فى مجلة(صباح الخير)31 مارس 1994 -من عبد الحليم حافظ الى فتحى غانم 000قررت أن أكون عاقلا00000النص الكامل للرسالة الأخيرة التى ظلت مخبأة 17 عاما(بعد سبعة عشر عاما من رحيل عبد الحليم حافظ 00يخرج هذا الخطاب الخاص جدا الى النور000الخطاب أرسله عبد الحليم حافظ من سرير المرض فى المستشفى بلندن الى صديقه الكاتب الكبير فتحى غانم 000بعد أيام من وصول الخطاب 000رحل عبد الحليم حافظ عن عالمنا 00و كانت صدمة المفاجأة قاسية على الجميع 00و لم يشأ فتحى غانم أن يكشف سر هذا الخطاب الأخير 00و ظل الخطاب كامنا ضمن أوراقه الخاصة كجزء عزيز من ذكريات رحلة الأدب و الفن و الصحافة و كقطعة غالية من مشاعر و تأملات عبد الحليم حافظ فى أيامه الأخيرة كتبها بصدق و حساسية بالغة يفضفض فيها لصديق حميم عن اكتشافه الأخير و قراره الأخير 00و استأذنت (صباح الخير)الكاتب فتحى غانم 00أن يفرج عن هذا الخطاب 00و لم يخذلنا للحظة00(أخى الحبيب00كل الشوق و كل الحب أبعثهما لك و أنا جالس وحدى فى حجرتى فى المستشفى بلندن 00الشعور بالوحدة ينتابنى رغم أنى أتلقى فى اليوم ما لا يقل عن 200 خطاب و حوالى 200 برقية و كلها دعوات من قلوب طيبة لا تعرف الا الصدق و محادثات تليفونية من كل البلاد العربية 00و رغم كل الحب الذى غمرنى به اخوانى الفنانون و أصدقائى و أهلى قبل سفرى فقد كنت أحس أحيانا أنى وحيد و حاولت كل جهدى أن أجد تعليلا لذلك فلم أستطع و أخيرا و بعد تفكير طويل تأملت فوجدت أن الوحدة فى نفسى أنا و عرفت أن الانسان يستطيع أن يخلق بنفسه أشياء لا مظهر لها فى حياته أبدا00فكل يوم عندى أصدقاء هنا فى حجرتى و أصدقاء من التلغرافات و الحكايات و التليفونات و هناك أهلى و زملائى و كل الناس 00فمظهر الوحدة أو الوحدة نفسها غير موجودة فى حياتى و تأملت أيامى كلها من يوم ولدت الى يومى هذا فاأحسست بوحدة كبيرة تعيش فى أيامى الأولى فقد كنت دائما وحيدا رغم حب اخوتى لى حبا صادقا و اظهارهم هذا الحب بكل معنى و تدليلهم لى و عطفهم علىّّ كل ما أطلبه تحت يدى فى الحال 00و رغم هذا كنت أحس أنى بعيد بعيد جدا 00أسير فى طريقى وحدى منطويا عل نفسى أسجن داخلها كل حنانى الى أمى التى ماتت يوم ولادتى وأبى الذى مات بعدها 00هذه هى وحدتى كما استطعت أن أحددها من بين معالم أيامى و أنا صغير و أعتقد أنها هى التى كانت تجعلنى أحس أحيانا أنى وحيد و الانسان اذا حاول أن يفكر تفكيرا سليما و أن يبحث فى الأعماق البعيدة من نفسه عن الشىء الذى يحسه يجد أن شعاعا مضيئا من فكره و غقله و روحه ينير له الطريق الى هذه النفس و يرى الحقيقة من خلال هذا الشعاع المضىء من التفكير السليم 00لقد عرفت أنى لم أكن وحيدا أبدا دائما حولى أهلى أحبهم و يحبوننى و دائما حولى أصدقائى أحبهم و يحبوننى و دائما حولى و حول فنى كل الناس و أنا أحبهم و أعمل من أجلهم لابد أن أكون عاقلا فى خطواتى فى الحياة و قد قررت أن أكون عاقلا-(حليم))