منذ أن تم العمل على إطلاق قناة التليفزيون العربى التى كانت تحمل فى البداية اسم قناة التراث، وكان هناك تفكير بأن تستمر القناة لمدة عام كامل باسم "عام اليوبيل الذهبى للتليفزيون"، لكن ورطة كبيرة وقع فيها القائمون على إطلاق هذه القناة التى تمثلت فى عدم وجود مواد تراثية كافية لإطلاق القناة.
الوضع القائم جاء كنتيجة طبيعية لما تعرض له تراث التليفزيون من سرقة ونهب خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، ضاعت خلالها مواد وثائقية مهمة تخص خطبًا سياسية مهمة للرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، وحفلات نادرة لأم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش ومحمد فوزى، وبرامج ولقاءات فنية هامة مثل برنامج نجم الجماهير الذى كانت تقدمه المذيعة القديرة ليلى رستم، ومن بين الحلقات التى لم يتم العثور عليها هى الحلقة الشهيرة التى شهدت الصلح بين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ، وكذلك الحلقة التى اعتذر فيها عبد الحليم لجمهوره ، وحلقات حسن يوسف وميرفت أمين ونجلاء فتحى وأحمد رمزى ، وغير هذه من الحلقات التراثية المهمة التى تروى تاريخ الإعلام المصرى فى 50 عاما، والمدهش أن كل هذه المواد وأكثر التى اختفت من التليفزيونية شوهدت معروضة على تليفزيون "ART" والمفارقة أنه يملك ما لا يملكه التليفزيون من تراثه.
ويتردد داخل أروقة ماسبيرو أن المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون نجح فى استغلال علاقاته الطيبة مع تليفزيون "ART" ، لاسترداد عدد من المواد التراثية المصرية وهى ليست بقليل والموجودة فى مكتبات "ART"، والتى تشتمل أيضا على بعض الخطب والمناسبات الخطب السياسية للرئيسين الراجلين جمال عبد الناصر وأنور السادات ، ليس هذا فحسب إنما هناك بعض المسلسلات الدرامية التراثية "أبيض وأسود" التى لا تقدر بمال مثل مسلسل "هارب من الايام" لعبد الله غيث ، و"الضحايا" من خماسية الساقية لعبد المنعم الصاوى ، وتعود أهمية هذا المسلسل إلى أنه أول مسلسل فيديو ينتجه التليفزيون ، و"العسل المر" لشمس البارودى ، و"الدوامة" لمحمود ياسين ، وكذلك شريط لحظات البث الأولى للتليفزيون العربى التى ترصد اللحظات الأولى فى عمر التليفزيون المصرى.
ومن بين المواد التراثية التى حصل عليها التليفزيون من "ART" كلمة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى افتتاح التليفزيون العربى، ومن المواد السياسية النادرة أيضا خطاب الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1963 فى الجلسة الافتتاحية من مجلس الأمة، وحفل عيد الثورة الذى حضره الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس محمد أنور السادات ، وغنت فيها أم كلثوم "أنساك وأسيبك للزمن " وأغنية وطنية.
وحلقات برامج "سينما القاهرة" الذى كانت تقدمه ميرفت أمين "نجم وسهرة" من تقديم المخرج العالمى يوسف شاهين برنامج "كاميرا 9" من تقديم نجوى إبراهيم ، برنامج "لقاء مفتوح" من تقديم همت مصطفى برنامج إسكتشات من تقديم ثلاثى أضواء المسرح ، و"من الألف والياء" من تقديم الإعلامى طارق حبيب، و"نجمك المفضل" من تقديم الإعلامية القديرة ليلى رستم، وبرنامج "النادى الدولى" من تقديم سمير صبرى، والذى يتضمن حلقة نادرة جدا تستضيف كلا من نبيلة عبيد، والجاسوسة دينا التى عفا عنها الرئيس السادات، وأيضا برامج "لقاء المشاهير" من تقديم وجدى قنديل، "مع النجوم" من تقديم فريدة الزمر، برنامج "ذكرى" من تقديم أمانى ناشد.
كما تتضمن هذه المواد أيضا عدة لقاءات نادرة جدا
مثل جلسة الصلح التى جمعت بين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، ولقاء همت مصطفى مع الرئيس أنور السادات عندما كان رئيسا لمجلس الأمة، لقاء نادر يجمع بين نزار قبانى وعبد الحليم حافظ، ولقاء نادر بين النجم العالمى عمر الشريف والنجمة داليدا، وحفل باريس لـ"أم كلثوم" الذى أقيم من أجل مساندة المجهود الحربى وغنت فيه أغانى "أنت عمرى" ، و"الأطلال" ، و"بعيد عنك" ، ولقاء نادر مع أم كلثوم أجرته الإعلامية سلوى حجازى ، ومن بين هذه المواد أيضا مباراة كرة قدم التاريخية بين منتخب الأهلى و الزمالك أمام فريق توتنهام الإنجليزى ، وفوازير "صورة وفزورة" من تقديم نيللى، ومسلسلات "عادات وتقاليد" من بطولة عقيلة راتب وليلى طاهر ، و"الحائرة" من بطولة سهير رمزى وعمر خورشيد.
ولم يكن أمام المهندس أسامة الشيخ ومعه عمر زهران المشرف على القناة سوى هذا الحل ، بعد أن اكتشفوا أن مكتبات اتحاد الإذاعة والتليفزيون خالية من معظم المواد التراثية التى بحثوا عنها لاستخدامها فى إطلاق قناة "التليفزيون العربى"، الذى نهب تراثه على مدار السنوات الأخيرة من خلال مافيا نهب التراث فى ماسبيرو وكان هذا معلوما للجميع ، بيد أن قناة الجزيرة القطرية أصبحت هى الأخرى داخل حلبة المنافسة على تراث الإعلام المصرى لدعم قناة الجزيرة الوثائقية بأهم الأفلام التسجيلية والوثائقية عن أهم مراحل التاريخ المصرى والتى لا توجد أصلا إلا فى مكتبات التليفزيون المصرى.