[b]
من مجلة السينما والناس
بقلم مصطفى درويش
كان يوم 5 يونيو 67 يوم الهول والذهول كما قال عنه المفكر الكبير زكى نجيب محمود وقتها كنت اشغل مركز مدير الرقابة على المصنفات الفنية وكانت السينما فى مصر على وشك النهوض من كبوة استمرت سنوات طوال ومن تباشير النهضة انه قبل يوم الهول والذهول كان يجرى الاعداد لانتاج افلام رفيعة المستوى ماخوذة عن اعمال لادباء مصريين كبار ومن بين هذه الافلام البوسطجى لصاحبه حسين كمال وهو ثانى فيلم له بعد المستحيل وبفضله توج كمال بجائزة الاخراج الاولى حتى ان اسمه اصبح حسب قول يحيى حقى صاحب البوسطجى وقنديل ام هاشم من الاسماء التى تعلق عليها اكبر الامال وجرى عرض هذا الفيلم يوم 15 يونيو 68 اى بعد يوم الهول بسنة الاقليلا وقبل اعفائى من رئاسة الرقابة بتسع ايام وفى هذه الاثناء وبفضل الشهرة اخذ نجم مخرج البوسطجى فى الصعود فبدا التهافت عليه من قبل المنتجين وكتاب السيناريو ومشاهير المطربين والمطربات بدءا من شادية عندما اخرج لها شى من الخوف ونحن لانزرع الشوك وانتهاء بالعندليب وانطلقت شائعات تقول ان ثمة سيناريو فيه من الابتكار الشى الكثير يجرى تاليفه من اجل العندليب وان ترجمة ذلك الى لغة السينما ستسند حتما لحسين كمال المخرج الصاعد وسرعان مااستبان لى ان كل ماقيل فى شان السيناريو والمخرج والعندليب لم يكن مجرد شائعات انما حقائق ساندها طلب رخيص رقابى مرفقا به سيناريو لفيلم مزمع انتاجه تحت اسم ابى فوق الشجرة وكان السيناريو من تاليف ثلاثة لايجمع بينهم لافكر ولاسلوب حياة واحد وهم احسان عبد القدوس وسعد الدين وهبة ويوسف فرنسيس ووقتها كان الاخير المشرف الفنى على نشرة نادى السينما التى كانت قد بدات عروضه فى مسهل سنة 68 بقاعة ايوارت بمبنى الجامعة الامريكية وبحكم اننى كنت عضوا فى مجلس ادارة ذلك النادى ومشرفا على اعداد نشرته الاسبوعية فقد كنت على اتصال دوما بيوسف فرنسيس ولانه واحد من كتاب السيناريو الثلاثة ولان بطولة الفيلم ستنعقد للعندليب فقد اسرع الرقباء بقراءة السيناريو وكالمعتاد جنح بهم الحذر الى القول بانه مشوب بماخذ جسام فقد كان هناك ماخذين اولهما انه يدور فى ملهى ليلى وثانيهما ان بطل الفيلم العندليب وقع فى حب بائعة الهوى والتى لعبت دورها نادية لطفى ولم اعر هذا الماخذ التفاتا وذلك لان الرقابة وقتها كانت تنتهج نهجا جديدا جوهره الرخصة عن ثقة والمنع فى اضيق الحدود فضلا عن ان الرقابة سبق لها ان اجازت افلام من هذا النوع كالثلاثية الشهيرة للاديب الكبير نجيب محفوظ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية
يبقى لى ان اقول ان السيناريو لم يكن به هذا العدد المهول من القبلات وكانت احد اسباب نجاح الفيلم نجاحا منقطع النظير ولست ادرى هل لوكان قد تضمنها السيناريو كنت ساجنح الى تخفيض عددها ام لا لست ادرى