كتب د/على جمعة-مفتى جمهورية مصر العربية-مقالة بعنوان-رمضان فى التاريخ-(من يستعرض صفحات التاريخ الاسلامى يجد شهر رمضان والذى فرض فيه الله تعالى عبادة الصيام على المسلمين فقال سبحانه
ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)000نجد شهر رمضان تربة خصبة للأحداث المهمة التى تعد نقاطا فاصلة فى التاريخ الاسلامى القديم والحديث 000وشهد رمضان فى السنة الاولى بعد الهجرة أول لواء للمسلمين يعقده رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما اطلق سرية سيف البحر(أى شاطىء البحر)وكانت هذه السرية اعلانا ببداية صراع مع قريش امتدت لثمانية اعوام طوال حتى انعم الله تعالى على المسلمين بفتح مكة والتى كانت أيضا فى 20 من رمضان سنة 8 من الهجرة وسمى فتح الفتوح حيث دخل الناس على أثرها افواجا فى دين الاسلام مصداقا لقوله سبحانه وتعالى
اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون فى دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا)000ولم يتعلق الشهر الكريم بالأحداث السياسية من غزوات وحروب فقط بل امتد أثره ليتعلق بحياة النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم بمناسبات سعيدة وحزينة فتوفيت ابنته صلى الله عليه وسلم رقية فى العام الثانى من الهجرة أثر مرض أصابها فى رمضان وكانت زوجة ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان والذى كان يمرضها حتى أذن لها النبى صلى الله عليه وسلم ألا يخرج معهم فى غزوة بدر فتواكب سعادة المسلمين بانتصارهم على المشركين مع حزنهم لفراق رقية وجاء منتصف رمضان من العام الثالث ليشهد مولد سيدنا الحسن بن على والغريب أن شهر مولده تزامن مع موعد وفاة والديه رضى الله عنهما فتوفيت والدته السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان من السنة الحادية عشر من الهجرة لتكون بذلك أول أهل بيت النبى لحاقا به كما وعدها صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بينما استشهد ابيه رابع الخلفاء الراشدين ومنارة العلم الامام على بن ابى طالب فى فجر التاسع من رمضان بالكوفة وهو ابن ثمان وخمسين سنة وجاء رمضان العام الرابع ليشهد زواج النبى صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة الهلالية والتى عرفت باسم أم المساكين وذلك لكثرة اطعامها للمساكين وصدقتها عليهم 00ولاتقتصر عظمة شهر رمضان التاريخية على حياة النبى صلى الله عليه وسلم بل امتدت من بعد وفاته عليه الصلاة والسلام ليظل الشهر علامة بارزة فى تاريخ المسلمين ففى رمضان من عام 39 من الهجرة نجح المسلمون فى فتح جزيرة رودس ليتواصل بعدها تاريخهم البحرى حت نجحوا فى فتح الأندلس على يد القائد المسلم طارق بن زياد والذى قاد 12000 مقاتل فى رمضان من عام 91 من الهجرة عبر جبل طارق ليقابل جيش الملك رودريك ويهزمه وتظل عبارته الخالدة البحر خلفكم والعدو امامكم تميمة للمسلمين فى مختلف معاركهم000وفى رمضان من عام 361 هجرية تم بناء الجامع الأزهر وارتفعت فيه أول تكبيرات الآذان وتحول الجامع بعد ذلك الى جامعة تدرس فيها علوم الدين والشريعة الى يومنا هذا 00ورغم تعدد الأحداث وتنوعها ستظل معركة عين جالوت فى رمضان عام 658 من الهجرة ومعركة العاشر من رمضان من عام 1393 من أبرز علامات هذا الشهر العظيم والتشابه بين المعركتين لايقتصر فقط على البعد الزمنى فكما كانت الأولى هى أول هزيمة للمغول على يد المصريين كانت الثانية أول هزيمة لاسرائيل فى الصراع العربى الاسرائيلى أما وجه الشبه الآخر والأكثر أهمية هو أنه فى كلتا المعركتين نجح خير أجناد الأرض كما وصفهم النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم فى تحطيم أسطورة الجيش الذى لايقهر)