فعلا يااستاذ اغنية الاطلال حفل المغرب ابدعت ام كلثوم فيه وتفوقت على نفسها كعادتها دائماولانى اعشق هذه الاغنية فهذا تحليل بسيط للاطلال:
قال أحد النقاد: لو لم تغن أم كلثوم غير الأطلال لكفتها، ووضعتها جريدة (لو موند الفرنسية) في المركز الثاني ضمن أعظم مئة عمل موسيقي بعد سيمفوينة بيتهوفن التاسعة.
يا فؤادي رحم الله الهوى كان صرحا من خيال فهوى
قصيدة الأطلال، تلك التي كتبها إبراهيم ناجي وتمنى أن تغنيها أم كلثوم.. تلك الأمنية التي لم تتحقق إلا بعد ثلاثة عشر عاما من وفاة الشاعر فقد غنتها أم كلثوم عام 1966 بعد فترة من توقفها عن غناء القصائد وانشغالها (بالطقاطيق)، مما صرف الجمهور نوعا ما عن قصائدها وجعل من الأطلال اختبارا صعبا لأم كلثوم.
رحم الله الهوى
فكيف يستطيع الجمهور استيعاب قصيدة عاطفية تبدأ بفكرة الموت.
مع العلم أن الغالب في هذه الأحوال يقضي بفكرة الرحمة على الأموات مما قد يؤدي إلى فشل القصيدة
فاستبدلت (لا تسل أين الهوى) بـ(رحم الله الهوى)
وعلى هذا النحو خرجت القصيدة إلى الجمهور في إبريل 1966، وهو حفل أم كلثوم الأول الذي لم يشارك فيه محمد القصبجي لوفاته قبل ذلك بأيام في 25 مارس من من نفس السنة وترك مكان عازف العود في هذا الحفل خاليا إلى أن شغله محمود كامل بعد ذلك بزمن.
ومثلما كانت هناك مشكلة في الكلمات فقد وضع السنباطي لحنا ملئيا بالمشاكل يكاد لا يصلح إلا لأم كلثوم بداية من (مقام الهزام) المهجور حاليا المغرق في الشرقية الذي بدأ عليه الغناء ووضع مقدمة اللحن في( أسلوب الأدليب) وهو أسلوب التقسيم الحر المتحرر من قيود الزمن الذي يتحكم عادة في تقسيم اللحن فجاءت المقدمة خارج كل الحدود إلا حدود المقام الملحنة عليه.
يبدأ اللحن بدخول من (آلات التشلو والفيولينة) يعقبه دخول القانون الذي يعزفه (عبد الفتاح منسي) الملقب بالأسطول وايضا العظيم العبقرو محمد عبده صالح صاحب التقاسيم المميزة فى الحان ام كلثوم بتقسيمة حرة في (مقام الراست) وترد عليه الفرقة ثم تدحل لازمة قصيرة بمصاحبة إيقاعية على مقام النهاوند تعود الفرقة للتقسيم على المقام مسلمة لدخول القانون بتقسيمة أخرى تستكمل الفرقة جملتها اللحنية بعدها بتسليمة لبداية الغناء لتدخل أم كلثوم في نفس أسلوب الأدليب تصاحبها الفرقة بلحن اول بيتين من (مقام الهزام) تلمس بعدها (مقام الراست) في كيف ذاك الحب تعود بعدها إلى الهزام حتى البيت.
أين في عيني حبيب
و(اللازمة) هي ما يعزف من الموسيقى أثناء سكوت المطرب بين الأغصان (الكوبليهات( أما (التسليمة) فهي اخر جزء من المقدمة الموسيقية أو من اللازمة والذي يعاد لتجهيز المغني لبداية الغناء.
بعد ذلك يدخل الإيقاع للمرة الاولى في لازمة المقطع الثاني التي وضعها السنباطي بداية في النهاوند ونهاية في مقام الصبا أشد المقامات العربية حزنا وعلى إيقاع الوحدة الكبيرة بلحن تدخل بعده أم كلثوم..
يا حبيبا زرت يوما أيكه
ثم ينقلب الإيقاع إلى المقسوم وهو أحد الإيقاعات العربية الراقصة الشهيرة (واحده ونص) في وحنيني لك يكوي أضلعي ثم تعود إلى الوحدة الكبيرة في الشطر الثاني من البيت ليعود المقسوم مرة أخرى في البيت التالي الغصن التالي وضعه السنباطي في مقام النهاوند وهو المقابل للمقام الصغير في الموسيقى العالمية بشكل صريح فلم يخرج عنه وإن جاء إيقاعه سريعا نوعا ما وتشترك في عزفه كل الفرقة وتدخل أم كلثوم بالغناء سريعا.
أعطني حريتي أطلق يديا
يعود لإيقاع الوحدة الكبيرة في..
اه من قيدك
يتجه بعد ذلك إلى مقام الراست في
ما احتفاظي بعهود لم تصنها
ويستمر معه حتى نهاية البيت الغصن الثالث وضعت لازمته في مقام الراست وإن بدأت بلمس لمقام الحجاز على نفس الإيقاع السريع الذي بدأ به الغصن الثاني. تتدخل أم كلثوم بالغناء بعدها على الوحدة الكبيرة.
أين من عيني حبيب
ينقلب إلى مقسوم في (واثق الخطوة يمشي ملكا) يعود إلى الوحدة الكبيرة في (ظالم الحسن) ينقلب إلى مقسوم في ذائب الطرف التي يلمس فيها مقام الحجاز مرة ثانية ليتوقف بعدها الإيقاع ثم يدخل القانون بتقسيمة تتجه من مقامات الحجاز والنهاوند والكرد الذي تستقر عليه وتؤكده الفرقة لتغني عليه أم كلثوم أدليبا بمصاحبة الفرقة للحن البيت.
اين مني مجلس أنت به
تعقبه لزمة قصيرة على مقام الكرد ثم تتابع الأبيات في بعض من أروع جمل القصيدة الموسيقية لحنا من السنباطي في ارتفاع اللحن في( وفراش حائر) وهبوطا على المقام في (منك دنا).
وغناء من أم كلثوم في تعبيرها الصوتي المرتفع وهبوطها باقتدار مع نهاية البيت تتحول بعده إلى مقام الراست في (ومن الشوق رسول بيننا)حيث تستقر الموسيقى على مقام الراست مع نهاية البيت ليدخل الإيقاع المقسوم الراقص ذاته متأخرا عن بداية غناء أم كلثوم على مقام الهزام.
هل رأى الحب سكارى مثلنا
يتجه للنهاوند في (ومشينا في طريق مقمر) يعود إلى الهزام في (وعدونا فسبقنا ظلنا تأتي بعدها لزمة في المقام نفسه لتهدئة كل هذا الجو الراقص حيث يصمت الجميع وتأتي مرحلة البكاء.
انفراد أحمد الحفناوي وعباس فؤاد بتقسيمة فيولينة وتشلو من مقام النهاوند تعيدها الفرقة لتدخل أم كلثوم فجأة بصوت عال يشبه الإنذار القدري.
وانتبهنا بعدما زال الرحيق
ترد الوتريات مرتعشة لتدخل أم كلثوم بانكسار..
وأفقنا ليت ألا نفيق
تستقر الفرقة على نغمة واحدة وكأنما تسأل: ماذا حدث؟ وتتركها لتجيب بألم:
يقظة طاحت بأحلام الكرى* وتولى الليل والليل صديق
يتصاعد بعدها صوتها مع تصاعد لحن آخر من مقام البياتي مع استمرار ارتعاش الوتريات:
وإذا النور لهيب طالع
تعود إلى النهاوند ومازالت الوتريات مرتعشة:
وإذا الفجر مطل كالحريق
تعود بعد صمت إلى البياتي وقد أوشك الجو كله على البكاء (وإذا الدنيا كما نعرفها) تعود بصراخ إلى البياتي: (وإذا الأحباب كل في طريق) يتهاوى معها صوتها تدريجيا في لازمة تتصاعد بعدها في (ايها الساهر تغفو) تنتهي تقريبا بموت الحالة في جد بالتذكار جرح ثم تصيح في أسلوب تحذيري عائدة إلى الهزام الذي بدأت به فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو
ليدخل لحن راقص على المقسوم في نفس المقام تدخل بعده أم كلثوم على مقام النهاوند بمصاحبة إيقاع الوحدة الكبيرة تسليما بنهاية القصة:
يا حبيبي كل شيء بقضاء
يمهد للعودة إلى الهزام في ومضى كل إلى غايته ليستقر على أساس مقام الهزام مؤكده العودة مع نهاية القصيدة في فإن الحظ شاء ويتسمر نفس أم كلثوم حتى يستعرض المقام صعودا وهبوطا ليستقر حيث بدأ بينما أم كلثوم مازالت على القمة بينما يصاحب تلك الجملة الأخيرة إيقاع الزار
في واحدة من أصعب القصائد المغناة في تاريخ الموسيقى العربية.
كتب أحد النقاد رثاء في ذكرى ابراهيم ناجي قال فيه: الآن تستعد أم كلثوم لغناء الأطلال.وشكرا جزيلا يااستاذ اسامة على هذا التسجيل النادر ونطمع فى المزيد.