HALIMLOVER ادارة الرابطة
المشاركات : 2769 العمر : 46 النقاط : 3484 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: عبده الحامولي.. الصوت الجميل الأربعاء 3 فبراير 2010 - 12:57 | |
|
عبده الحامولي.. الصوت الجميل
عبده الحامولي مطرب مصري قديم عاش في القرن 19 عُرف بجمال الصوت الباهر, وبروعة الغناء والطرب الاصيل.. واعتبر استاذ الجيل في الزمن الذي عاش فيه (1845 – 1900). وكان لصوت عبده الحامولي فعل السحر في الناس وقد تحدث عنه اصحابه فقالوا بما يشبه الخيال: ان عبده كان اذا غنى احسّ الناس كأن رائحة من الورد والياسمين وغيرهما من الازهار قد اختلط عبقها وانتشر اريجها في جو المكان فكان تأثيره في الناس كتأثير السحر.. ولقد وصفه الشاعر (احمد شوقي) الذي عاصره ونظم له شيئا من زجله وشعره ورافقه في ايام الخديوي توفيق بن اسماعيل فقال فيه يرثيه: ساجع الشرق طار من اوكاره وتولى فن على آثاره زفرات كأنها بث قيس في معاني الهوى وفي اخباره فجع الناس يوم مات الحمولي بدواء الهموم في فراره ونقرأ من كتاب (رواد النغم العربي) لمؤلفه عاشق الغناء والشعر والفن (احمد الجندي) عن الحامولي انه كان قد ولد لاسرة من التجار.. وعندما شب اراد والده ان يجعله تاجرا.. وكانت روحه تعيش مع الالحان والاصوات الجميلة.. فسمع ان في القاهرة كل ما هو مثير من طرب وغناء وموسيقى فقرر في الخفاء ان يسافر من بلده طنطا الى عاصمة الفنون.. فخرج من الدار ماشيا على قدميه ومشى متجها صوب القاهرة, ولم يكد يقطع مسافة طويلة حتى فوجئ باخيه الاكبر يلحق به, فقد استيقظ الاخ ليرى فراش اخيه عبده خاليا فجن جنونه, وكان يعلم ان اخاه يفكر جديا بالانتقال الى القاهرة فلحق به ومعه صرة من اشيائه فخاف عبده ان يعترضه اخوه ولكن اخاه ينوي النية ذاتها.. وفي القاهرة يتعرفان على عازف للقانون معروف في المنطقة اسمه المعلم شعبان, وعندما يسمع صوت الشاب الصغير (عبده) يطير من الفرح ويدرك انه عثر على جوهرة نادرة المثال فيأخذ بتدريبه وتعليمه, فوجد عنده أُذنا صاغية وموهبة واعية.. وما لبث ان استأجر المعلم شعبان مقهى يدعى مقهى (عثمان آغا) يقع في حديقة الازبكية ويستعين بفرقة موسيقية واصبحا يغنيان معا الى ان برزت موهبة الحامولي فلفتت الانظار واستأثرت بانتباه الناس.. حتى راح الشاب الصغير عبده منذئذ يغني وحده ويكتفي المعلم شعبان بالعزف على القانون بجانبه. ويبلغ عبده الحامولي حد النضج بحفظه الكثير من الادوار والموشحات والقدود الحلبية التي وردت الى مصر عن طريق رجل تركي اسمه (شاكرافندي) جاء من حلب الى القاهرة وهو يحمل بضاعة كبيرة من التراث والموسيقى الحلبي والاندلسي الاصل.. وكانت حلب وريثة الموسيقى الاندلسية التي امتزجت بالموسيقى الفارسية والتركية والبيزنطية.. لكن الحامولي لم يكتف بذلك فقط فقد قام بعبقريته الفنية بالتجديد والتحسين والاختراع للالحان.
عطف الخديوي
كان سيد البلاد في تلك الفترة في مصر الخديوي اسماعيل الذي احب التقدم في كل شيء.. كان له عطف على الفن بشكل خاص, وهذا ما جعله راعيا وكافلا للمطرب الشاب الحامولي, فكان مطربه الخاص في افراح القصر واحتفالاته, وكان المطرب النابغ اشبه بالمرافق للخديوي العظيم الشأن حتى اخذ بعض الناس يدعونه (عبده بك) وان لم يأخذ هذه الرتبة بالفعل. وكان الخديوي اسماعيل كثير الاسفار الى القسطنطينية دار الخلافة بحكم ارتباطه الاداري والسياسي بالخليفة العثماني, وقد اصطحب ذات مرة المطرب الشاب معه وغنى امام الخليفة السلطان فاعجب به كما اعجب به كل من سمعه, فقد كان صوت عبد واداؤه يغريان بالسماع فعلا.. لكنه سمع هو ايضا من المطربين الاتراك نغمات لم تكن معروفة في مصر او في البلاد العربية مثل النهاوند والكرد والحجاز والعجم, فلما عاد الى مصر ادخل هذه النغمات على غناه فبدا شيئا طريفا معجباً. وكان الحامولي مشهورا باناقته وجمال صورته, وكان قد تزوج عدة مرات منهم المطربة (ألمظ) وقد توفيت في حياته ورثاها بهذا الدور وهو من نظمه وتلحينه وغنائه: شربت الدمع من بعد التصافي ومر الحال ما اعرفتش اصافي يغيب النوم وافكاري توافي عدمت الوصل يا قلبي عليّ على عيني بعاد الحلو ساعة ولكن للقضا سمعا وطاعة لان الروح في الدنيا وداعة عدمت الوصل يا قلبي عليّ وتأبى ضريبة الفن الا ان تحاسب الحامولي حسابا عسيرا.. فان الفن الذي كان يعطيه للناس انما كان ينتزعه من روحه, فالفنان كما يعرف اكثر الناس انما يقدم للناس عصارة روحه.. فالبيت من الشعر والنغمة في الغناء, واللمحة في الصورة تكلف صاحبها ضنى وعذابا وتعبا وارهاقا يقصر العمر ويختصر الحياة, وذلك ما وقع للحامولي.. فقد كان يسهر ويغني ويبتكر اثناء غنائه.. فيقدم احساسه وشعوره في آهاته ولياليه الى ان ضعف جسمه فهاجمه داء (السل) الذي كان كثير الانتشار تلك الايام لفقدان دوائه (علاجه). ومع هذا المرض لم يستطع الحامولي تغيير أي شئ من حياته.. ولو اراد ذلك لما تركه الناس يستريح او يستجم!! حتى استشرى به الداء فمات في مشفى من مشافي مدينة حلوان قرب القاهرة.. وذلك في صباح اليوم الثاني عشر من شهر ايار لعام (1901) وكان عمره (59) عاما رحمه الله. ومن ادواره الشهيرة التي لحنها وغناها مطربنا مثلا: انت فريد في الحسن ولك جمالك يا حلو واصل وكيد الاعادي يكفي دلالك مين علمك ع الدلال وإلاّ داه طبعك كوى فؤادي الجبين والخال واحكم بشرعك؟ وله دور آخر مشهور من نغمة العراق ومنه مثلا: لسان الدمع افصح من بياني وانت في الفؤاد لا بد تعلم هويتك والهوى لاجلك هواني ولكن كل داه ما كانش يلزم. | |
|