في الذكرى 31 لرحيل العندليب
حسني الموجي: غنيت وراء حليم لأول مرة بالأسكندرية "يا أهلاً بالمعارك"
حسنى الموجى
المصادفة وحدها كانت وراء إجراء هذا الحوار، فقبل أيام قليلة كنت في زيارة للموسيقار حلمي أمين للاطمئنان عليه أنا وصديقي الموجي الصغير ، وفجأة رن جرس الباب ودخل "حسني الموجي " الشقيق الاصغر للموسيقار محمد الموجي ...
لم تكن تلك المرة الأولي التي ألتقي به ، فقد كنا نلتقي بين الحين والاخر في منزل الموسيقار الراحل محمد الموجي ، ولم نكن نتجاذب أطراف الحديث إلا القليل النادر ، ولكن هذه المرة فوجئت به يقول لي ضاحكا – وهو يعلم مدي حبي للعندليب
– أنت تعرف أني لازمت عبد الحليم 10 سنوات كاملة من سنة 1960 حتى 1970 ؟!
فقلت : حقيقي .. طب أزاي ؟
وكانت هذه العبارة هي بداية لهذا الحوار الذي تنفرد به منتديات الجوكر الفضائى – دون غيرها من مواقع الانترنت أو الصحافه المكتوبة في أنحاء الوطن العربي ..
قلت له : علاقتك بعبد الحليم .. كيف بدأت .. ولماذا استمرت عشر سنوات فقط ؟َ!
أنا كبرت وجدت عبد الحليم عند شقيقي الأكبر الأستاذ محمد الموجي ملازم لنا في كل مناسبتنا .. يأتي إليه دون مواعيد مسبقة وفي أي وقت ويظل جالسا بالساعات ، أو يصطحبه للسهر مع مجموعه من اصدقائهما وهم في ذلك الوقت ..جليل البنداري واحمد رجب ومنير مراد وعلي اسماعيل وغيرهم.. كان جسمي وقتها قريب من التكوين الجسماني لعبد الحليم ، فكان يفاجئني بأنه يشتري لي نفس الملابس التي يشتريها لنفسه علي اعتبار أن مقاساتنا واحده .. إلي أن حدث ذات يوم ان فوجئت بشقيقي محمد وأنا معه في الأستوديو وهو يسجل استعراض فيلم " صغيره علي الحب " لسعاد حسني أن طلب مني تسجيل بعض مقاطع الاستعراض بصوتي ، واذكر حينها إنها قالت لهم في الاستوديو: انتو جايبين لي مطرب محترف؟ فقال لي علي إسماعيل عليه رحمة الله : طب نشز يا ابني عشان ترضيها ! وكان هذا الاستعراض سببا في التحاقي بفرقة رضا للفنون الشعبية حيث كنت مطربا للفرقة بعدما تركهم الأستاذ محمد العزبي ، وهنا وجدت نفسي اغني مع كورال اقل واحد فيهم عمره حاجة وخمسين سنه ، وأنا عمري لا يزال في النصف الأول من العشرينات ، وأبديت هذه الملاحظة إلي علي إسماعيل فقال لي وماذا تقترح ؟! .
فاقترحت عليه تكوين كورال شبابا من طلبة معهد الموسيقي العربية ، وفعلا طلبت من ابنة شقيقتي ترشيح 15طالب و15طالبة لتكوين كورال لفرقة رضا ، ويبدو أن هذا الكورال اعجب عبد الحليم جدا فطلب أن يشاركة الغناء في الحفل الذي سوف يقيمه في الإسكندرية ، وهو الحفل الذي خصصه له عبد الناصر – الله يرحمه – في الاسكندرية وغني فيه لأول مره " يا أهلاً بالمعارك " وأذكر أن المذيعة سلوى حجازي كانت تذيع الحفل للاذاعة علي الهواء
وقالت : أري لأول مره فريق كبير من الكورال يصاحب عبد الحليم في أداء أغنيتة
الوطنية الجديدة .
ومنذ ذلك الوقت توليت مهمة تحفيظ الكورال للأغنيات التي نشارك فيها مع عبد الحليم ، وتوليت مسئولية حجز التسجيلات كان شقيقة محمد وابن خالته شحاتة يتوليان الأمور المالية وأنا أتولي الأمور الفنية ، ولذلك سافرت معه
خلال تلك السنوات العشر كل رحلاته الفنية إلي لندن وكل البلاد العربية
كان جرس الباب عندما يرن الساعة الثانية صباحاً أجد أمي – الله يرحمها – تقول لي : قوم يا حبيبي بعتلك السواق وأجد عبد الفتاح قد أتي ليأخذني إلي عبد الحليم واجد عنده علي إسماعيل ومنير مراد ومحمد وكان يحب لعب الكوتشينة وخاصة لعبة الكومي ونادراً ما كان يخسر .
وأذكر ذات مره أن علي إسماعيل طلب منه خمسة جنيهات قبل ان نغادر منزله ، وذهب حليم لغرفته وفتح درج الكومودينو وكان عليه صوره لمغنية سمراء اسمها ماريا يحب صوتها جدا وزجاجة كولونيا ، وسحب منه الخمسة جنيهات .. المهم اندهشت وسألت علي إسماعيل ونحن في الاسانسير أليس معك نقود ؟ فقال معي ولكن نقود عبد الحليم ربنا بيبارك فيها ، لان الواد ده مولود مسعد ، لا فيلم له يقع ولا اغنية له تقع والنجاح دايماً في سكته.
مواقف وذكريات
مواقف كثيرة وذكريات مرت عليها سنوات طويلة بيني وبين عبد الحليم واحد منها مثلاُ حدث له مع جدي ونحن في عيد ميلاد شقيقي محمد وذلك قبل أن يعرف عبد الحليم طريق الشهرة ، كان عيد ميلاد الموجي وكنا كلنا موجودين وعبد الحليم يأتي من المنيل إلي العباسية وأراد والدي أن يعطي نقودا له دون أن يجرح مشاعره فوضع ريال فضه في التورته ، وقال ياجماعه فيه مفاجأة في التورته من يجدها سوف تصبح من نصيبه ، وأدار التورته وبدأ كل واحد يقطع التورته من ناحيتة وشعر عبد الحليم بالسكين يصطدم بالقطعة الفضية ، فصفقنا جميعا له ، ولم نقل له أن والدي هو الذي وضعها في طريقه .
موقف أخر
لما سافرت معه إلي لندن ، فوجئت به ذات ليله يطلب مني الاستعداد للخروج ، وقال لي إذا أرادت زوجتك أن تأتي معك فلا مانع - كنت قد تزوجت من زميلتي في الكورال واسمها بدور – جاء عبد الحليم في سيارة موريس سوداء واصطحبنا الي قصر فخم واستقبلنا السفرجي فوجدنا أنفسنا في بهو كبير وعمرالشريف يقف فيه ومعه صديقته الفنانة بربارا سترايندا في استقبالنا ، وسهرنا معهما سهره جميلة جداً .
مشكلة مع عبد الوهاب
بحكم عملي معه في الكورال ، رأيت كيف كان يجري بروفاته وكيف كان صارما جدا ، ويعود هذا إلي انه كان مثقفا وفاهما ما يقوله ويؤديه ، يعني يمكن أقول لك بالبلدي كان بيتنطط علي أي حد ، لكن استرعي انتباهي جدا انه أثناء بروفاته مع الأستاذ محمد الموجي يقول للفرقة الموسيقية يا جماعه ما يقوله الأستاذ الموجي تنفذوه علي طول ولايبدي عليه أي اعتراض .
قلت: ربما يكون ذلك حدث أمام الفرقة ، ولكن تسجيلات البروفات التي سمعتها لعبد الحليم ، تؤكد انه كان يبدي ملاحظاته لمحمد الموجي وهو يحفظ اللحن منه ؟
صحيح هذا كان يحدث ، ولكن انظر كيف كان يتعامل مع عبد الوهاب في البروفات فمثلاُ في احدي البروفات لغى عبد الوهاب تماما ونادى بعصبية على السفرجي وقال له : هات للأستاذ عبد الوهاب عصير في مكتبي وطلب منه الجلوس في المكتب ، فما كان من عبد الوهاب إلا أن قام وقال : خلاص .. خلاص اوكيه يا حبيبي .
لكن هذا لا يمنع انه وقعت خلافات بينك وبين الموسيقار محمد الموجي فكيف جرت علاقة العمل بينكما ؟
كان عبد الحليم ذكي جدا ويفصل بين علاقته بي وعلاقته بشقيقي، وهنا يضحك حسني الموجي ويقول: في احدي الخلافات بينهما وكنت اسهر في منزل عبد الحليم ، وانصرف كل الأصدقاء فقال عبد الحليم : تسمع حاجة؟ ، فقلت: اسمع فمد يده إلي مجموعة من الاسطوانات وسحب منها واحده وضعها في بيك آب وكانت اسطوانة مسجل عليها دعاء دينيا وبعدما انتهت الاسطوانة قال لي : بذمتك كان هايلاقي مطرب يقول القواله دي؟ فأكدت علي كلامه وقلت : عندك حق وفي اليوم التالي كنت في منزل شقيقي اتناول عنده الغذاء فحكيت له ما حدث من عبد الحليم ، فبوخني بشدة وقالي لي: ولماذا لم تقل له هاتلاقي فين ملحن يعمل لك ألحان كده ؟
وحدث أن كانت هناك حفله لعبد الحليم في سينما قصر النيل وكان من عادته بعد إنهاء الحفل وإسدال الستاران يأتوا إليه بكرسي ليجلس عليه إلي أن يستريح ، ويغادر المسرح إلي منزله ، وتبدأ سهره اخري حتي الصباح مع أصحابه ، وفي تلك الليلة قلت : يا أخي عايز اسمع الأدعية الله يخليك ، فسألني هل أعجبتك؟ قلت : قوي، وفعلاً احضر الاسطوانة ووضعها في جهاز البيك آب ولما انتهت ، قلت له: حلو قوي يا أستاذ عبد الحليم بس عايز أقولك حاجة..كنت هاتلاقي فين ملحن يعمل لك الشغل ده ؟ وكان عبد الحليم سريع البديهة فقال بسرعة : هوه قالك ؟ وضحك ولم يتركني الا بعدما حكيت له لقائي مع الموجي .. الله يرحمه كان شخصية لذيذة وكان ضعيف أمام الشيء الجيد ، فقد كنا نمشي ذات مره أنا ومحرم فؤاد بعدما سهرنا في منزل حليم وكنت أدندن بأغنية سجلناها قبلها بيوم واحد مع عبد الحليم يقول مطلعها :
يا فنارة لفي المينا
خلي السفينة تعدي
حسنى الموجى
فالتفت لي محرم منزعجا وسألني سمعت الكلام ده فين؟ . فقلت إننا سجلناه أمس مع عبد الحليم وضرب محرم فؤاد كفا بكف ، وجري الي اقرب تليفون واتصل بالملحن عبد العظيم محمد وهو يصرخ في التليفون أزاي دي أغنيتي وعرف منه أن عبد الحليم سمع اللحن وأصر علي أن يغنيه وانه سوف يتصل بمحرم ليوضح له الموقف ، ولكن عبد الحليم لم يتصل ولم يقل شيئا لمحرم فؤاد رغم أنهما يسهران معا كل ليلة .
واقعة أخري حدثت مع الشاعر محمد حمزة وكنا نسهر في كازينو اسمه"تمارينا" في شارع الهرم ومعنا مجموعة من الأصدقاء وسأل محمد حمزة بتكتب إيه دلوقت فقال اسمع يا سيدي :
سواح وماشي في البلاد سواح
والخطوة بيني وبين حبيبي براح
وعرف انه يكتبها لمحمد رشدي ، فأخذه علي جنب ولم يغادر السهرة إلا ومعه كلمات الأغنية ووقعت أزمة بين رشدي ومحمد حمزة ، اقصد من هذا أن أقول أن ما يعجبه لم يكن يفرط فيه أبدا . الله يرحمه .
========================
====================
=============
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [