بفضل برنامج زراعة الكبد بالمنصورة عودة 500 إنسان للحياة
مجلة صباح الخير
21 مارس 2017
كتبت : هيام هداية
زراعة الأمل.. هى تجسيد لأسمى معانى الإنسانية من خلال فريق عمل برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة، هذا الفريق الذى جعل من نفسه واهبا لسعادة وحياة الكثيرين الذين وصل عددهم إلى 500 حالة تم علاجها تحت رعاية الدكتور محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بجامعة المنصورة.
كشفت «صباح الخير» على لسان أحد الأطباء المشاركين فى فريق زراعة الكبد حقيقة ما أشيع حول هجرة بعض أطباء فريق الكبد وتركهم المركز بأنها لم تكن هجرة بالمعنى المتعارف ولكنهم اثنان من أطباء التخدير وليسا الجراحة سافروا إلى إحدى الدول وهذا من حقهم وتم استبدالهم بآخرين. والمركز مستمر بكامل أطبائه فى أداء مهمته التى اختارها تطوعا لعلاج كبد المصريين وزراعة الحياة بداخلهم.
كما أكد ضرورة أن تولى الدولة رعاية واهتماماً لهذا المركز وغيره من المراكز التى تعمل فى صمت وتكتفى بالتبرعات والمجهودات الفردية لطاقهما.
وتعد عمليات زرع الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة الأقل تكلفة على مستوى العالم، حيث يظل المريض يعالج بالمركز بعد إجراء عملية الزرع والمركز ملتزم بأخلاقيات الزرع بأن يكون المتبرع للمريض من الأقارب من الدرجة الأولى حتى الدرجة الرابعة.
فى البداية أوضح الدكتور محمد عبد الوهاب المراحل التاريخية لتطور مركز الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة والإنتاج البحثى له وعدد وطبيعة العمليات الجراحية التى تجرى به وإحصائية بعدد المرضى المترددين عليه سنويا مشيرا لدور فريق عمل زراعة الكبد بالمركز وأسباب الزراعة والشروط الواجب توافرها فى المتبرع الحى ومعايير الموافقة على عملية زراعة الكبد دون أن يغفل الحديث عن نتائج العمليات وتماشيها مع نسب النجاح العالمية.
حيث كشف رئيس الفريق الطبى، عن أن الحالة 500 كانت تبرع الابن للأب، والحالة 498 كانت بين الأم وابنتها، وتبرعت الابنة لأمها رغم أن لديها طفلين وزوجاً وكان لقاؤهما مؤثرًا جدا، ومن بين كل تِلْكَ الحالات رجل فقط من الحالات تبرع لزوجته والباقون من الأبناء والزوجات. كما أشار إلى الطالبة التى تزوجت وأنجبت بعد عملية الزراعة.
• البداية ...
أشار الدكتور محمد عبد الوهاب إلى أن بداية برنامج زراعة الكبد كانت فى سَنَة 2004 مع ظهور نوع جديد من التليف الكبدى وارتفاع أعداد المرضى، وكانت تجرى على يد طبيب فرنسى «كوليه»، بالإضافة إلى مساعدين له بالمركز الذى قام بإجراء 32 عملية زراعة كبد ثم سلم مهمته لفريق مصرى قاده الدكتور فاروق عزت، وفى سَنَة 2007 تلقى الطبيب الفرنسى تهديدًا «لو روحت المنصورة هنذبحك»، ولم يحضر مرة ثانية وتوقف المشروع لمدة 6 شهور وبعدها قررنا أن نستمر بمفردنا مع بداية سَنَة 2008 ونجحنا مع أول حالة واستمررنا حتى تخطينا حاجز الـ 500 حالة بمفردنا، وأجرينا 6000 عملية أورام البنكرياس «استئصال البنكرياس» وكان أكبر عدد فى الشرق الأوسط. وذكر أنه مع إنشاء وحدة زراعة الكبد بالجهاز الهضمى تم إنشاء لجنة قيم لاختيار المريض والمتبرع وفق المعايير الدولية، وهناك معايير وقوانين لإدخال قسم جراحة زراعة الكبد ووضعنا شرطًا كل من يحصل على الدكتوراه يدخل القسم ومن يريد أن يكمل يكمل ومن لا يريد ينتقل لأى قسم آخر، وكذلك شروط المتبرع أن يكون من نفس فصيلة الدم ومن أقارب المريض حتى الدرجة الرابعة.
• فريق برنامج زراعة الكبد
تم تدريب عدد من شباب الأطباء فى كوريا وميلانو وفرنسا لتنمية مهارات زرع الكبد وتكوين جيل جيد بدعم كامل من الجامعة ليكونوا نواة للعديد من الفرق التى تقوم بزراعة الكبد للتغلب على حالات الانتظار. إن فريق زراعة الكبد بجامعة المنصورة هو الفريق الوحيد فى مصر الذى لا يمارس مهنة زراعة الكبد خارج المركز حفاظا على أن يكون العمل فى الإطار العلمى والأخلاقى.
وأضاف عبد الوهاب: إن فريق زراعة الكبد بالمركز لا يحصل على أى مميزات مالية ويضحون بالجهد والوقت لنجاح الفريق ككل ونجاح العمليات وإنقاذ حياة المرضى، وهناك تكامل بين جميع أقسام الجهاز الهضمى من أجل تدعيم الفريق ولا يقوم أى فرد من الفريق بإجراء تلك العملية خارج المركز وجميعهم شبه متفرغين، وجميع الأعضاء بالفريق يمكن أن يكون فريقًا لأنه خبرة فى كل مراحل العملية، ونحصل فى كل عملية على مبلغ 1500 جنيه، و5000 جنيه فقط لطبيب التخدير من 8 الصبح إلى 10 بالليل، وراضون ولا نريد أن نعملها فى القطاع الخاص فى ظل وجود مافيا تتاجر فى زراعة الأعضاء.
وتبقى مشكلة المتبرع فمن الجائز جدا ألا يكون للمريض قريب مناسب ليتبرع له، وبالتالى فإن إنشاء صندوق مركزى يتبع الدولة للتبرع بالأعضاء أمر واجب وذلك مقابل مكافآت أو مميزات يقوم أهل المريض بتوجيهها إلى ذلك الصندوق أيضا ليصبح الأمر مشروعا وليس هناك شبهة استغلال للمرضى.
• توعية إعلامية بالتبرع بالأعضاء
وجه الدكتور السعيد عبد الهادى، عميد كلية الطب، فى البداية التحية للدكتور محمد غنيم لأنه أول من زرع كلى فى مصر والشرق الأوسط وكانت طفرة وفخرًا للدقهلية والآن مركز الكلى زرع 2810 حالات، ومنذ 2003 كنا متفائلين بهذا الفريق لأنهم كانوا ينامون بجوار غرفة العمليات ويتابعون المرضى باستمرار ويرتبطون بالحالة حتى تخرج للحياة من جديد.. وأضاف عبدالهادى: نعمل على إنشاء معهد متخصص لزراعة الأعضاء ومعنا موافقة به وسيكون مكانه المدينة الطبية بجمصة، ونحن نزرع فى مصر من الأحياء كبد وكلى، لكن فى العالم يزرعون من الأموات وأطالب الإعلام بتوعية المواطنين للتبرع بأعضائهم بعد الوفاة وأنا شخصيا متبرع بكامل أعضائى بعد الوفاة ومعى كارت بذلك، لأن هذا مشروع قومى لمصر ومحتاجين نركز ونعمل بهدوء هناك رجال أعمال يدعموننا ويتبرعون بالملايين وهؤلاء يدعموننا فى صمت ويرفضون أن يذكروا ذلك.
• قبلة علاج الأشقاء العرب
وأشار الدكتور محمد القناوى إلى أن برنامج زراعة الكبد حقق نجاحا على المستوى المحلى وصولا إلى تصنيفه على أنه أحد أهم 10 مراكز طبية على مستوى الشرق الأوسط فى جراحة وزراعة الكبد والجهاز الهضمى فى أقل من 10 سنوات من تاريخ افتتاح وحدة الزراعة سَنَة 2003 على أيدى الرائد الْفَقِيد الدكتور فاروق عزت، ليدخل فى مصاف أهم المراكز الطبية والعالمية فى هذا التخصص من الجراحات.
وأكد أن جامعة المنصورة قطعت شوطا كبيرا فى مجال زراعة الكبد حتى أصبحت قبلة للعديد من أشقائنا العرب والجنسيات الأجنبية الأخرى للعلاج داخل مستشفياتنا ومراكزنا الطبية بفضل النتائج الطبية الباهرة التى تم تحقيقها فى هذا التخصص. وأضاف أن المركز قام بإجراء الحالة 500 لزراعة الكبد، وأن نسب النجاح التى حظيت بها نتائج العمليات والشفاء التام داخل المركز ترتفع لأعلى من 85 فِى المائة وهى النسبة التى تقترب إلى المعدلات العالمية لهذا النوع من الجراحات ونسب الشفاء به، حيث إن الجامعة لديها أفضل برنامج لزراعة الكبد على مستوى مصر والشرق الأوسط، حيث وصل نجاح البرنامج لإجراء الحالة رقم 490 لزراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى بواسطة فريق طبى يضم مجموعة من أمهر الأطباء فى مجال زراعة الكبد.
• تدريب أطباء جدد
أشار الدكتور محمد الشوبرى نائب مدير مركز جراحة الجهاز الهضمى لدعم الجامعة لمشروع زراعة الكبد من خلال إرسال الأطباء لعدد من الجامعات العالمية لنقل خبرات زراعة الكبد والتجهيزات اللازمة له إلى جامعة المنصورة، مؤكدا ضرورة تدريب مزيد من الأطباء على إجراء هذه العمليات إعمالا بمبدأ تواصل العطاء بين جميع الأجيال من المتخصصين فى زراعة الكبد، بالإضافة لزيادة عدد غرف العمليات. مؤكدا أن جامعة المنصورة قدمت كل الدعم لإنجاح هذا المشروع، عندما أرسلت البعثات إلى فرنسا لاكتساب الخبرة والعمل فى مجال زراعة الكبد، وفى 2003 تم توجه فريق كامل من الجهاز الهضمى لفرنسا لنقل الخبرة إلى مصر، وأضاف الشوبرى: نحن نحتاج إِعَانَة أكثر من الجامعة والمجتمع المدنى لنستمر ونعمل بدل فريق زراعة الكبد يكون عندنا فريقين وثلاثة، وذلك لتزايد عدد الحالات ونريد القضاء على قائمة الانتظار.
• نلتزم بالمعايير الأخلاقية
أوضح الدكتور أحمد عبدالرءوف مدير مركز جراحة الجهاز الهضمى أن النظام والتدريب السليم أهم ما يميز فريق زراعة الكبد. مشيرا لفخر مركز الجهاز الهضمى والجامعة بهذا الفريق لتفوقهم المهني والتزامهم بالمعايير الأخلاقية عند القيام بزراعة الكبد موجها الشكر للجمعية المصرية لمرضى الكبد لمساعدتها مركز الجهاز الهضمى فى أداء مهامه الدكتور أحمد رءوف، رئيس مركز الجهاز الهضمى، واجهنا أزمات كثيرة واستطعنا أن نتجاوز تِلْكَ المشاكل وأهمها نقص الأدوية وخاصة أزمة نقص أدوية المناعة ونطالب رئيس الجامعة بزيادة الدعم المادى حتى نستطيع أن نستمر ونطور، وأضاف: نحن نحلم أن يكون لنا مبنى منفصل لزراعة الكبد ومعهد متخصص للأطفال لأن للأسف عندنا أطفال كتير محتاجة لعمليات زرع.
وتم تكريم أعضاء لجنة القيم، وأعضاء الجمعية المصرية لرعاية مرضى الكبد وفريق الزراعة، والتخدير، والباطنة، والأشعة، والباثولوجى، والمعامل، والصيادلة، والهيئة المعاونة. وهذا أقل ما يمكن ان يتم تقديمه لهؤلاء كل فى مجاله.
• فريق طبى متكامل
وأشار أستاذ الجراحة وأحد أعضاء الفريق الطبى لزراعة الكبد الدكتور عمر فتحى إلى أن هذه الفكرة كانت موجودة منذ أنشأ مركز الجهاز الهضمى عام 1975 وكنت من أول المشاركين بها وكان دكتور غنيم محفزًا لنا، حيث كان قد سبقنا.
الفريق الآن على خبرة عالية جدا وتجرى الآن حالتان فى الأسبوع وأتمنى أن تكون مصر كلها كذلك من فريق طبى متعاون ينتشر فى كل أنحاء مصر، فليس هناك فردية فى العمل الجراحى ولكن يجب أن نتحد لعمل مثل هذه الحالات التى تكون فى حاجة إلى وحدة متكاملة .
فكرنا من الصعب أن يتغير ويتم قبول التبرع من الميت ورغم أن القانون موجود منذ اربع سنوات إلا أنه من الصعب حتى الآن تنفيذ ذلك على أرض الواقع فأنا مثلا موافق على التبرع بأعضائى بعد الموت ولكن من الصعب أن يتقبل الأبناء أو العائلة هذه الفكرة لذلك فنحن فى حاجة إلى مزيد من الوعى لإنقاذ حياة الكثيرين ممن هم فى أمس الحاجة إلى عضو ليستكملوا رحلة حياتهم.
• تفرغ ثلاث سنوات
قال الدكتور أحمد سلطان - جراحة - شاركت فى 2008 وفى هذا الوقت كان قد عمل 60 حالة . سافرت كوريا للتدريب وبالفعل تعلمت الكثير وممتن لكل أعضاء الفريق الذى يصل إلى 30 فرد حاليا وجارٍ تدريب كثير من الأطباء فى الفترة المقبلة، وفى البداية كان مطلوبًا التفرغ الكامل من العمل الخاص لمدة 3 سنوات لخدمة البرنامج، وبالتالى كان هذا جزءًا من التضحية بالإضافة إلى الملازمة للحالة من 9 صباحا وحتى العاشرة مساء وهكذا على مدار حالتين فى الأسبوع ثم استكمال الاهتمام الطبى داخل الرعاية المركزة.
• المريض رقم واحد
أكد الدكتور رامى سعيد، جراحة جهاز هضمى ومناظيرى، أنه تم إرسال فريق من الأطباء بمختلف التخصصات إلى فرنسا للدراسة وكان يأتى إلى مصر للمشاركة فى عملية الزرع.
وقد سافرت فى 2011 إلى كوريا الجنوبية للتدريب فى أعلى مركز فى العالم لزرع الكبد للمتبرع حى أو حديث الوفاة وتم تدريبى لمدة 3 أشهر .
وأضاف: «اتربينا فى المركز أن المريض رقم واحد، وأن كل العناية والاهتمام موجهة إليه. كل حالة تخضع للجنة القيم قبل إجراء الجراحة».
أما عن أغرب حالة فهى أن شخصًا واحدًا فقط من 500 هو من تبرع لزوجته، ولكن الغالب أن السيدات الأكثر تبرعا لأزواجهن.
• الأقل تكلفة والأكثر كفاءة
مركز جراحة الجهاز الهضمى يعتبر من المراكز الطبية المتخصصة التابعة لجامعة المنصورة والذى كانت بدايته من 50 عاما حين قام العالم الدكتور الراحل فاروق عزت أستاذ الجراحة العامة بإنشاء وحدة لجراحة الجهاز الهضمى فى مايو 1976 داخل المستشفى الجامعى بالمنصورة ثم استقل المركز استقلالا ذاتيا فى هذا التخصص وبدأ العمل الطبى به فى 25 أبريل 1992 وأوجد به أحدث الأجهزة الطبية والعلمية حتى صار صرحا علميا مميزا فى مجاله.
وقد -شهد المركز عدة تطورات حيث جاءت المرحلة الأولى فى الفترة من 1976 حتى 1992 وبدأ فيها علاج دوالى المريء ووحدة المناظير ومعمل لدراسة حركية الجهاز الهضمى (1981) ثم المرحلة الثانية التى بدأت من 1992حتى 2000 التى شهدت جراحة المناظير وتطوير معمل الحركية وإنشاء وحدة المناظير للقنوات المرارية ومعمل العلاج بالليزر ثم المرحلة الثالثة فى الفترة من 2000 حتى 2004 وشهدت جراحات الكبد والبنكرياس المتقدمة والمرحلة الرابعة من 2004 حتى 2007 وتشمل نقل الكبد من متبرع حى.
والمركز يقوم باستقبال ما يزيد على 25 ألف مريض سنويا ويقدم لهم خدماته الطبية فى صورة إجراء الأشعة والتحاليل وإجراء عمليات جراحية ما بين استئصال المرارة واستئصال أورام المعدة والقولون والكبد. وكانت نقلة نوعية هائلة حين افتتح المركز وحدة لعمليات زراعة الكبد من متبرع حى، وقد نال المركز سمعة طبية فى هذا المجال بعد أن أجرى أول عملية زرع كبد من متبرع حى بأيدى أطباء المركز عام 2004إلى أن وصل عدد عمليات زرع الكبد حتى الآن 500 حالة كما أن المركز يشهد إجراء حالتى زرع كبد أسبوعيا بخلاف المناظير مشيراً إلى أن هناك برامج لتدريب الأطباء من خارج مصر وهناك وحدة لجراحات السمنة تقوم بعمل أكبر عمليات على مستوى العالم كما أنه يتم استضافة خبراء أجانب بالمركز دائما كما يقوم المركز باستقبال المرضى من مواطنى محافظات الوجه البحرى خصوصا وجميع مواطنى الجمهورية على وجه العموم.
ونجح فى تطوير علاج وجراحة بعض أمراض الجهاز الهضمى مثل جراحة الكبد والبنكرياس والمريء والجهاز المرارى وزراعة الكبد وتشخيص الأورام مبكرا وكذلك تشخيص جميع الفيروسات الكبدية ودلالات الأورام وغيرها كما يقوم المركز بإجراء الجراحات العامة والمتخصصة مثل دوالى المريء وجراحة المعدة وجراحة القنوات المرارية وجراحة القولون وجراحة المريء وجراحة الكبد وجراحة البنكرياس، وجراحات متنوعة وزراعة الكبد من متبرع حى. •