عبد الحليم حافظ فنان لن يتكرر
صحيفة الثورة
شؤون ثقا فية
الخميس 29/3/2007
بشار الفاعوري
نحيي في هذا اليوم الذكرى الثلاثين لوفاة هرم من اهرام الاغنية العربية العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ, الصوت الذي بهر كل من حوله من مطربين ومطربات ومستمعين ومستمعات,
واستطاع المنافسة وتحقيق الشهرة في فترة زمنية قصيرة, ليتربع على عرش الاغنية العاطفية والتي تمثل في جمالها لوحة فسيفسائية باهرة لا زالت تغنى وتسمع وتشاهد حتى اللحظة.
محطات في حياته
عاش عبد الحليم شبانة حياة اليتم في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية بعدما توفت والدته اثناء ولادته, ثم توفى والده لتتولى عمته تربيته ولكن القدر لم يرد ان يمهلها كثيرا الى ان تم ايداعه في ملجأ للأيتام.
حصل حليم على بكالوريوس المعهد العالي للموسيقا العربية قسم التلحين عام ,1948 وعازفا لآلة الابوا وهي آلة شقيقة للكلارينيت , وعمل مدرسا للموسيقا في طنطا والزقازيق والقاهرة, الى ان قدم استقالته, مبتدئا مشواره الفني عن طريق الاذاعة ليعمل في فرقتها, وشاءت الاقدار ان تنعقد في الاذاعة لجنة لسماع اصوات جديدة لاعتمادها لدى الاذاعة المصرية, فتقدم لها حليم ونال اعجاب حافظ عبد الوهاب مدير البرامج الاذاعية والذي يعود الفضل اليه في اكتشافه, فمنحه اسم حافظ بدلا من شبانة للتفرقة بينه وبين أخيه اسماعيل شبانة الذي كان وقتها مطربا معتمدا للاذاعة.
كانت اولى اغانيه صافيني مرة من ألحان محمد الموجي, وتعتبر هذه الاغنية النافذة التي اطل منها حليم الى عالم النجومية, ليزداد ألقه وبريقه سواء في مجال التمثيل الذي قدم فيه ستة عشر فيلما او في مجال الغناء فقد لحن له كبار الملحنين امثال السنباطي ومحمد عبد الوهاب, وكان عبد الحليم والموجي وكمال الطويل ثلاثيا ناجحا في كثير من الاغاني ( على قد الشوق-حبك نار- مشيت على الاشواك-قارئة الفنان) ولحن له بليغ حمدي مثل ( جانا الهوى-زي الهوى-موعود) وغنى لكبار الشعراء امثال نزار قباني وخالد الفيصل وكامل الشناوي وصلاح جاهين .
سر استمرارية عبد الحليم
يصنف عبد الحليم ضمن قائمة المطربين القلائل المؤثرين على الساحة الغنائية العربية حالياًَ, حيث امكن له صوته الدافئ والعذب والمميز بحساسية وتعبيرية خيالية ان يمتد ويصل تأثيره الى ارجاء الوطن العربي كافة محققا اوسع قاعدة جماهيرية عربية حتى اليوم, واذا عدنا الى الاسباب الجوهرية في ذلك فجلها يكمن :
1-ذكاء عبد الحليم واعتماده على الملحنين الشباب كالموجي والطويل وبليغ حمدي فاستطاعوا بألحانهم الطربية الخفيفة او ما يسمى بالاغنية الشبابية ان تؤثر على شباب تلك الفترة وشباب اليوم والمستقبل, حتى ان ام كلثوم استقطبت في اواخر حياتها ملحني حليم وغنت من الحانهم مثل نسيت النوم والف ليلة وليلة, للصبر حدود.
2-دراسته للموسيقى ساعدته على التدخل في الالحان التي تقدم له وتغيير ما لا يتناسب وقدراته الفنية والصوتية بالإضافة الى تميز حليم بصدق التعبير وجودة الاداء وحسن انتقاء كلمات اغانيه والحانها.
3-حيويته المتجددة بالرغم من معاناته للمرض , فغنى الحفلات الحية لمدة تزيد عن ثلاثة وعشرين عاماً, ليس في مصر وحسب بل في اغلب العواصم العربية.
4-امتلك عبد الحليم الى جانب موهبته الغناء موهبة التمثيل فقدم للسينما المصرية روائع افلامها ابتدأها بفيلم لحن الوفاء وانتهاء بأبي فوق الشجرة.
اخيرا
انطفأ شهاب العندليب الساطع يوم 29-3-1977 وهو في سن مبكرة, بعد معاناة طويلة ومريرة مع مرض البلهارسيا التي حطمت كبده وامعاءه , تاركا لنا ولأجيالنا اكثر من ثلاثمائة اغنية تنوعت ما بين الموال والاغنية الخفيفة والقصيدة والاغنية العاطفية, فكان بحق سيد من غنى واروع من مثل واكثرمن التزم بفنه الاصيل الذي طالما متع فيه الناس لفترة طويلة من الزمن, في ظل غياب واضح واكيد لشخصية غنائية لعبد الحليم في زمننا هذا والذي يعيش في حالة مرض وهيجان غنائي مرعب مبتعد عن الاصالة والابداع.