الغنوة
43964 السنة 131-العدد 2007 ابريل 20 3 ربيع الاخر 1428 هـ الجمعة
في ذكري رحيل العندليب الـ30:
الأبنودي: يكشف سحر عبد الحليم.. والحنين إلي صوته
حوار: محمود موسي
الابنودى
رغم غياب عبد الحليم حافظ منذ30 عاما إلا انه يظل أسطورة الغناء والحب.. وعام بعد عام يؤكد عبد الحليم أنه لم يكن مجرد مطرب محترف او موسيقي موهوب او سياسي بارع أو صوت مبدع.. او مؤسسة مستقلة.. وإنما هو ساحر يملك كل هذه الاشياء في عباءة واحدة.
الشاعر عبدالرحمن الابنودي كان من أكثر المقربين إلي قلب وعقل العندليب وغني له عبدالحليم حافظ اغاني وطنية وعاطفية منها احلف بسماها وترابها ويابركان الغضب وبالدم وراية العرب والمسيح وعدي النهار و صباح الخير ياسيناء.. واناكل مااقول التوبة والهوي هوايا واحضان الحبايب.
سألنا الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي لماذا عاش عبدالحليم في زمن الشركات الضخمة ومئات الفضائيات الغنائية؟
يقول الأبنودي: لأن بين عبد الحليم حافظ وبين الضمير المصري نوعا من الصلة الحميمة جدا فهو ابن مناخاته السياسية والوطنية.. ولأن هذه المناخات اختفت في عواصف وزوابع السياسات العالمية والعربية, فإنه صار يجسد الحنين الي ذلك الزمن الذي يبدو كالحلم. والحنين كما نعلم ينتقل من جيل الي جيل خاصة ان الظروف الحالية صادقة في ميلاد مطربيها الذين يملأون ساحاتها اليوم ولكن تحس ان بين الناس وبين الغناء نوعا من الحد الفاصل السميك والحاد... وكأن الاجيال الحديثة من المغنيين هي التي تشجع المستمعين والمواطنين علي النكوص والارتداد الي زمن عبد الحليم حافظ.. ان الحنين الي عبدالحليم ليس هو ـ دائما ـ الحنين الي صوته بقدر ما هو حنين الي زمنه.
واضاف: من السهل ان تري مطربين جيدين لكنهم لا يلخصون زمنا وتجربة بقدر ما يلعبون علي فكرة البيع والشراء ويعلمون انهم بضاعة استهلاكية في سوق هامشيه.
ولكن هذا الحنين الي زمن العندليب لا يلغي فكرة ان صوت عبد الحليم فيه شئ منا.. وانه صوت لا يبالغ في الغناء.. ولا يبالغ في عدم القدرة.. وإنما هو بالضبط يعكس معني الكلمات ولذلك كان يتدخل في الالحان ويسيرها حسب رؤيته.
لم يكن زمن عبد الحليم زمن بيع وشراء وانما كان عبد الحليم مواطنا مثلنا تماما يناضل مع شعبه ضد كل ما يعوق تقدمه.. وليس صحيحا انه كان مطرب السلطة.. وإنما كان مطربا شعبا يمتلئ احساسا بالوطنية.. ويحلم شديدا بالغد ويحاول صنع مستقبل اخذه معه ورحل.
وعن اسباب عدم قيام عبد الحليم بالتلحين لنفسه رغم انه موسيقي؟
ـ التلحين قدرات وموهبة.. وكما اجبرهم التلحين محمد الموجي وكمال الطويل الي التخلي عن فكرة الغناء.. كان عبد الحليم يعرف اماكن موهبته.. ولم يكن بقادر علي ان يجرب ليفشل وحين تحدق جيدا تجد ان عود الموجي تشكل بملامح عبد الحليم, وغناء الطويل علي مقاسات صوت عبد الحليم.
وهو استطاع بذكائه النادران يسوق الجميع الي هدف كان يعرف حتي ولو كان ذلك بصورة مبهمة.
وعن الاسباب التي جعلت من بعض اغاني حليم نشيدا قوميا للعاشقين ؟.
ـ يقول الابنودي: علي كل حال.. كان الحب ايامها يغاير في التعبير حب هذه الايام, ذا الملامح التجارية فمن النادر ان تجد لعبد الحليم اغنية تهاجم الحبيب تلك الظاهرة التي تفشت بضراوة في غناء مطربي المجتمع الاستهلاكي فمطربو هذه الايام هم يتشاجرون علي ارث اما الغناء في زماننا فكان سباقا من اجل اثبات ان كل منا يحب الآخر بصورة اكبر وافضل. وذلك نتج من ان بلادنا ايامها كانت تخوض معارك ضد الصهيونية والاستعمار وكان الجهاد فرض.. وكل منا علي استعداد ان يفتدي الآخر. ولقدانعكس هذا في الغناء بصورة واضحة وهناك قول قديم يقول.. إذا أردت ان تتعرف الي شعب فاستمع الي اغنياته.
الي متي يستمر عبد الحليم اسطورة الغناء والحب؟
ـ هذا سؤال تصعب الاجابة عليه وإن كانت هي واضحة.. واقول حين تتغير ملامح ايامنا وتصبح اكثر انسانية ومليئة بالتفاؤل والأمل الحقيقي سوف يخرج من بين ظهرانينا امثال هؤلاء العظماء الذين كانوا في حياتنا وليس عبدالحليم حافظ فقط, ومادام الحال علي ما هو عليه فلا تنتظر إلا ان تلمح بعض الاغنيات الجيدة في وسط هذا الكم المتراكم من البضاعة التي تشبه ريم البحر ماء تعتلي الماء حتي تختفي.