غلطة كارم محمود التي كشفت موهبة عبدالحليم حافظ
يُعد كارم محمود من الأصوات الغنائية الرائدة في جيله لتمتعه بصوت حاد ومخارج مميزة، أهلاه للقيام ببطولة العديد من الأوبريتات النادرة مثل: «أوبريت العشرة الطيبة» لعبقري التلحين سيد درويش، أوبريت «ليلة من ألف ليلة» من كلمات بيرم التونسي، مسرحية «مصرع كليوباترا» لأحمد شوقي.
كارم محمود محمد أبو ريا من مواليد محافظة البحيرة في 16 مارس عام 1922، واشتهر بين زملائه في المرحلة الابتدائية بصوته الجميل وقدمه زملائه للعم بركات، وهو خردواتي في شارع صلاح الدين بدمنهور، حيث علمه العزف على العود، ثم شارك في إحياء أفراح الجيران بعد أن اشترك في فرقة الشيخة حجر.
وفي أحد الأيام توسط له أحد الأعيان للغناء في القاهرة ونجح مع أول اختبار لصوته، لكن طموحه كان أكبر من ذلك فالتحق بالفرع المدرسي بمعهد الموسيقى العربية وحصل على الدبلوم عام 1944.
موهبة كارم الموسيقية سبقت موهبته التمثيلية، فلم يسجل إلا عددا قليلا من الأفلام السينمائية، التي لا تتجاوز العشرين عملاً، بدأها عام 1946 ببطولة مطلقة مع ليلى فوزي في فيلم «ملكة الجمال»، مروراً بـ«معلش يا زهر» مع شادية عام 1950، وحتى آخر أفلامه «تار بايت» عام 1955 مع سعاد مكاوي، بينما يذخر تاريخه الغنائي بالعديد والعديد من الأغنيات والألحان الفريدة مثل: «أمانة عليك» غناءً وألحاناً، «على شط بحر الهوى»، «سمرة يا سمرة»، «يا إسكندرية»، «العمر كله يومين» وغيرهم.
ومع نجاحه الفني والسينمائي لم يعتليه الغرور يوماً وذلك حتى وفاته في 15 يناير 1995، فقد كان من أشد الفنانين حرصاً على مواعيد التسجيل وخاصة الإذاعة المباشرة على الهواء، ولكن في إحدى المرات كان لديه تسجيلاً مباشراً ولظروف خارجة عن إرادته اضطر للسفر إلى لبنان، وتأخر في عودته وقبيل موعد البث بربع الساعة لجأ المسئولين إلى إسناد البروفة لأحد أعضاء فرقة الإذاعة وكان تواقاً للغناء بشدة، ويُدعى «عبدالحليم شبانة» عازف آلة الأوبوا، وبالفعل قام بالغناء وكانت فرصة ذهبية ليكون فيما بعد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.