أحزان مارس!
انتصار دردير
الخميس، 28 مارس 2013
مجلة أخبار النجوم
لم يكن مارس أبداً موعداً للأحزان، بل إنه بداية الربيع بما يمثله من الأمل والحب وتفتح الزهور والطقس المعتدل، كما أنه يحمل أعظم عيد.. عيد الأم.. وقبل أيام اختارت الأمم المتحدة يوم العشرين من مارس ليكون يوماً للسعادة وتبارت الدول الغربية فى البحث عن أساليب مبتكرة تحقق السعادة لمواطنيها.. السعداء أصلاً، وفى كوريا وضعوا نصاً صريحاً فى الدستور يؤكد دور الدولة فى تحقيق السعادة لمواطنيها، ورغم أن السعادة مسألة نسبية فقد اتفقوا على أن ضمان حق المواطن فى مسكن ملائم ورعاية صحية وتعليم جيد ووظيفة تحقق له حياة كريمة، تمثل كلها الحد الأدنى للسعادة فعملوا على توفيرها لمواطنيهم.. قرأت ذلك منذ فترة فى رواية «العاطل» للأديب ناصر بعزق.
أما نحن فقد غرقنا فى أحزاننا وأحاطتنا المخاوف والأزمات وتبعثرت أحلامنا وسالت دماء شبابنا فى التحرير ومحمد محمود وأمام الاتحادية ثم قبل أيام فى المقطم.. أحداث تثير الحزن والدموع والخوف والرعب.
وفى شهر مارس عام 1977 رحل عبدالحليم حافظ، لم ألتق به، فقد بدأت الصحافة بعد رحيله بسنوات، لكننى تمنيت أن أحاوره، أن أعيش عصر العمالقة الكبار، ومع كل ذكرى كنت أبحث عنه، فى كل الكبار الذين اقتربوا منه وأثروا فيه، من مصطفى أمين لأنيس منصور وإحسان عبدالقدوس وكمال الطويل والموجى ومفيد فوزى ومحمد حمزة ومجدى العمروسى وسامية صادق، الذين كشفوا لى عن جوانب أكملت الصورة.
لقد أحب عبدالحليم فنه وعاش من أجله وأخلص له.. كان صادقاً فبادله الناس صدقاً بصدق ووجدوا فى أغانيه تعبيراً عن أحلامهم فى الوطن والحب والإيمان.
أما أحمد زكى الذى رحل أيضاً فى مارس، فقد التقيت به فى حوارات عديدة.. وشهدت معاركه التى انصبت دائماً حول فنه.. أذكر أنه دعانى فى إحدى المرات للقائه بفندق الهيلتون لمشاهدة بعض اللقطات التى صورها من فيلم «أيام السادات» وجلست لأشاهدها فأحضر زكى كرسياً وجلس فى مواجهتى يترقب تعبيرات وجهى.. وشعرت بتوتره الذى انتقل إلىّ فقلت له: هايل يا أستاذ.. أنت نجم كبير هل تحتاج إلى شهادتى: فقال: نعم أحتاج لكل رأى صادق.. وتأكدت دوماً من عشقه وإخلاصه لفنه.
لا أتوقف عند التشابه الشكلى بين حياة عبدالحليم وأحمد زكى.. أنهما رحلا فى شهر مارس وأنهما من محافظة الشرقية وأن كل منهما حقق نجومية كبيرة فى مجاله، التشابه يبدو أعمق من ذلك وأهمه أن النجمان الكبيران كان يملكان الإصرار والحلم والموهبة المتفردة.. لهذا عاش بيننا فنهم وسيعيش دوماً.