حتى الخميس القادم
الحلقة رقم (102).... (1)
حين رحل العندليب في نهاية مارس 1977... كان الرحيل في غفلة من الزمن!!! رغم أن الظروف (في حينها) كانت تنذر بحدوث شيء ما.. لكن الأمل كان وهاجاً في قلوب محبي العندليب... وجاءت الأخبار في ختام مارس الحزين.. لقد رحل حليم... وانطفأت شمعة كانت تنير درب الشباب العربي!!!!
سنكون على مدى عدة حلقات عن ماذا كتبت جريدة الأهرام في ذكريات الرحيل.. وماذا كتب كتاب الأهرام عن حليم منذ الذكرى الأولى في مارس 1978 فصاعداً...
هذا الخميس سنكون مع الكاتبين (نادية عبد الحميد وأسماعيل ابراهيم) وفي الخميس القادم سنكون مع الكاتب انيس منصور ومصطفى الضمراني..
ماذا كتبوا في الذكرى الأولى لرحيل حليم؟؟؟ وماذا قدمت الأذاعة والتلفزيون؟؟؟
كونوا معنا....
1- كتبت نادية عبد الحميد في باب (وجهة نظر) من عدد الأهرام الصادر يوم 2 ابريل 1978 تحت عنوان (ولايزال.. مكانه خالياً)....
بعد مرور عام على رحيله بدأنا نفتقد عبد الحليم حافظ!!!! والأحساس بالأفتقاد ينبع من الأحساس بعدم تعويض مانفتقده!!! وعند رحيل عبد الحليم كانت الصورة مختلفة.. وكان الشعور أن هذه الملايين الآربعين التي تملأ ارض مصر لابد أن يخرج منها حليم ثان وثالث ورابع!!! ولكن كل بطريقة مختلفة.. وذهب تصور البعض الى درجة أعتقاد أن وجود عبد الحليم نفسه كان عقبة أمام ظهور الكفاءات الأخرى....
ومضى عام.. ونبحث حولنا عن كفاءة فنية جديدة.. فنشعر بالوحدة.. والفراغ.. ونفتقد عبد الحليم.. ليس كصاحب صوت شجي فيه من الأسى أكثر من الفرح!!! وأنما نفتقد عبد الحليم الفنان الذي لم يعتمد على جمال صوته.. وأنما سبقه الى تحقيق شهرته أحساسه بالمسؤولية.. وجهده الكبير الذي كان يبذله لأتقان مايؤديه من عمل!!!!
سمعنا مثلاً أنه كان يعد للأغنية فترة تزيد على السنة,, وأنه كان يمضي أكثر من شهر في بروفاتها!!! وكل هذا وهو في أوج قمته وشهرته.... لاجدال أن ماساة عبد الحليم أنه حقق الثروة والشهرة في سن صغيرة.. لكن في سبيل الوصول الى ذلك أعطى الكثير من أعصابه.. ولياليه.. وراحته.. وعرقه.. وصحته أيضاً.. وعندما بلغ عبد الحليم قمة الثروة والشهرة زاد ذلك من احساسه بمسؤولية مايقدمه!!!! ولهذا نقص أنتاجه من حيث الكم.. ولكن زاد من حيث الكيف!!! أن من حظ اي فنان مصري أنه يعيش مع شعب يحب الفن ويقدره.. ولكن الملاحظ أن عدد كبير من الفنانين لم يعد يبذل العرق أو الكفاح الذي يصل بهم الى قلوب الملايين... فالطريق السهل أمام فنان اليوم هو جمع ملايين اخرى غير القلوب؟؟؟ ولهذا سيصل فنانون كثيرون الى قمة الثروة المادية!!! ولكن قلوب الملايين ستبقى خالية منهم... وسيبقى أحساسنا الكبير بافتقاد عبد الحليم الفنان الذي كان يسعى الى قلوب الملايين... وأصبحت له هذه القلوب رصيداً... لن ينفذ!!!!!
2- وتحت عنوان (ذكرى.. وأكثر من سؤال) كتب اسماعيل ابراهيم في عدد الأهرام الصادر يوم 8 ابريل 1978...
مرت في الأسبوع الماضي الذكرى الأولى لرحيل الفنان عبد الحليم حافظ.. وذكرى عبد الحليم تثير الشجن لأكثر من سبب.. أولاً الحزن على فنان أعطى الأغنية وأثراها وعاشت معه الجماهير أنغامه الحلوة ومازالت تردد اغانيه.. والشجن ثانياً بل والحزن والآسى أيضاً لوضع الأغنية الآن وماتردت أليه.. وقد كثر الحديث في ذكرى عبد الحليم عن أثره في الأغنية وماتركه من بصمات عليها.. وفي الحقيقة أن أكبر ماقدمه عبد الحليم للأغنية هو الدرس الذي يجب ان تعيه وتستوعبه كل الأصوات الجديدة هو انه لم يقلد آياً من الذين سبقوه من المطربين.. ولولا ذلك ماكان عبد الحليم ذلك العلم في عالم الأغنية المصرية.. ولكان ظلاً باهتاً للذين سبقوه..!!!! وعندما نتحدث عن أزمة الأغنية والأصوات الجديدة نجد أن هناك أطرافاً كثيرة ومتشابكة ساهمت في صنع هذه الآزمة بقصد.. أو حسن نية!!! فالأغنية اصبحت الآن صناعة كغيرها من الصناعات.. ولم يعد قادراً على هذه الصناعة الا الذين تتوافر لديهم الآموال اللازمة لأجور المؤلفين والملحنين والفرق الموسيقية والمطربين.. ولذلك لم يعد غريباً أن أنتشرت شركات الأنتاج الخاصة التي يتحكم فيها أشخاص لايهمهم الا التجارة والربح!!! ويمكننا أن نرجع ظهور هذه الشركات الدخيلة الى غياب الأذاعة عن مجال الأنتاج الغنائي.. وأن وجد فهو فقط في المناسبات والأعياد الوطنية ثم لاشيء بعد ذلك؟؟؟ وأيضاً ضعف مساهمة التلفزيون في هذا المجال ومايقدمه من أغنيات لايمكن بحال من الأحوال أن يندرج تحت وصف الأغنية التلفزيونية.. وغياب هذين الجهازين وهما المفروض أن يكونا القنوات الرئيسية التي يجب أن تمر من خلالها الأصوات الجديدة الى الجمهور الحكم النهائي في هذه الدائرة الكبيرة!!!
وكلنا ولاشك يذكر البرنامج الأذاعي الناجح (أضواء المدينة) الذي كان سبباً في وصول وذيوع عدد كبير من الأصوات التي عاشت مع جمهورها زمناً طويلاً... لماذا لايعود مثل هذا البرنامج بشكل أو بأخر ليقدم هذه الأصوات للناس.. وهي في النهاية التي ستضع كلاً منهم في مكانه الذي يستحقه بعيداً عن تسلط شركة معينة أو أحتكار ملحن؟؟؟؟ وفنانونا الكبار لايمكن أعفاؤهم أيضاً من هذه المسؤولية.. فقد قل أنتاجهم أو أنعدم!!!! ودب بينهم التنافس لا من أجل تحسين وتطوير مستوى الأغنية.. ولكن للسعي نحو تكوين شركات أنتاج خاصة بهم أو أرتباط بعضهم بشركات معينة.. فأصبح لكل شركة ملحنها ومؤلفها وتسبب ذلك في محاولة هؤلاء المؤلفين والملحنين العمل على أحتكار الأصوات الجديدة وأزداد التنافس على ضم اكبر عدد من هذه الأصوات الى هذا الملحن أو ذاك... والأحتكار من المباديء المرفوضة حتى في العرف التجاري.. وهي أبعد ماتكون عن الفن؟؟؟ لأنه يجعل المطرب أو المطربة لاتتعامل الا مع اسلوب واحد في اللحن والكلمات... ولكن ماذا يفعل الصوت الجديد؟؟؟ ومن أين له الأمكانيات؟؟ وكيف يصل الى الجمهور؟؟ أنه يجد نفسه مرغماً على قبول هذا الأحتكار وله العذر في ذلك... فالأذاعة ميزانيتها لاتسمح ولاتساعد على رعاية كل هذه الأصوات وكذلك التلفزيون!!!!! وقد يتساءل البعض: لدينا الكثير من الأصوات الجديدة؟؟؟ ولكننا لم نجد حليماً أخر؟؟؟؟ والجواب أن كثرة الأصوات لايعني شيئاً.. فليست العبرة في وجود اصوات كثيرة.. ولكن الشيء المهم هو جودة هذه الأصوات وتدريبها ورعايتها والأخذ بيدها... وميلاد صوت جديد ليس بالأمر الهين.. السهل.. حتى أصبحنا نسمع في كل يوم جديداً عن أصوات جديدة..!!! الميلاد صعب تسبقه عملية مخاض طويلة.. موهبة ودراسة وتمرين.. ثم بعد ذلك يمكننا أن نقول أن لدينا صوت جديد!!! ولكن للأسف ساعدت أجهزة الأعلام على خلق اسماء بلا اصوات!!!!! وفي زحمة كل ذلك أهملت أصوات جميلة موهوبة لم تأخذ من الفرص الا اقل القليل!!!! ولكنها مع ذلك اثبتت أنها يمكن ان تكون شيئاً في عالم الأغنية... وقد تبدو في الأفق بارقة أمل في برامج المواهب الجديدة.. ومنها برنامج الموجي في التلفزيون.. والبرنامج الذي سيقدمه بليغ حمدي للأذاعة.. وما نريده من هذه البرامج الا تكون أحتكاراً لما تقدمه من مواهب.. والا تقتصر فقط على تقديمها ثم تتركها بعد ذلك.. بل يجب الأهتمام بالصالح منها وتدريبه وأتاحة الفرصة أمامه... وبذلك يمكن أن تسترد الأغنية بعض مافقدته..
وتسعد روح عبد الحليم الذي لن يرضيه لو كان معنا وضع الأغنية الآن!!! وهذا خير أحتفال بذكراه الآولى!!!!!!
أخر جملة:-
قولوا لدموع الفرح تروي كل ورده....
خلو الامل... يبقى تملي...
شمعه قايده....
حيو اللي قال....
نفتح لأحبابنا القنال....
وخلوا بكره يبقى أحلى م النهارده....
قال القمر بينا...
نسهر على المينا....
دا النور على شط القنال سهران يلالي...
النجمه مالت ع القمر...
فوق ف العلالي....
قالت له شايفه يا قمر افراح قبالي....
قال القمر بينا....
نسهر على المينا....
دا النور على شط القنال سهران يلالي....
و.... حتى الخميس القادم
توفيق قاسم العقابي
بغداد العروبة
7 نوفمبر 2024