جريده الوفد ...فى ذكراه الأربعين :معارك "العندليب" مع نجوم الفن
أسطورة الغناء المصرى والعربى الراحل عبد الحليم حافظ والتى تمر ذكرى رحيله الـ 40 الشهر القادم لم يكن مطربًا عاديًا ولا شخصًا عاديًا بل هو فنان جاذب للجميع ومثير للجدل أحياناً، وبالتأكيد هو بشر يخطئ ويصيب ويشعر بالغيرة الدائمة على فنه.
عمر عبد الحليم حافظ فى عالم الغناء والتمثيل لم يتعد 23 عاماً «1954 - 1977»، خلال تلك السنوات كان للعندليب الراحل خلافات عديدة وشهيرة ومعارك مع عمالقة الغناء والموسيقى فى عصره بعضها لم يتم تناوله حتى الآن، نستعرضها من خلال هذا التقرير.
علاقة باردة مع "أم كلثوم"
نبدأ بخلافه مع سيدة الغناء العربى أم كلثوم، إذ كانت العلاقة بينهما أصلاً تشهد نوعاً من الغيرة الفنية رغم المكانة الرفيعة جداً لـ «كوكب الشرق» وكونها سيدة الغناء العربى بدون منازع. القصة تعود لصيف عام 1964 وبالتحديد فى ليلة الاحتفال بعيد الثورة يوم 23 يوليو 1964 كان الحفل على مسرح جامعة القاهرة وحضور الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر وكبار رجال الدولة، كان الحفل يضم أم كلثوم وحليم، غنت أم كلثوم وأطالت لساعة متأخرة من الليل، غضب عبد الحليم بشدة وصعد على المسرح ووجه عتاباً لأم كلثوم متهماً إياها بتعمد الاطالة حتى ساعة متأخرة، قال ذلك أمام الرئيس والمشير، المهم غنى حليم.
وفى صباح اليوم التالى طلبه مكتب المشير عامر لمقابلته على وجه السرعة، ذهب عبدالحليم للمشير عامر الذى طلب منه تقديم اعتذار معلن لأم كلثوم، رفض عبد الحليم بشدة وقال للمشير: أعلم أنك الرجل الثانى فى الدولة لكنى لن أعتذر أبداً وأصر على موقفه، وبعد تلك الواقعة لم يجتمع الاثنان فى حفل واحد.
ولكن بعد هزيمة 1967 ذهب حليم لمنزل كوكب الشرق لكى يتفقا على التعاون بينهما من أجل مصر والتبرع للمجهود الحربى وإقامة الحفلات داخل مصر وخارجها.
«الموجى» يتهمه بالسرقة
ومع الموسيقار محمد الموجى تعددت الخلافات بينهما، كانت فى بعض الأحيان خلافات مادية وفنية.. لكن الخلاف الشهير بدأ فى عام 1961 حينما طلب حليم من محمد الموجى تلحين أغنية «بأمر الحب» وبالفعل بدأ تلحينها لكن حدث خلاف وأعطى حليم اللحن للموسيقار منير مراد واتهم «الموجى» عبد الحليم بسرقة اللحن وحدث بينهما خلاف آخر فى عام 1970 نتيجة وشاية لكن «حليم» تأثر فنياً من هذا الخلاف وعادت الحياة لمجاريها فى ربيع عام 1973 حينما غنى «حليم» من ألحان الموجى رائعتى «رسالة من تحت الماء» و«يا مالكاً قلبى» ولحن له بعد ثلاث سنوات قصيدة «قارئة الفنجان».
خلافات متواصلة مع "فريد"
خلاف عبدالحليم مع الموسيقار الراحل فريد الأطرش كان جوهرياً، إذ حدث نوع من الغيرة بينهما بمجرد صعود نجم عبد الحليم فى منتصف الخمسينيات، كانت هناك حالة من الجفاء بدليل أنهما لم يلتقيا فى أى عمل فنى.
بلغ الخلاف ذروته فى ليلة شم النسيم 1970 وبالتحديد مساء الأحد 26 إبريل، كان الاثنان يشاركان فى حفل الربيع، أراد «فريد» أن يغنى الربيع فى نفس الليلة وكان حليم سيغنى «زى الهوا» وكان من المستحيل أن يغنيا فى ليلة واحدة ولكن حدث المستحيل، غنى فريد «الربيع» على مسرح سينما ريفولى ونقلها التليفزيون والإذاعة على الهواء وغنى عبد الحليم فى نفس الليلة وأذيع الحفل على شبكة صوت العرب. كان الخلاف فنياً بحتاً وظهر الاثنان معاً فى لقاء تليفزيونى غلب عليه الجانب التمثيلى.
عبد الحليم قال عن «فريد» فى برنامج «أوتوجراف» أنه فنان كبير وصوت عظيم لكنه لا يستطيع الغناء من ألحانه لأن اللون مختلف، كان عبد الحليم يتمنى غناء الربيع ولكنه لم يفعلها.
«أى دمعة حزن لا» تفجر المشاكل بين «وردة» و«بليغ»
خلاف عبدالحليم مع الموسيقار بليغ حمدى بدأ 1974 حينما لحن «بليغ» لعبدالحليم رائعة «أى دمعة حزن لا» غضبت زوجته المطربة الراحلة وردة الجزائرية بشدة لأنه لم يعطها هذا اللحن.
فى عامى 1975 و1976 رفض عبد الحليم أن يغنى من ألحان بليغ لأنه لم يعد يتحمل غناء أكثر من أغنية واحدة فى السنة، حيث غنى فى عام 1975 «نبتدى منين الحكاية» ألحان عبد الوهاب وغنى 1976 «قارئة الفنجان» ألحان محمد الموجى. غضب «بليغ» بشدة وتردد بقوة أن وردة وراء ما حدث فى حفل نادى الترسانة فى إبريل 1976 حينما تواجد بعض المشاغبين داخل المسرح واضطر حليم لنهرهم بشدة وتعرض وقتها لحملة صحفية.
كان «بليغ» يريد بأى شكل أن يغنى حليم لحن "هو اللى اختار" رفض حليم، واضطر «بليغ» لإعطائها لهانى شاكر بعد رحيل العندليب بسنوات قليلة.
علاقة جافة مع «الطويل»
الخلاف مع رفيق دربه الموسيقار الراحل كمال الطويل كان غامضاً، إذ توقف التعاون الفنى بينهما منذ أغنية «بلاش عتاب» 1967 حتى أغنية «صباح الخير يا سينا» 1974.
ربما كان الطويل يتضايق من إصرار عبد الحليم على قيادة الفرقة رغم وجوده فى الاستديو أثناء البروفات، الخلاف غير معلن، ولكن أحتفظ لنفسى بموقف حدث معى شخصياً عام 2000 كنا فى القسم الفنى نعد صفحة للاحتفال بالذكرى الـ 23 لرحيل العندليب، اتصلت تليفونياً بالموسيقار الكبير لكى يتحدث عن حليم فى ذكراه، فوجئت به ينهرنى بشدة وقال لى: هو مولد سيدى عبد الحليم حافظ ولا ايه، شعرت بعد تلك المكالمة بثمة خلاف حاد بين حليم والطويل.
نزاع مع صلاح نظمى
ربما يجهل الكثيرون الخلاف الشديد الذى حدث بين عبد الحليم والفنان الراحل صلاح نظمى حينما وصف حليم صلاح نظمى أن «دمه ثقيل» وذلك فى إحدى البرامج الاذاعية. غضب صلاح نظمى بشدة من هذا التصريح الغريب بل رفض اعتذار عبد الحليم ولم ينته هذا الخلاف إلا بعد مشاركة صلاح نظمى فى فيلم «أبى فوق الشجرة» فى دور شقيق الراقصة «فردوس» الفنانة نادية لطفى.
نجاة ترفض المقابلة بعد «لا تكذبى»
خلاف عبدالحليم مع نجاة الصغيرة كان شهيراً حينما غنى عبد الحليم قصيدة «لا تكذبى» وهى من كلمات الشاعر الراحل كامل الشناوى، ألحان محمد عبد الوهاب، غنى عبد الحليم القصيدة فى حفل عام دون الحصول على أذن من نجاة. غضبت نجاة بشدة لأن عبد الحليم شاركها فى النجاح. شعرت بغيرة شديدة منه، ولا يعلم الكثيرون أن الموسيقار الراحل كمال الطويل تدخل للصلح بين عبد الحليم ونجاة واتفق معها بالفعل على الذهاب لمنزلها بصحبة عبد الحليم. كان الموعد فى التاسعة مساء وكانت المفاجأة رفض نجاة أن تفتح باب الشقة لحليم والطويل.
غضب كمال الطويل بشدة من هذا الموقف وربما دام الخلاف حتى رحيل عبد الحليم.
وعندما سأل المذيع الراحل اللامع طارق حبيب «عبد الحليم» فى برنامج «أوتوجراف» الذى أذيع لأول مرة يوم الثلاثاء 22 يونية 1976 على شاشة التليفزيون المصرى، عن رأيه فى صوت نجاة الصغيرة قال له بالحرف الواحد «فى أحيان كثيرة.. معرفش هى بتقول ايه».
«الثأر» من مارى كويني
كان خلاف عبدالحليم مع المنتجة مارى كوينى شديداً والتى رفضت الإنتاج له وهو فى بداية الطريق وحينما ذهبت إليه فى منزله بعد أن ذاعت شهرته تعاملت معها بقسوة ورفض أى تعاون معها لكى يثأر لكرامته ويرد على رفضها التعامل معه وهو فى بداية الطريق كان حليم معتزاً جداً بكرامته ولا ينسى الإساءة بسهولة.
توتر مع صلاح نصر
كان للعندليب الراحل خلاف مع صلاح نصر مدير المخابرات العامة فى عصر عبدالناصر. حيث أمر «نصر» باعتقال العندليب بعد زيارته للكاتب الصحفى الشهير مصطفى أمين وإعلان تعاطفه مع مصطفى أمين، وكان «حليم» يذهب للسجن ومعه أطعمة وسجائر لمصطفى أمين. أبلغ صلاح نصر الرئيس عبدالناصر بعزمه اعتقال العندليب وهنا غضب ناصر بشدة ونهر صلاح نصر ورفض بشدة المساس بالعندليب الذى كان يعتبره صوت الثورة.
وصف هانى شاكر بعدم الطموح
فى السنوات الأخيرة من حياة عبد الحليم أشيع عنه كذباً أنه يحارب الأصوات الجديدة، ولكن فى عام 1973 حيث كان حليم فى غاية التألق، غنى هانى شاكر «كده برضه يا قمر» وحققت الأغنية نجاحاً مدوياً أمام «رسالة من تحت الماء» و«حاول تفتكرنى» شعر حليم ببعض الغيرة الفنية وهذا أمر طبيعى، عاصرت فى طفولتى مدى نجاح هانى شاكر فى تلك الفترة خاصة أن بليغ والموجى ساهما بقوة فى نجاح هانى شاكر، بل قام ببطولة بعض الأفلام السينمائية، العلاقة بين حليم وهانى شاكر لم تصل للخلاف، كان هانى شاكر يعتبر عبدالحليم قدوته ولكن العندليب الراحل فى برنامج «أوتوجراف» قال عن هانى شاكر بالحرف الواحد أشعر بأن هانى شاكر مطرب معندوش طموح.
جفاء 6 سنوات مع محمد عبد الوهاب
لم تكن هناك خلافات بالمعنى المفهوم بين الأستاذ محمد عبد الوهاب وتلميذه عبد الحليم حافظ بل كانت هناك حالة من الجفاء خاصة فى الفترة من 1968 حتى عام 1974، لم يلحن عبد الوهاب لحليم، لحن له أغنية «يا خلى القلب» من فيلم «أبى فوق الشجرة» وكانت العودة بينهما مساء الخميس 30 يونية 1974 حينما غنى حليم «فاتت جنبنا» على مسرح جامعة القاهرة، وخلال فترة الجفاء طلب عبدالوهاب من ملحن مشهور فى ذلك الوقت تلحين أغنية للمطرب الصاعد فى ذلك الوقت هانى شاكر حتى يشعر عبد الحليم بنوع من الغيرة الفنية، كان حليم فى ذلك الوقت يغنى من ألحان بليغ حمدى.
وحدث نفس الأمر مع الموسيقار محمد الموجى حينما لحن لهانى شاكر أغنية «حلوة يا دنيا» 1971.
«عدوية» تسقط حبيبها
وبالنسبة للخلاف مع المطرب الشعبى الراحل محمد رشدى ظهر رشدى فى منتصف الستينيات حيث كان حليم فى أوج مجده غنى رشدى «عدوية» و«تحت الشجر يا وهيبة» من كلمات الشاعر الشاب فى ذلك الوقت عبد الرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى، الأغنيتان حققتا نجاحاً مذهلاً لدرجة أن قصيدة «حبيبها» التى غناها حليم فى نفس العام لم تحقق النجاح المطلوب بسبب رشدى.
شعر حليم بغيرة شديدة بل بالخوف على مستقبله الفنى، وقرر الاتجاه للغناء الشعبى بل إنه خطف الشاعر الأبنودى ليغنى من تأليفه «التوبة» وغنى أيضاً «سواح» و«جانا الهوى» و«على حسب وداد».
غيرته الفنية من رشدى جعلته يتجه للغناء الشعبى حتى يحافظ على مكانته فى عالم الغناء المصرى والعربى.