[b]
من كتاب الملف السرى فى حياة عبد الحليم حافظ
لاشك ان الكمية الرهيبة التى كان يتعاطاها حليم من الادوية جعلته يثور سريعا ويصبح عصبيا للغاية فى كثير من الاحيان
ولم تكن الادوية هى السبب الوحيد فى عصبيته فقد كانت هناك ايضا اعماله المرهقة وعلاقاته الكثيرة وجراحه العاطفية التى يجهلها الجميع لقد كان حليم عاشقا فاشلا
وقد لاحظ اصدقاؤه فى السنوات الاخيرة انه بمجرد وصوله الى منزله بالقاهرة قادما من اى بلد بالخارج يدخل الى غرفه نومه ثم يغلق الباب عليه لمدة ساعة تقريبا يقضيها فى مكالمة عاطفية غامضة هكذا كان فى الفترة الاخيرة ثم يدخل الحمام وياخذ دشا ويقوم بتغيير ملابسه ثم يخرج الى اصدقائه فى غرفة المكتب ويعتذر لهم لان وراءه مشوارا مهما وكان اصدقاؤه يشعرون بانه يعيش قصة حب مع فتاة لايريد ان يعرفها احد واستمر حليم هكذا لمدة اربع سنوات وفجاة وقبل رحيله بعدة شهور تغير الوضع فلم يعد يتصرف بذلك الشكل الاسرى وبعد انصراف مجموعة من الاصدقاء الاسريين باولادهم اراد احد الاصدقاء السهيرة ان يداعب حليم فقال له
عقبال ماتروح السنة الجاية تزورهم ومعاك اولادك فقال حليم بنبرة ياس
مش باين
فرد احد الاصدقاء قائلا ليه ياخويا بس انت تنوى على الجواز حتلاقى مليون واحدة
فنظر حليم الى الصديق وقال
متهيالك انا اتعس انسان فى الحب ورصيدى فى الحب ثلاث
وبدا الكلام
عندما احببت لاول مرة وانا مازلت مدرسا رفضنى اسرة حبيبتى لاننى فقير وطعنت فى قلبى الطعنة الاولى فقد كانت حبيبتى من اسرة ريفية محافظة وليس لها حرية الاختيار
وعندما اصبحت مشهورا واملك المال احببت للمرة الثانية بجنون واحبتنى هى الاخرى بجنون ولكن القدر صدمنى فاختطفها الموت منى
ثم استطرد يقول لن تصدقوا اذا قلت لكم انى اعدت تسجيل اغنية فى يوم فى شهر عشر مرات لاننى كلما وصلت الى المقطع الذى يقول
يافرحة كانت مالية عينية واستكترتها الدنيا عليه يتحشرج صوتى من البكاء فاعيد التسجيل من جديد فلقد كان تسجيل هذه الاغنية بعد وفاة حبيبتى بشهر ونصف تقريبا
اما تجربتى الاخيرة فقد جعلتنى افيق تماما واتاكد ان قطار الزواج فاتنى وقد كانت هى ابنة احد الوزراء السابقين اعطتنى الحب من خلال كلماتها ونظراتها فاحببتها بجنون وكنت كالطفل الصغير اتحين اى فرصة او مناسبة للذهاب الى بيتهم وحينما اكون خارج البلاد اتعجل عودتى لاجد مناسبة ازور فيها اسرتها واجلس معها وبالرغم من ان الجلسة دائما كانت تضم والدها ووالدتها الا اننى كنت سعيدا بان اراها فقط الى ان ذهبت اليها عقب عودتى من لندن فى المرة السابقة واثناء جلوسى مع والدها حضر عمها والذى اقترح عليهم ان يقضوا يوم الجمعة التالى فى عزبته الخاصة وحدثت المفاجاة عندما وجدت الفتاة تقول لوالدها ياريت يابابا تقول لاونكل حليم ييجى معانا دا اونكل حينبسط جدا
ونزلن كلمة اونكل كالصاعقة على مسمعى وارتبكت قليلا ثم تمالكت اعصابى وقلت بمرارة
اه وماله ياحبيتى وكلمة حبيبتى فى هذه المرة كلمة ينطقها لسانى فقط فقد افقت من الوهم الذى عشته اربع سنوات
ثم نظر حليم الى الصديقين فى اسى وضحك ضحكة ساخرة وقال لهما
ايه رايكم هل ابحث عن حبيبة رابعة
وخيم الصمت على الصديقين وعاد حليم يبتسم كمن القى بعبء ثقيل من فوق صدره وقال
ياللا بينا نسهر فى الشيراتون وخرج الجميع لكى يسهروا
فقد كان يسهر حتى الصباح ليهرب من القلق فى هدوء الليل ولايعود الى منزله الا فى الصباح حينما يطمئن الى ان اهل البيت قد استيقظوا وان البيت دبت به الحياة