[b]
من مجلة الفن
ان السينما التى بداها محمد عبد الوهاب وغيره من المطربين وعبرت عن شخصيات غنائية ذات اصوات جميلة لان العصر الذى ظهر فيه كان عصرا ورديا وكانت الافلام قبل حليم تهتم بالاغنية دون التطور الدرامى لموضوع الفيلم وكان ذلك واضحا فى افلام عبد الوهاب بداية من الوردة البيضاء الى لست ملاكا وفى الوقت الذى قدم فيه شخصية قمة فى الانكسار نجد ان افلام فريد الاطرش اختلفت فكانت تتجه الى الانسان الحزين الذى ضاعت منه فرص الحب وبكى فى اغنياته وكانت كلها مشاكل فردية وهناك المطرب الكحلاوى يعتبر نموذجا مختلا حيث كانت الجماهير تنظر الى المطرب على انه الشخص الذى يغنى وتود رؤيته فى حالة غناء ونموذج اخر اختلف عن اسلوب افلام العندليب هو افلام المطرب محمد فوزى فقد قدم نماذج الانسان المصرى البسيط خفيف الدم الذى سخر اغانيه فى مواقف درامية
وسر نجاح افلام حليم انها مختلفة عمن سبقوه فى تقديم شخصية تتعاطف معها جماهير وعشاق السينما لان الشخص المنكسر الضعيف التى كسرته الحاجة والصحة تمثل قطاعا كبيرا من جماهير السينما لانها تبعث الامل من داخله واجتازت الصعاب وصعدت الى قمة اهدافها
ومن الاسباب الاخرى جاءت فى تكوين حليم حيث انه شاب وسيم اسمر نحيل قادم من خطوط الفقر الذى لايعرف سوى الحب والرومانسية والتضحية لذلك اخترق العقول ودخل الى قلوب الناس بسرعة لانها شخصية حملت سمات هائلة يبحث عنها شباب الجيل
ومن الاسباب ايضا ان الشخصيات التى جسدها حليم لم تعرق الرذيلة ولا الوقوع فى الخطيئة وهى شخصية اخلاقية وهذا النوع يعيش فى اعماق الانسان المصرى لانها تراعى التقاليد كما انه كان يمثل الوقار لدى الشاب المصرى
واختياره لرويات كبار الادباء فى ذلك الوقت مثل احسان عبد القدوس والذى كان اكثر قربا من جيل الشباب وكذلك روايات مصطفى وعلى امين ويوسف السباعى ولم تكن سمة الانكسار هى السمة الوحيدة لافلام حليم ولكن هناك شخصية الفقير المحتاج كانت سمة ثابتة وقدم هذه الشخصية فى سبع افلام وهى لحن الوفاء وايامنا الحلوة الذى قدم خلطة فنية من المليودراما الغنائية التى كانت جديدة وفيلم ليالى الحب ودليلة وشارع الحب وحكاية حب الذى استغل فيه حلمى حليم قصة مرض حليم وشائعة وفاته حيث قدمه فى الفيلم وفيلم معبودة الجماهير
وهناك فيلم الوسادة الخالية الذى قدم شخصية فى دائرة الاسرة المتوسطة ولكنها داخل دائرة الانكسار حيث انه لم يستطع تحقيق حلمه فى الحب الاول وقد حققت الشخصية اقبالا كبيرا لدى قطاع كبير من جيل المراهقين والشباب لان الفيلم تم انتاجه فى مرحلة التطبيق الاشتراكى فى مصر والذى كان العقل والمنطق هما الاسلوب السائد ولم تكن العواطف والحب فى المقام الاول
والفيلم الثانى الذى اثبت مرحلة الانكسار فى الادوار هو فيلم الخطايا وحالات الانكسار تكررت فى عدد من الافلام مهنا يوم من عمرى وفيلم ابى فوق الشجرة حيث ابتعد عنه اصدقاؤه بعد ان صا مصاحبا للراقصة وتكررت حالة الانكسار فى فيلم البنات والصيف حيث شاهد حبيته تذهب مع الشاب الذى اختارته فى سيارته
وكانت الاغنيات تدل على حزنه الانسانى حيث يعبر بها عن الامه وحزنه ومشاعر الانكسار التى تنتابه وكان يمثل شخصية العاشق الذى يحترق من اجل نفسه وبسبب حبيبته
وفى كل فيلم من الافلام التى قام بببطولتها حليم كان يقدم اغانى تعبر عن المرحلة ففى مرحلة المعاناة والفقر غنى فى شارع الحب الليالى يدافع فيها عن كرامته ونعم ياحبيبى عندما صعد سلم المجد وفى فيلم معبودة الجماهير غنى لست قلبى وايضا بلاش عتاب
وبدات حالة الانكسار عند حليم من خلال اغنيةفى يوم فى شهر فى حكاية حب بعد ان فرق المرض بينه وبين حبيبته واغنية راح فى البنات والصيف
ومن حسن حظ حليم انه عاش فى زمن الفن الجميل والذى كان يسيطر عليه الابداع والثقافة فقد عاش فى زمن احسان عبد القدوس ومصطفى امين عز الدين ذو الفقار وصلاح ابوسيف وشادية وصباح وندية لطفى ومرسى جميل عزيز ومامون الشناوى ومحمد عبد الوهاب والموجى والطويل وبليغ وغيرهم من عمالقة الفن الجميل
ولقد ساعدت كل هذه العوامل فى نجاح العندليب فى الافلام التى قدمها والتى قدم فيها شخصيتين قريبتين من عقول وقلوب الجماهير وهى شخصية الفقير والمنكسر ومن اجل هذا كان السر فى بقاء المطرب والممثل الراحل عبد الحليم حافظ والذى كان ومازال رغم رحيله نموذجا فريدا لم يتكرر لاختلافه عمن سبقوه ولحقوه فهو عاش على القمة ومازال على القمة وسيظل على القمة يرحمه الله