[b] قصة حب زينب بنت نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وإبن خالتها أبو العاص بن ربيع
زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وابن خالتها وزوجها أبو العاص ، فأبو العاص هو ابن أخت السيدة خديجة، وهو رجل من أشراف قريش ، وكان النبي يحبه
ذهب أبو العاص إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة ، وقال له : أريد أن أتزوج زينب ابنتك الكبرى
فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا أفعل حتى أستأذنها ، ويدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على زينب ويقول لها : ابن خالتك جاءني وقد ذكر اسمك فهل ترضينه زوجًا لك ؟
فاحمرّ وجهها وابتسمت فخرج النبي
وتزوجت زينب أبا العاص بن الربيع ، لكي تبدأ قصة حب قوية
وأنجبت منه علي و أمامة ، ثم بدأت مشكلة كبيرة حيث بُعِث النبي ، وأصبح
نبيًّا بينما كان أبو العاص مسافرًا وحين عاد وجد زوجته قد أسلمت ، فدخل عليها من
سفره، فقالت له : عندي لك خبر عظيم ، فقام وتركها ، فاندهشت زينب وتبعته
وهي تقول : لقد بُعث أبي نبيًّا وأنا أسلمت ، فقا ل: هلا أخبرتني أولاً ؟
وتطل في الأفق مشكلة خطيرة بينهما مشكلة معقدة ، قالت له : ما كنت لأُكذِّب
أبي ، وما كان أبي كذابًا ، إنّه الصادق الأمين. ولست وحدي. لقد أسلمت أمي وأسلم
إخوتي ، وأسلم ابن عمي علي بن أبي طالب ، وأسلم ابن عمتك عثمان بن عفان
وأسلم صديقك أبو بكر الصديق
فقال : أما أنا لا أحب أن يقول النَّاس خذل قومه. وكفر بآبائه إرضاءاً لزوجته. وما
أباك بمتهم . ثم قال لها : فهلا عذرت وقدّرت؟ فقالت : ومن يعذر إنْ لم أعذر أنا ؟ ولكن
أنا زوجتك أعينك على الحق حتى تقدر عليه
فمرت الايام والسنوات وبعد ١٣ عام يؤمر الرسول بالهجرة الى المدينه فتحل المصيبه الكبيرة على زينب
فهاهي ستفقد والدها واخواتها الذين سيذهبون الى يثرب وستبقى وحيده مع زوجهها في مكه وذلك قبل ان ينزل الامر بالتفرقة
بين الزوجين الغير المسلمين
وظلت بمكة إلى أنْ حدثت غزوة بدر، وقرّر أبو العاص أن يخرج للحرب في
صفوف جيش قريش. زوجها يحارب أباها. وكانت زينب تخاف هذه اللحظة. فتبكي
وتقول : اللهم إنّي أخشى من يوم تشرق شمسه فيُيَتَّم ولدي أو أفقد أبي. ويخرج
أبو العاص بن الربيع ويشارك في غزوة بدر ، وتنتهي المعركة فيُؤْسَر أبو
العاص بن الربيع ، وتذهب أخباره لمكة ، فتسأل زينب : وماذا فعل أبي ؟ فقيل
لها : انتصر المسلمون. فتسجد شكرًا لله. ثم سألت : وماذا فعل زوجي ؟ فقالوا
أسره حَمُوه . فقالت : أرسل في فداء زوجي . ولم يكن لديها شيئًا ثمينًا تفتدي
به زوجها ، فخلعت عقد أمها الذي كانت تُزيِّن به صدرها ، وأرسلت العقد مع شقيق
أبي العاص بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان النبي جالسًا
يتلقى الفدية ويطلق الأسرى، وحين رأى عقد السيدة خديجة سأل : هذا فداء من؟
قالوا: هذا فداء أبو العاص بن الربيع . فبكى النبي وقال : هذا عقد خديجة . ثم
نهض وقال : أيها الناس إنّ هذا الرجل ما ذممناه صهرًا فهلا فككت أسره ؟ وهلا قبلتم
أنْ تردوا إليها عقدها ؟ فقالوا : نعم يا رسول الله . فأعطاه النبي العقد ، ثم قال له
قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة . ثم قال له : يا أبا العاص هل لك أن أساررك ؟
ثم تنحى به جانبًا وقال له : يا أبا العاص إنّ الله أمرني أنْ أُفرِّقَ بين مسلمة
وكافر ، فهلا رددت إلى ابنتي ؟
فقال : نعم
وخرجت زينب تستقبل أبا العاص على أبواب مكة ، فقال لها حين رآها : إنّي راحل
فقالت : إلى أين ؟ قال : لست أنا الذي سيرتحل ، بل أنت سترحلين إلى أبيك
فقالت : لم ؟ قال : للتفريق بيني وبينك . فارجعي إلى أبيك . فقالت : فهل لك
أن ترافقني وتُسْلِم ؟ فقال : لا
فأخذت ولدها وابنتها وذهبت إلى المدينة ، وبدأ الخطاب يتقدمون لخطبتها على مدى
6 سنوات ، وكانت ترفض على أمل أنْ يعود إليها زوجها ، وبعد 6 سنوات كان أبو
العاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام ، وأثناء سيره يلتقي مجموعة من
الصحابة ، فسأل على بيت زينب وطرق بابها قبيل آذان الفجر، فسألته حين
رأته : أجئت مسلمًا ؟ قال : بل جئت هاربًا ، فقالت: فهل لك إلى أنْ تُسلم ؟ فقال : لا
قالت : فلا تخف ، مرحبًا بابن الخالة ، مرحبًا بأبي علي وأمامة
وبعد أن أمَّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد
قد أجَرْت أبا العاص بن الربيع فقال النبي : هل سمعتم ما سمعت ؟
قالوا : نعم يارسول الله
قالت زينب : يا رسول الله إنّ أبا العاص إن بعُد فابن الخالة وإنْ قرب فأبو
الولد وقد أجرته يا رسول الله ، فوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا أيها
الناس إنّ هذا الرجل ما ذممته صهرًا ، وإنّ هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفّى
لي ، فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده فهذا أحب إلي . وإنُ
أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه
فقال الناس : بل نعطه ماله يا رسول الله. فقال النبي : قد أجرنا من أجرت
يا زينب. ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها : يا زينب أكرمي مثواه فإنّه ابن خالتك
وإنّه أبو العيال ، ولكن لا يقربنك ، فإنّه لا يحل لك
فقالت : نعم يارسول الله
فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع يا أبا العاص أهان عليك فراقنا ، هل لك
إلى أنْ تُسْلم وتبقى معنا. قال : لا. وأخذ ماله وعاد إلى مكة. وعند وصوله إلى مكة
وقف وقال : أيها الناس هذه أموالكم هل بقي لكم شيء ؟ فقالوا : جزاك الله خيرًا وفيت
أحسن الوفاء. قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. ثم دخل
المدينة فجرًا وتوجه إلى النبي وقال : يا رسول الله أجرتني بالأمس واليوم جئت
أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله
وقال أبو العاص بن الربيع
يا رسول الله هل تأذن لي أنْ أراجع زينب ؟ فأخذه النبي وقال : تعال معي . ووقف
على بيت زينب وطرق الباب وقال : يا زينب إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم
يستأذنني أنْ يراجعك فهل تقبلين ؟
فاحمرّ وجهها وابتسمت
والغريب أنَّه بعد سنة من هذه الواقعة ماتت السيدة زينب رضي الله عنها ، فبكاها بكاء شديدًا حتى رأى الناس رسول الله يمسح عليه ويهون عليه ، فيقول له : والله يا رسول الله ما عدت
أطيق الدنيا بغير زينب ، ومات بعد سنة من موت السيدة زينب رضي الله عنهم أجمعين