[b]
من كتاب صديقى الموعود بالعذاب
لم يختلف اثنان على ان حليم كان يحيا ويتنفس ويتعذب ويغنى ويجامل
وكانت المجاملات جزءا اساسيا فى طقوس حياته كان يجد نفسه فى المجاملة لانه يبحث عن الدف فى العيون وقال له كامل الشناوى انت لاتحسن الكذب بمثل ماتحسن المجاملات
ان اليتم العاطفى الذى عاشه حليم كان يدفعه للمجاملات على حساب صحته ليحصل على العائد المعنوى الصغير من ابتسامات ودعوات وفى اجندته الخاصة يكتب اسماء اصدقائه او معارفه واسماء زوجاتهم واحيانا شقيقاتهم واسماء الاولاد والبنات واعياد ميلادهم والزواج وكان يفاجى من يعرفهم بمعلومات غريبة مثلا يساله عن ابنته نوران ويقول له وعملت عملية اللوز والا لسة واحيانا يسال زوجة الصديق عن شقيقتها خلصت الماجستير وعقبال الدكتوراه بس معقولة واحدة حلوة ورقيقة تجرى ابحاث فى الكيمياء الصناعية وفى الاجندة كان يكتب امام اسماء اصدقائه ومعارفه ارقام تليفوناتهم فى البيت والعمل والعزبة وعناوينهم فى المصيف وعناوين اصدقائهم فى الشاليهات الاخرى اذ كان يلذ له ان يفاجى معار فه فى اىمكان حيث لايتوقعون هذه الزيارة ويجلس على الارض ويطلب قطعة من الجبن الابيض ولقمة عيش ناشفة ويخاطب الكل صغارا وكبارا باسمائهم فيستولى عليهم وكان يحتفظ بمفكرات صغيرة مدونة فيها معلومات كاملة عن معارفه فى اوروبا مفكرة عن لندن واخرى فى باريس وثالثة عن فرانكفورت وكان دائما ياتى محملا بالهدايا وكان مبتكرا فى هداياه وكان يحس ان هديته الصغيرة بعد ذلك هى سعادة الصغار والكبار وكانت تسعده دعوات الجدات وقد اتقن معاملتهن وكان يجلس بجوار اية جدة ويدندن امرك ياسيدى
وكان يلذ له ان يهدى الامهات طقم ملابس المولود الاول
واراد مرة ان يقدم هدية لجلالة ملك المغرب الذى كانت تربطه به صداقة عميقة فذهب الى صائغ فرنسى وطلب منه ان يطبع بالذهب الحروف الاولى من اسم الملك الحسن على اوراق اللعب التى يحتفظ بكمية كبيرة منها كهواية واراد مرة ان يقدم هدية لاميرة سعودية فاشترى قطعة من الماس ماكادت تراها حتى اغمى عليها صحيح كان بعض اصدقائه من الاثرياء العرب يقدمون له الهدايا فكان يرد بمثلها واكثر
وكانت الادوية هى هداياه الخاصة التى لايتردد فى احضاره معه لاصحابها وكان يقدم للزوجات الحقن النادرة وللاطفال ادوية الاسهال النادرة
ومن مجاملات العندليب حضور المناسبات الخاصة للغناء وكان يبدا بمجاملة اعضاء فرقته الموسيقية يليها الاصدقاء فالمعارف فرجال السياسة فاقاربه وكان يذهب ليغنى بدون فرقةموسيقية وكان يغنى فى سهرات المجاملة ويعزف الموسيقى بفمه وكان يشدو بلا ميكرفون وكان ضعيفا امام رغبات الامهات والجدات لم يرفض طلبا لواحدة منهن وكانه يلبى رغبة امه التى لم يرها
وفى حفل عيد ميلاد الملك الحسن اعد اغنية خاصة كتبها مرسى جميل عزيو ولحنها بليغ وفاجا بها صديقه الكبير غناها حليم فى قصر الملك على انغام بليغ حمدى الماء والخضرة والوجه الحسن وجلس الملك مبهورا وقام وعانقه
وحين اعلن زواج ابنة جمال عبد الناصر هدى من حاتم صادق طلب حليم من الرئيس الراحل ان يشارك فى المناسبة وابلغ صديقه سامى شرف بهذه الرغبة وكانت النتيجة الموافقة وبسرعة شديدة اعد حليم الاغنية من كلمات حسين السيد والحان منير مراد ليشارك بها فى هذه المناسبة
وكانت سعادة حليم فى معاشرة كل الاوساط كان له اصدقاء امراءوسفراء ووزراء ونجوم كرة ونجوم فن وعائلات ريقة فى العجمى مثلا كانت تربطه صداقة باسرة بلبع وهى من عائلات الاسكندرية الكبيرة وكانت تربطه صداقة باسرة عادل امام وكان حليم يقول ان عادل امام كوميديا جديدة انسانية بطريقة ثانية وتوقع ان عادل سوف يمثل يوما ما ادوارا عاطفية فقد قال لمفيد فوزى تامل وجه عدولة حين يحزن تقطب جبينك دون ان تدرى وحين يضحك تبتسم اساريرك دون ان تدرى
كان حليم اذا زار عائلة تمسح فيها كالقطة لينال العطف والحب وكانت مجاملاته هى البحث عن لحظة سعادة خاطفة
وكان حليم يحب الفرجة على فساتين الزفاف فى فتارين اروبا واشترى العشرات من هذه الفساتين ليقدمها هدايا وكان نجوم الموضة فى اوروبا اصدقائه ويقدمون له احدث الموضات وكان سمالتو يرسل له بدلة كاملة وللملك الحسن ولنجم الغناء خوليو
ولقد بلغ عشقه للمجاملات انه تشاجرمع شقيقه محمد لانه نسى ان يبلغه ان اصدقائه التوانسة او المغاربة قد وصلوا الى القاهرة واقاموا فى الفندق
ويقدم حليم مفتاح شاليه الهرم او العجمى لاصدقائه الاجانب واحيانا لاطبائه اثناء زيارتهم له فى القاهرة
وبلغ عشقه للمجاملات انه تاخر مرة عن رفع الستار عن حفل له فى بيروت وقد عرف الجميع بعد ان وصل حليم اخيرا انه كان يجامل احد اصدقائه فى عيد ميلاد ابنه المصاب بشلل الاطفال
وفى لحظات نادرة وقليلة كانت راسه تضيق بالمعلومات التى يحفظها عن ظهر قلب ويقول على ايه ده كله ويقول متسائلا تفتكر الناس اللى الواحد بيفتكرهم فى افراحهم واحزانهم حايفتكروه لما وكان يقول حاجتين عمرى مانسيتهم الغناء ومجاملة الناس وحاجات كتير بنساها زى صحتى وعيلتى وكان يبكى ويمسح دموعه بكم جلبابهاالمغربى