عبد الحليم .. الكلمة والصورة .. ودعوتي الي الشباب

اهلا بكم
.. نعرف ان العندليب قد قدم العديد والعديد من الاعمال الغنائية عبر الاذاعة والمسرح
وتوجهي في حديثي خاص باصحاب المغامرات .. والافكار
نحن قد عثرنا علي العديد من حفلات عبد الحليم بالخارج والداخل والغريب اشد الغرابة هو ندرة من اكتشفوا حفلات من تلك الحفلات
ساوضح لكم هذا الامر
عبد الحليم حينما يغني يرسم صورا منساقة مع اللحن والكلمات والمضمون .. وهنا كان عبد الحليم الفنان الذكي الذي اظهر الابتسامة بصورة منسجمة في وقتها الملائم وكذلك اهات الشجن في رنة الحزن الدامية التي لم تخل من دمعة في القلب واحيانا دمعة بالعين عندما شاهدنا زي الهوي علي سبيل المثال
وكانت تخرج تلك التعبيرات بصورة تلقائية شاعرية غير مفتعلة بل هي من نسيج احساس العندليب .. كان يغني فيترك في الاغنية بصمات
غير اللحن وغير الصورة وغير وغير .. ترك بصمة الكلمة في تعبير الوجه وطريقة القاء الكلمة في قلوب المستمعين لا علي اذانهم
امري هنا مختص بهذا الجزء وان لم يكن منفصلا عن الاغنية بمعناها الشمولي الكامل
الكلمة التي كانت تخرج تجد طريقا غريبا عن افواه عذبة اخري لاصوات اخرين
فهي حينما خرجت من حنجرة عبد الحليم وجدت ظلمات الالم واحداق الحزن وتعظمت في اصرار العندليب علي اخراجها وفقا للحن فكان اللحن الايقاع المرافق لدعوة حليم علي الاصرار .. جاء اللحن مرافقا لايقاع الالم والحزن من اعماق اعماق قلب عبد الحليم
هذه الفطرة تميز بها عبد الحليم منذ نشأته .. وانا اري بزوغ نجم عبد الحليم وبقائه في قلوب الملايين حاليا بالاضافة لصوته ونوعية الالحان والكلمات والاغاني عموما التي غناها
هي طريقة تقديم العمل الغنائي والاسلوب المنفرد الذي ابتدعه عبد الحليم في الغناء .. طريقة الالقاء والتعبيرات المسموحة .. واعني التلقائية العفوية الغير مفتعلة النابضة من القلب فتصل كما عرفت طريقها الي اعماق القلوب
ونكمل في رحاب الكلمة النابضة من قلب حليم .. فبعدما وجدت اللحن مرافقها عانقته فرسمت العيون ذكريات الكلمة في قلب حليم .. وهنا ابداع التفرد
فكان من الممكن ان يغني حليم كما يغني اغلبهم بان يطلق الكلمة سابحة في ذكريات الجمهور .. فتكون محررة هائمة في ذكريات كل مستمع
هذا الامر ارفضه .. فحينما تكون الكلمة علي مسمع الجميع بدون انفراد المطرب بلونه الخاص وشجنه العميق المشحون بذكرياته الخاصة تزال من عليها عيون خياله وشجون اوتاره
فتخرج للمستمع غير مذخرفة بلونه العذب واحاسيسه المرهفة
ساوضح اكثر اليكم .. فعندما يغني عبد الحليم يدرك القلب بان الاداء خرج من اعماق حليم
الكلمة عندما تألقت وتعظمت وعانقت اللحن رسمت عيون الخيال ذكرياته فتذكر وتذكر وغني علي ذكراه فهناك مئات من القصص و الاف من الذكريات وملايين من اللقطات
لم ترصدها الاليات المصورة والمسجلة لحفلات العندليب انما شعر بها بعض ممن حضره وشاهده ومنهم نحن
وجدنا كل اغنية لعبد الحليم تكاد تكون مطابقة لذكريات كامنة بداخله .. فان لم نعرفها فقد شعرنا بحلاوة او مرارة حلقاتها عبر احاسيسه التي واكبت الاغنية
بينما نجد العديد منهم يغني بانطلاقية ساذجة واداء منقطع الشاعرية والاحاسيس ونرجع نقول المغني لم يغنها بصدق
بالفعل.. لم يغنها بصدق
هناك اشياء ان لم توجد وتنمو فعطي وتبدع .. يظل المغني مفقدا اهم ركائز الغناء
هي اشياء لا يمكن ان تدرس مع الطرق والمناهج بالمعاهد الموسيقية ولا تستطيع ان تسقيها الالسنة لشفاة المتعلمين
في الحقيقة هي اشياء بصراحة تولد مع الانسان فان لم تكن موجودة فيه من داخله منذ البداية انصحه بعدم الاستمرار في طريقه الشائك
هي اشياء اذا لم تجدها قلوب الاحبة والظمأي الذين يتجرعون كئوس الحنين ولهيب الدموع تأكدوا ان المؤدي منافق
اجل
اغلبهم منافقين
يغني بما ليس في جوفه
لقد عاش عبد الحليم فترات عديدة .. عاشها علي الحب .. وعندما تقدم به الزمن غني علي تلك الذكريات لذلك غناها بنبض احاسيسه المتدفقة من اعماق قلبه
لذلك تلقائية الاداء ظلت مصحوبة بدفئ حنين ورغبة .. فدمعة عمر واهات قلب
الصورة التي رسمتها عيون خيال حليم شكلت الكلمة وصبغتها باعماق الاحاسيس فهي التي ميزت اسلوب عبد الحليم في الغناء عن غيره ممن ادي نفس الاغنية من بعده وعن اغلب المطربيين عموما في زمنه
باستثناء ام كلثوم وشادية
فتأتي العظمة من هذه التلقائية ومن ذاك المنطلق ..
كثير من يدعي ان حليم صاحب "كاريزما" او ان شخصية عبد الحليم شخصية كاريزمية
في الحقيقة اتفق معهم .. فكل ما قلته الان لم يفي بقدر اعماق الاحاسيس التي خرجت من قلب حليم فوصلت للملايين بنفس الحرارة
فظلت منقوشة علي قلوبهم حتي رحيلهم
الصوت المتدفق علي القلب بحرارته الشديدة قد اثر علي كافة جوارح المستمع الجيد والمحس .. فاحاط القلب بنسيج مرن دائم الوجود
هذا النسيج اصبح متشكلا في احاسيس الفرد .. في الذكري يجد حليم يغني معه الحان الزمان .. وفي الفرحة يجد ضحكة اغانيه بغض النظر عن الكلمة او اللحن فهذه انفرادية استثنائية وهي انفرادية الشخصية في خيال الفرد حتي عن امتزاجها باللحن والصوت والكلمة
وفي الحزن يجد صورا كاملة تعانق وجده .. صورا ابتدعها مشوار الكلمة من فم حليم حتي قلب الفرد
بالاضافة لما شكله خيال عبد الحليم في الكلمة
فمثلا .. وعلي سبيل المثال لا الحصر
حينما يغني عبد الحليم اغنية احبك
.. وحينما يغني كلمة احبك
تجد فيها شعورا مطابقا لما يشعر به الاحبة والودودين
فالكلمة شائعة واللحن لحد ما عادي .. انا اعني كلمة احبك فقط
لكن من هنا اعطي عبد الحليم درسا في التعبير بصدق
استمعت في تلك الكلمة لاصوات الاحاسيس .. فالموجي امسك بزمام اللحن واعطي الانفراد لاحاسيس عبد الحليم فقط في تلك الكلمة
ومن ثم تتبعت الاحاسيس قلوب الجماهير
الامر الذي اوصل نجم عبد الحليم لدرجة فاقت المصداقية وارسته لدرجة ما بعد الشخصية الكاريزمية
وانا اتحدث باحساسي وان كنت فردا ولي وجهتي ومنظوري فما بال خيالك باطلاع النقاد هذا الاحساس الصادق النابع من اعماق اعماق القلب وباحاسيس المتخصصين في علوم النفس
انا اكاد اجزم ان عبد الحليم بذكائه قد اثر علي نهج الاطباء والمتخصصين في تحليل شخصيته لانه اثر علي قلوبهم وعقولهم سواء بل تغلب علي ما يترك للفنان اي فنان بما يعرف عيوب فكانت في عيوبه ميزات لنا ولهم
تلك الدرجة الخطيرة .. جعلت النقاد يراجعون اعماله بدقة وشدة لينشروا ارائهم التي مع اهميتها لم تلق اهمية بحتة في اذهان الجماهيير لان عبد الحليم اعطاهم الكلمة بالاحساس واللحن بانغامه العذبة وما وصل الي القلب لا يمكن ان تنكره او تقلل من شأنه
فمن يفعل ذلك لا يابه له اغلب الناس بل ان معظم من يحمل مسؤلية النقد والتحقيق يجد في خوض تلك المشاكسات الفرصة لملاحقة نجم العندليب ,الامر الذي يجذب اليه مزيدا من الاضواء
لكن عبد الحليم بذكاءه للمرة الثانية تجاهل اغلب هؤلاء القاصدين المعارك الفنية والادبية لتحقيق انفرادتهم الصحفية والنقدية
فلم يهتم لهؤلاء لكنه اعتني باراء من لهم الثقة بفنه واعطاهم الحق في ابدائهم الرأي وفي وجوده
بل واعتني بفكر الجماهير فلم يصعد للمسرح مرة ليغني قصيدة لامرؤ القيس او من نماذج العصر الجاهلي التي يصعب علي المرء العادي اليوم فهم حتي مضمونها لا الفاظاها
وما يشدني في كل الموضوع ان عبد الحليم او ام كلثوم او شادية عندما كانوا يغنون يدرجون الالاف من شرائح واشرطة الذكريات وابتسامات ودموع الاحاسيس
فاذا كنت تكتب قصة وبينما وانت تسرد احداثها تستمع لعبد الحليم عن نفس العاطفة تجد بدخلك دافع يثقل فيك رصين القالب وجودة المعاني وجزالة الاسلوب وانتقاء الالفاظ بل يواكب احداث قصتك بانسجام باهر
كل هذا من جانب والجانب الاهم هو انه يعظم من شأن احاسيسك المندمجة مع الجو النفسي لابطال قصتك
وربما تكون انت واحدا منهم
فقد يجلبك احساس العندليب لان تندمج وتكون من ابطال القصة
هذا هو عبد الحليم
الذي اراه قد تفوق علي عبد الوهاب في ذلك الامر
وهو الاهم عند المغني والمطرب بينما تجد عبد الوهاب متمكنا في ادائه للحن بصورته التي جاءت من اللحن .. اي ان عبد الوهاب يهتم بتقديم اللحن عن الدرجة التي يقدم بها اللحن ذاته
لذلك التجأ عبد الوهاب من ناحية اخري غير تقدم السن ان يكرس الحانه باحاسيس هؤلاء العباقرة ومنهم بل اهمهم حليم ..
وبوفاة عبد الحليم صرخ عبد الوهاب .. علي قيمة الفن بعد رحيل عبد الحليم
عبد الحليم يا جماعة لم يكن يغني من اجل المال او الشهرة
ولم يكن يغني من اجل اللحن او الكلمة فحسب لكنه كان يغني لنفسه ويغني للاغنية التي تشربت من ذكراه والامه واحتوت صرخات شجنه وشدائد صبره
فخرجت للمتلقي بعبقرية فذة .. ونشيد اصرار رضي عنه عبد الحليم وان لم يكن مننا متوقع وجود هذا الصوت مع تلك الكلمة في يوم من الايام بمثل ما اتاحها القدر وسجلها التاريخ في اجمل صدفة
عندما التقت بعبد الحليم الانسان فالفنان
وشادية كانت تملك بعضا من تلك العبقرية لا كلها وكم تمنيت ان تستخدم تلك العبقرية في اغاني طويلة لا من اجل التنافس ولكن من اجل الاغنية ذاتها
وما وددته في مقالي .. ان اجمع القدر الكافي من الشباب الذين ما زالوا يرون تلك الخفايا والصور الجميلة
ولديهم المقدرة ان يخرجوا لنا من تلك الصور المشحونة بالذكريات والعواطف امزجة مجسدة لها
عبد الحليم اعطاهم الملايين من الصور واللقطات وتركهم ليبدعوا ويخترقوا الحاجز المتصدي لاي نشأة ابداع ,حجاز التفاهة الذي شل انماط الابداع والتفوق علي المألوف
شل ذلك بالسطحية والركاكة والتخصص في ثقافات الغير ونشرها لنا بصور مباشرة وغير مباشرة كما نهلها بخفة ذهنه وسطحية ثقافته وجهله تراثنا العربي..بل الادهي والامر اتخاذ النهج الغير اخلاقي وبثه في روح شبابنا العربي باسم الحضارة الاوربية الحديثة وما هي الا بريئة منهم ومن امثالهم من المتاخرين والمتخلفين
ويأتي كثيرون يتساءلون لماذا اصبح التمسك بالتراث والثقافة العربية امرا غاية التعقيد والصعوبة وهم يدرون ان اهم امر نسفته الانظمة التعليمية من جانب والاسر المتجاهلة للتراث من جانب اخر وتفتحهم للغرب
وهو تربية النشأ حبه للتراث العربي بشرح تفوقه علي الاخرين..وشرح مقاليد اصوله واسس ومهارات عناصره التي جعلته فريدا يقود حضارات العالم باسره
كثير من يقول الامة العربية في مأزق ويتذكر امجاد العلماء المسلمين والفلاسفة والادباء والفنانين وينسي اهم شئ .. كيف تفوقوا وماهية التركيب النفسي والفلسفي والعوامل التي ادت لحبهم العلم والادب والفن وما الذي قدموه من البداية الي النهاية
لقد كره اغلب الطلبة التاريخ .. وفضل عليه التقدم العلمي الذي لم يأتي الا بدراسات موروثة تدريجيا فيمن تأثر بمن سبقوه وكيف اثر فيمن تبعوه
واعود لاشد علي ايدي تلك الجماعة التي اسعي في تكوينها .. التي تبحث في خيال عبد الحليم كحالة خاصة فتخرج لنا الكثير والكثير مما لم يلاحظه العديدين لضغوطاته وجهوده الحياتية اليومية
والاهم .. عدم وجود تلك الفطرة منذ البداية
فاري ان هؤلاء الشباب قد وضعوا اقدامهم علي نهج التقدم بصورته المصغرة "عبد الحليم" وهي الخاصة بهذا المنتدي
علي ان تتضخم الفكرة لتشمل عموم الادب والفن والعلم
فمن يريد العمل فبرغبة رده قد لبي
بقلم السندباد احمد دويدار

شكرا على هذا الموضوع الرائع جدا عن العملاق الذى لن ياتى مثله ابدا لافى احساسه ولافى ذكاؤه ولافى صوته ولافى موهبته العظيمة ولافى شخصيته ولافى فنه الذى لايعوض ابدا العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ يرحمه الله

عاشقة حليم الاسكندرانية كتب:

شكرا على هذا الموضوع الرائع جدا عن العملاق الذى لن ياتى مثله ابدا لافى احساسه ولافى ذكاؤه ولافى صوته ولافى موهبته العظيمة ولافى شخصيته ولافى فنه الذى لايعوض ابدا العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ يرحمه الله

العفو وما اجلي ان نمس ذكري هؤلاء العظام ونمدح امجادهم

شكرا استاذ احمد على الموضوع الرائع بجد بالفعل كان حليم ذو صوت معبر عن كل فرد ومعبر عن الجميع فى نفس الوقت
رحم الله حليم صاحب الابتسامة الساحرة وشكرا مرة اخرى يا استاذ أحمد