بليغ حمدى ----شاعرا
استخدم الملحن بليغ حمدي (ابن النيل) لقبا شعريا في أغنيات عدة وضعها بين عام 1986 -1991 إبان فترة غربته ، بعد سفره لتعطيل الحكم الصادر بحقه سجناً على أعقاب جناية قتل المرأة المغربية في بيته ( وقيل بأن الحادث ملفق من شخصية فنية كبيرة)، وعاش في غربته متنقلاً بين باريس ولندن ودمشق وأثينا.
كانت تلك الأغنيات التي حملت لقبه الشعري ابن النيل من نصيب ميادة الحناوي وسميرة سعيد ونجاة الصغيرة وعفاف راضي وذكرى.
تعتمد الحكايات الأولى للإشارة إلى تلك الموهبة الشعرية الخفرة بعد حادثة التحدي بينه وبين الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في أعمال وضعها لصوت عبدالحليم حافظ كان الأبنودي يمانع تدخلات حمدي في نصوص الأغاني مثلما أضاف وعدل في أغنية "عدى النهار" ووضعه المطلع الأساسي لأغنية "الهوا هوايا" ذات التفعيلة غير المألوفة في العروض العربي بينما هو من وضع المخطط الأساسي لنص أغنية "التوبة".
ولكن اتضح الدافع وراء ظهور الشاعر بليغ حمدي هو ابتعاده عن رفاقه من شعراء أغنياته مثل : عبد الوهاب محمد وسيد مرسي وعبد الرحيم منصور ما جعله يندفع إلى وضع أغنيات كثيرة تحت ضغط الحالة الإبداعية المستجدة آنذاك، وهي حادثة طلاقه من وردة نتيجة للعناد العاطفي بينهما الذي أثمر أغنيات كثيرة عرفتها الأسماع العربية بصوت ميادة الحناوي بدأت بأغنية : الحب اللي كان ( أو كان ياما كان)، مروراً بأغنية " سيداتي آنساتي سادتي" لسميرة سعيد وختمت بأغنية وردة (بودعك) التي وضع اسم شاعر وهمي آخر( وضع ذات الاسم على أغنية أحرجتني لطلال مداح).
وقد تدرجت الحالات الشعورية لتلك الأغنيات من الفاجعة العاطفية التي تخففت عبر تنويعات من الحنين العاطفي توزع على الذكرى والتعليل والاعتراف.
هذا الشاعر عند بليغ حمدي تطور كثيراً في مجمل مراحله التلحينية خلال نصف قرن قدم فيه الكثير من الألحان والأعمال الغنائية المسرحية والسينمائية والإذاعية بمختلف مواضيعها وأنواعها وأشكالها وأنماطها المتعددة والمختلفة.
إن هذا التطور الشعري في كتابة الأغنية بدا لافتاً جداً في نصوص أغنيات درامية وسردية وشعبية، مثل : الحب اللي كان ،بودعك ، أشكي لمين ، على رمش عيونها..
لكن بقي السر أن أغنيات اشتهرت كثيراً لكل من عبدالحليم حافظ وشادية ووردة على الأخص وضع موسيقاها وألحانها حمدي لم تكتب باسمه ولكنه كان المؤلف الأساسي لتلك النصوص بينما حملت اسم الشاعر محمد حمزة الذي غادرنا قبل أيام..، مثل : أي دمعة حزن لا ، مداح القمر ، ومالو ، طب وأنا مالي ، ليالينا ، حكايتي مع الزمان ، خدني معاك ، قطر الفراق ، والله زمن ..
إن تذكر نص من نصوص تلك المرحلة "ليالينا"(من أغاني فيلم آه يا ليل يا زمن، 1978) :
ليالينا ليالينا / وتاهت بينا ليالينا/ مشينا وآدينا من غير أهالينا/ ولا حد بيسأل فينا.."
ونضع مقابله نص بليغ حمدي "الحب اللي كان" عام 1980:
"زمان لما جيت/ بعد غيابك سنين/ وعلى قلبي ناديت/ رديت حبيبي جاني/يشتاق لحبيبي تاني"
إن التقطيع الشعري بين النصين والتقفية الدائرية لتنبئ عن نفس واحد ينتفي فيه التشابه أو التقليد ويحسب لبليغ حمدي أن يكون هو محمد حمزة وما تبقى من حمزة هو ما تعلمه الأخير منه.
ولعل تصريح السيدة وردة بمثابة إفادة في برنامج المايسترو 2009 أن معظم الأغنيات التي كتبها محمد حمزة لها ولحنها بليغ حمدي كانت من توقيع بليغ حمدي نفسه وكأنها ترد على تقولات حمزة في تلفزيون الكويت في حوار بث عام 2009 ..
لقد انطفأ حمزة سريعاً بعد خروج بليغ حمدي من مصر، وبعد وفاة حمدي مات حمزة من قبل!