Andlibi lover ادارة الرابطة
المشاركات : 2070 العمر : 53 النقاط : 2691 تاريخ التسجيل : 20/05/2010
| موضوع: عبد الحليم وسعاد حسني وحكاية لم تنتهى الأحد 7 أبريل 2013 - 11:56 | |
| كتب منير عامر غريب أمر الحب أقول ذلك والذاكرة تستعرض مشهدا لا يمكن نسيانه.هكذا أهمس لنفسي كلما مررت بفندق سميراميس الواقع على نيل القاهرة، وأغمض عيوني قليلاً لألعن قبح المبنى الجديد الشاهق الذي أقيم بديلاً عن الفندق القديم الذي كان ينافس مباني أوروبا جمالاً.
أضحك لنفسى: لعلهم قد هدموا البناء كى يجعلونا ننسى أيامنا الحلوة فى سميراميس القديم، حيث كان الضجيج يبدأ كل ليلة فى «كافيتريا نايت أند داى» بسميراميس، وها هى سعاد حسنى تدخل كأميرة من الحيوية المتدفقة، يصدر منها ولها وحولها ألف شمس وقمر ونجمة، نعم فسعاد تتمتع بخاصية تناثر البهجة منها فى كل اتجاه، ولعل صلاح جاهين وحده هو الذى أبدع تصويرها حين قال عن حضورها «بمبى بمبى، الحياة بقى لونها بمبى» همست أقدامها لأرض الكافيتيريا فالتفت الجميع، وتوقعوا أن تكون بصحبة عبد الحليم حافظ، ولكن التوقع لم يصدق، فقد دخلت الكافيتيريا بصحبة الرسام الصحفى عدلي فهيم، هذا الصامت الممتلئ بالرغبة فى معرفة أسرار الجميلات، ثم يحترف الربت والطبطبة على ظهر الواحدة منهن، لا أكثر ولا حادث مهم بعد الطبطبة، وكان يمتلئ غيظا منى حين أقول ذلك.. ودخل عبدالحليم حافظ بعدها بلحظات، وسبقته رائحة الحب التى ترسم خيوطها المتوهجة بينه وبين سعاد حسنى، والكل يعرف أن الحب بينهما قد خرج من دائرة السر المكتوم بين الاثنين وصار قضية عامة، فعبدالحليم هو النجم المتوج على العواطف، وهو المدلل من كل المجتمع، وهو الطفل المتوهج الذكاء الذى يشق الطريق إلى القمة فوق ما يتصور أى أحد، وهو الذى يقول كلمة مصطفى أمين «أن القمة تصلح لأكثر من واحد سواء أم كلثوم أو عبدالوهاب أو فريد الأطرش أو أى مطرب آخر» كان الحب متوهجا وهو يزيد من ضوء المكان بالفعل، عيون سعاد تحتضن عبدالحليم من على أمتار، وعيون عبدالحليم ترسل ضوءها لسعاد. والكل يعلم أن الاثنين يعيشان سعادة الوعد ببناء أسرة جديدة، ولكن هذا الحلم كان يتعرض للشد والجذب بين أكثر من اتجاه، فإحسان عبدالقدوس كان يرى أن الحب بين الاثنين يجب أن يتوجه الزواج، هكذا قال لعبدالحليم ولسعاد، وكان رأيه مريحاً لسعاد حسنى أكثر مما هو مريح لعبدالحليم حافظ. أما مصطفى أمين فقط كان له رأى مختلف، هو أن تظل قصة الحب على حالتها من الاشتعال، دون أن يتجه الاثنان إلى المأذون، وكان يقول ذلك مخلصا لتجربته الخاصة، فهو الذى سبق أن قالت الشائعات أنه تزوج من أم كلثوم لمدة عشر سنوات ولم يعلم بالزواج أحد.. وكانت تجربة إحسان عبدالقدوس مع نفسه هى التى تؤكد له أن الفنان عليه أن يعيش حراً، وأن يقبله الجمهور كما هو، فما فائدة خداع الناس بأن تدعى عكس واقعك، وكانت تجربة مصطفى أمين تقول: عليك أن ترسم صورتك أمام الجمهور، والجمهور لا يحب أن يرى المطرب أو المطربة فى حالة زواج، بل يجب أن يظل المطرب أو المطربة كجائزة اليانصيب التى يحلم الجميع بالحصول عليها، وإن حصل عليها أحد فالحسد سيحاصره من كل الجهات.
وسعاد تريد أن تحقق ما فشلت فيه أمها، تريد أن تبنى بيتا وتنجب أولاداً، وتحقق لمن حولها كل السعادة التى فقدتها فى الطفولة، وعبدالحليم يخاف أن يقترب من الزواج، لأنه يعلم أن الزواج هو رحلة إنتاج لأطفال قد يتعرضون للتشتت واليتم، ولكن عبدالحليم لا ينسى أبداً أنه عاش تجربة افتقاد الأم، وكأنه يحب كل امرأة ويكره لها أن تترك ابنها وليداً، ولذلك كان يقترب من الاقتناع برأى مصطفى أمين، ثم إن تجربة الخيانة فى الزواج تزعجه كرجل ريفى، وكان يرى من حوله أكثر من قصة خيانة، فها هى زوجة لفنان مشهور تدخل فى علاقة مع أحد رجال النفوذ إلى حد يزعج عبدالحليم حافظ، وهو لا يتخيل أن يتزوج فيُعجب أحدهم بزوجته فيأخذها منه، ويترك له الأسى والإحساس بالغدر،
واستقر الجميع حول مائدة كامل بك الشناوى، المائدة الممتدة والتى يجلس عليها أى كائن له علاقة بالفن أو الأدب أو الشعر، وكامل بك الشناوى هو أكبر مكتشف للمواهب فى عصره. وقال عبدالحليم لكامل بك: إحنا ضيوفك يا كامل بك أنا وسعاد.
كانت عيون عبدالحليم قد التقطت ملامح سيدة جميلة ملابسها غاية فى البهرجة، واتجهت السيدة إلى عبدالحليم وقبلته فى خديه. وتكهربت عيون سعاد حسنى بالضيق. سمعت عدلي فهيم يقول لها «شوفى أهو لو مدام إحسان عبدالقدوس شافت منظر زى ده لا يمكن يؤثر فيها، خليك جدعة، يعنى هو حا يصاحب كل واحدة معجبة بيه» قالت سعاد: إشمعنى هو بيغير بشكل مجنون؟ وكنت أفكر فى نفسى أن عبدالحليم لن يطبق نصيحة إحسان بالزواج، وسينجرف إلى تطبيق نصيحة مصطفى أمين. وسيظل حلم سعاد حسنى فى الزواج هو مجرد حلم معلق فى الهواء.
ولم أكن أعلم أن السيدة التى قبلت عبد الحليم فى خده هى الراقصة «ميمى فؤاد» التى حلمت هى الأخرى بأن تتزوج عبد الحليم حافظ وتحقق ما فشلت فيه سامية جمال التى أحبت فريد الأطرش من كل قلبها، وحلمت أن يغنى هو كل عمره وأن ترقص هى كل عمرها، لكن فريد لم يتزوج سامية، والساحة فى رأى الراقصة التى أحبت عبدالحليم خالية تحتاج إلى مطرب وراقصة.
ولكن حلمها انكسر حين ظل عبدالحليم يؤجل مواعيده معها ويتهرب منها، فاقتربت من محمد الموجى صديق عمر عبدالحليم، وأقامت معه تجربة كاملة بعد زواج سريع، فالموجى لم يكن يطيق الاقتراب من امرأة دون شهود ومأذون. وطبعاً كتم عبدالحليم غيظه من الاثنين لفترة، وقال بعد أيام من لقائه مع هذه الراقصة «دى ست مش مظبوطة» قالت لفلان إنها بتحبه، وكانت بتقول لي إنها بتحبنى، سابتنى لما ما نفذتش اللى كانت عايزاه وهى ترقص وأنا أغنى، وبعد أن طلقها الموجى، عثرت على عريس عربى.
تساءل عبد الحليم: «سعاد دى مجنونة إزاى تغير منها؟» قلت ضاحكاً: لابد أنها شعرت بأن قلبك تحرك بعاطفة ما. قال: أنا لا يمكن أن أعود إلى واحدة أخطأت فى حقى.
وسمعت صوت شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور من خلف ظهرى وظهر عبدالحليم وهو يقول: لا أحد يقدر أن يحكم على قلبه بأن يعود إلى قصة حب قديمة أو يرفض العودة. الحب أمير يختار المكان الذى يهواه، ويختار القرارات التى تأتى على مزاجه. فى عيادة الدكتور ياسين عبدالغفار
عيادة الدكتور ياسين عبدالغفار فى الوقت الذى دخل فيه عبدالحليم كانت خالية، وكان عبدالحليم كعادته لم ينم من ليلة أمس، وادعى أنه نام، كان موعد د. ياسين هو موعد مع تحديد الأمل، ويحاول أن يعثر على إجابة على السؤال الصعب «كم سأعيش» وهذا السؤال المجنون كان يملأ حياة عبدالحليم حافظ وهو يجرى منه،
صحيح أن لعلية شقة فى عمارة العجوزة تقيم فيها مع أولادها، ولكنها فى بعض من أيام الأسبوع تجد بعضا من الرغبة فى أن تبيت فى منزل عبدالحليم، وقد خصص لها غرفة خاصة، فى المنزل المكون من شقتين، أمر بهما جمال عبدالناصر ليعيش عبدالحليم بعيداً عن عمارة العجوزة، وبناء على رغبة عبدالحليم التى عرفها جمال عبدالناصر من خلال شمس بدران مدير مكتب عبدالحكيم عامر الذى كان يعتبر هو مفتاح طلبات عبدالحليم من الدولة المصرية وكان عبدالحليم هو الشخص الذى يقترب من صاحب النفوذ بالمودة التى تمتلئ معظم الوقت بالندية، وتحتفظ فى نفس الوقت بكل الاحترام ولم يحدث اتصال تليفوني بين عبدالحليم وشمس بدران إلا وشكره عبدالحليم على الشقة، لدرجة إني سمعت شمس بدران يقول مرة لعبدالحليم: والله العظيم حا أستأذن الرئيس عبد الناصر وآخذ الشقتين منك لو جبت سيرة الحكاية دى تانى.. وكان وجود علية فى بعض من الليالي مع عبدالحليم حافظ هو نوع من الاطمئنان الذى يملأ حياته بالبهجة. ولكنه كان لا يحب أن يزوره شقيقه إسماعيل. لا أعرف منذ متى كره أن يزوره إسماعيل شبانة. وحين سألته مرة عن ذلك قال بلهجة فيها الكثير من الضيق بالسؤال «إسماعيل تعليماته كتير» وحين قلت له هل هناك غيرة فنية؟
أجاب: أعوذ بالله أن يغير منى أو أغير منه أنت ناسى إنه هو اللى مربينى قلت: أنا لا أنسى أيضا أن علم النفس والطب النفسى يؤكدان أن الغيرة بين الإخوة أمر شائع. قال: لم أشعر بهذه الغيرة من إسماعيل، وأكيد أنه لم يشعر بها منى. أقول: ولكنك تتعامل مع محمد شقيقك وتكلفه بالكثير من الأعمال، رغم أنه شقيقك الأكبر منك؟ قال: وهل لمست يوما فى تعاملى مع محمد بقلة احترام ؟ هو يقدر أن حظى مختلف عن بقية حظوظهم، ولا شىء فى نفس أى واحد منهم لم أحققه له وهو يعلم أن ما يعود على من دخلى يفيض عليهم بكل ما يطلبون، لذلك فهو يحب أن يعاوننى فى أى عمل أحب أن أسنده له.
كان د. ياسين قد فرغ من عمل ما يشغله قبل أن يستقبلنا.
وبعد أن انتهى الطبيب من الكشف، قال عبد الحليم: لسه فيه شوية صحة.. ابتسم الطبيب الكبير بهدوء غريب، وقال: الصحة بيد اثنين أنت بمدى التزامك ثم هداية الله لك لتواصل الاستماع لما نعرفه من علاج لك وفوق كل ذلك هناك الله سبحانه «وإذا مرضت فهو يشفين». وكرر الطبيب الكبير شكره لعبدالحليم على التزامه بالتعليمات وقال له إن علية زارته منذ قليل وأنه طمأنه عليها وختم الكلام بقوله: على فكرة علية قالت إنك من صغرك كنت شقى وكانت بنت الجيران معجبة بيك، ضحك عبدالحليم وهو يقول: حظها طلع كويس أهى كبرت واتجوزت وخلفت خمس عيال، مين عارف لو كانت اتجوزتنى كانت حا تعيش إزاى مع إنسان كل شوية الدكتور ياسين عبدالغفار يحذره من السهر. قال د. ياسين: أنا بأحب فيك إنك مخلص جدا فى فنك، وأملى إن شوية إخلاص صغيرين يتنقلوا من مجال الفن لمجال الصحة. وعلى باب العيادة قلت لعبد الحليم: أنت لم تذكر لي شيئا عن بنت الجيران دى؟ قال عبدالحليم: صبرك شوية، حا أحكى لك عنها، قلت أرجو أن تحكى وسعاد حسنى موجودة. وأشار عبدالحليم ضاحكا إلى المبنى الكبير لمباحث أمن الدولة القريب من عيادة د. ياسين عبدالغفار وهو يقول: أنا أروح المباحث وأحكى هناك أحسن ما أحكى قدام سعاد، دى بتغير موت. قلت له جادا: هل ستتزوجها أم ستترك الحكاية إلى ما لا نهاية؟ قال: بصراحة خايف أظلمها معايا أو أظلم نفسى بغيرتها. وساد الصمت ليملأ المسافة بين لاظوغلى والزمالك حيث بيت عبد الحليم. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|