى سيدة الغناء العربي ام كلثوم، عندما التقى بعازف الكمان الاول في فرقة ام كلثوم احمد الحفناوي، بالكويت وكانت الحانه تحظى بحضور طاغ في تلك الفترة بصوت ناظم الغزالي.. وطلب منه ان يلتقي بام كلثوم ليقدم لها لحنا من الحانه.. ورحب الحفناوي بالفكرة وقال له، في نية ام كلثوم ان تغني لكل بلد عربي اغنية.. وفعلا هيأ ناظم نعيم لحنا للسيدة ام كلثوم للشاعر العراقي حافظ جميل وهي قصيدة ( بريد القبل )، وسافر الى القاهرة عام 1973 واسمعها اللحن، لكن ام كلثوم طلبت منه تغيير القصيدة، واختارت هي بنفسها قصيدة لنفس الشاعر بعنوان ( نداء )، وقام نعيم بوضع اللحن لهذه القصيدة، وفي العام 1974 التقى بام كلثوم للمرة الثانية، وقد ابدت كوكب الشرق اعجابها باللحن، واتفقا على تقديم القصيدة، من دون ان يسرب هذا الخبر الى الاعلام، لانها تريد ان تفاجئ الجمهور به، لكن صحة ام كلثوم تدهورت، ثم رحلت دون ان يرى هذا اللحن النور، وبقيت قصيدة نداء حلماً يداعب مخيلة الفنان الكبير ناظم نعيم، ولو تجسد هذا الحلم على ارض الواقع وغنت كوكب الشرق لملحن عراقي، لكان لناظم نعيم شأن آخر، وما رزحت الاغنية العراقية في العتمة كل هذه السنوات.. ربما.