[b]
من مجلة الموعد مارس 2012
وبقلم الصحفى الكبير محمد بديع سربية وقد نشر فى عام 62
كلما جاء الصيف حمل العندليب حقائبه وطار الى الاسكندرية ليمضى فيها اياما يحاول عبثا ان يخلد خلالها الى الراحة والهدوء
وحليم اليوم لايكاد ان يصل الى الاسكندرية حتى تخرج المدينة للقائه ويتسابق شبابها وفتياتها لرؤيته والحصول على صورة منه للذكرى
ولكن قبل سنوات ماضيات هل كانت الاسكندرية ترسم الضحكة على وجهها وهى تستقبل المطرب النحيل الذى جاء من القاهرة ليبحث عن المجد فيها
فقبل سنوات كان حليم ياتى الى الاسكندرية فلايحس به احد ولاتتزاحم حولح المعجبين والمعجبات
وزمان كان حليم يصعد اول درجة فى سلم الغناء عندما جاءته فرصة الظهور على المسرح بصورة تلقائية وعفوية
ذلك المتعهد الذين يقولون انه كان السبب الاول فى خلق شهرة عبد الوهاب وام كلثوم صديق احمد دعاه اليه ووقع معه عقد للعمل فى احد كازينوهات الشاطى السكندرى الباسم
وفى يوم الافتتاح كان اول من حضر الى المسرح الملحنان كمال الطويل والموجى واللذان جلسا فى الصف الاول ووراء الكواليس كان حليم يتدرب مع الفرقة الموسيقية وكان هادئا وطبيعيا واعلن المذيع عن المطرب الجديد عبد الحليم حافظ فلم يصفق احد من الناس ووقف الفتى الاسمر الرقيق على المسرح وغنى بتقوللى بكرة سلامات ازيكم فلم يصفق الناس واسدل الستار عليه ووراء الكواليس كان المتعهد ينتظره وقال له انت يااخينا انت كنت بتغنى يابانى فقال حليم دى اغانى الخاصة فرد عليه المتعهد اغانيك الخاصة دى ماتنفعش انت لازم تغنى اغانى مشهورة مثل اغانى عبد الوهاب مثلا ولكن حليم قال له انا صاحب لون جديد وماحبش اقلد حد وقال انا احب عبد الوهاب وكل اغانيه احفظها واعتبره موسيقار الجيل ولكن انا انسان لى تفكيرى الخاص واريد ان اكون لنفسى شخصية مستقلة لاتكون ظلا لشخصية عبد الوهاب وقال له المتعهد انا اريد ان اوفعليك المشاق التى ستتكبدها فيما لو صممت على مواصلة طريقك بالحاجات الخاصة بتاعتك يابنى الجمهور مش عاوز كدة فصاح حليم لاتظلم الجمهور فرد المتعهد بسرعة تقد تقولى ليه نام الجمهور وانت بتغنى فقال حليم الجمهور الذى نام سيتيقظ يوما وسيقبل على تذوق اللون الجديد
وخرج حليم الى الطريق وعند الباب كان ينتظره الموجى والطويل وقد علا وجهيهما الاصفرار ومشى الثلاثة على كورنيش الاسكندرية صامتين ساكنين وقال الموجى الظاهر ياعبده احنا فشلنا فقال حليم من قال اننا فشلنا لايمكن ان نفشل وانا واثق من النجاح وكان حليم يقول كل هذا وكانه يقرا معالم مستقبله على لوحة القدر
ومرت الايام وتحققت ارادة العندليب فلم يعد يدخل الاسكندرية الا وسط مظاهرة من المعجبين والمعجبات