أغنية «العيون السود» شاهدة على قصة حب عميقة.. بين بليغ حمدى و وردة الجزائرية
عادت وردة إلى وطنها الأصلي الجزائر وتزوجت هناك من ضابط جزائري اسمه جمال قصري وأنجبت منه رياض ووداد.. وكان اسم مولودها الأول على اسم الملحن رياض السنباطي الذي كان بمثابة أب روحي لوردة منذ قدومها لمصر.
مرت 10 سنوات.. ومازال بليغ عاشقاً لوردة ولصوتها رغم اختفائها من مصر ومن الساحة الفنية وقد عانى بليغ كثيراً من وجع الفراق.. فكتب مطلع أغنية «العيون السود» التي أكملها صديقه الشاعر محمد حمزة، ولحنها بليغ.. والأغنية تجربة صادقة تعبر عن صدق وإحساس بليغ ومدى ارتباطه بوردة.. فقد كتبها ولحنها خصيصاً لها رغم أنها بعيدة عنه ولا أمل له في أن تجمع الأقدار بينهما مرة أخرى.
كان بليغ يدندن على عوده بهذه الأغنية وسط أصدقائه المقربين وكان معظمهم يعرف أنه يقصد وردة بهذه الأغنية.. وظلت أغنية «العيون السود» حبيسة في قلب بليغ حمدي ولم يعطها لأي مطرب أو مطربة.. كانت الأغنية حالة وجدانية خاصة ببليغ حمدي.
وفي عام 1972م وبينما كانت الجزائر تحتفل بعيد استقلالها العاشر.. طلب الرئيس الجزائري هواري بومدين من زوج وردة الجزائرية ومستشاره العسكري الضابط جمال قصري مشاركة وردة في إحياء احتفالات الجزائر بعيد استقلالها العاشر.. وكانت وردة في ذلك الحين قد اعتزلت الغناء.
وافق زوج وردة الجزائرية على مضض.. فأرسلت إلى الموسيقار رياض السنباطي تدعوه للحضور إلى الجزائر لتلحين نشيد وطني لها، فاعتذر رياض السنباطي لظروفه الصحية ومرضه ورشح لها بدلاً منه بليغ حمدي.
وأرسل مسعود شقيق وردة الجزائرية لصديقه الشاعر محمد حمزة خطاباً يخبره فيه برغبة وردة الجزائرية بإحياء احتفالات الجزائر ويطلب منه ترشيح أحد الملحنين ولكون محمد حمزة صديقاً مقرباً لبليغ أطلعه على الخطاب، الأمر الذي جعل بليغ في منتهى السعادة وطار فرحاً بالخطاب كما يروي محمد حمزة في مذكراته.. وهكذا شاءت الأقدار بلقاء آخر بعد طول فراق بين وردة وبليغ..
ويسافر بليغ إلى الجزائر ويقوم بتلحين أغنية وطنية لوردة اسمها «أدعوك يا أملي» وتنجح وردة وبليغ نجاحاً ساحقاً.. الأمر الذي أثار دهشة وردة.
تقول الفنانة وردة في أحد حواراتها الفنية عن ذكريات هذا اللقاء: «فوجئت ببليغ مبتسماً في أول اللقاء بعد أن نشأت بيننا خناقة حامية في منزل الموسيقار رياض السنباطي منذ عشر سنوات حين كان بليغ يلحن لي أغنية «أحبك فوق ما تتصور» وكانت آخر كلمات بليغ لي وهو يستعد لمغادرة الجزائر «حرام عليك تحرمينا وتحرمي جمهورك من فنك.. يا ريت تراجعي حساباتك».
شاءت الأقدار في نفس العام أن تنفصل وردة عن زوجها بعد إصرارها على إتمام مشروعها الفني وعودتها للغناء.. ويشهد العام 1972م عودتها مرة أخرى إلى مصر بعد غياب استمر أكثر من تسع سنوات عن الساحة الفنية.. وما صاحب هذا الغياب المفاجئ من شائعات ظلمت وردة كثيراً.
كان بليغ حمدي أول المستقبلين لوردة في مطار القاهرة أثناء عودتها.. وبدأ يخطط لها مشوارها الفني من جديد وبعد عودة وردة بأشهر قليلة، غنت في حفل «أضواء المدينة» أغنيتين من ألحان بليغ حمدي هما أغنية «العيون السود» وأغنية «والله يا مصر زمان».. نجحت وردة نجاحاً كبيراً.. وأصبحت أغنية «العيون السود» شاهدة على قصة حب عميقة.. تلك الأغنية التي كتبها ولحنها بليغ لوردة.. وهي بعيدة عنه ولا أمل له في عودتها.. لكن القدر شاء باللقاء مرة أخرى.. لتخرج هذه الأغنية من قلب بليغ ووجدانه إلى حنجرة وردة الجزائرية.
ورغم معارضة أسرة وردة الجزائرية، فقد شهد عام 1972م زواجها من بليغ حمدي بعد أن طالتهما شائعات عديدة، خاصة في ظل اهتمام بليغ الكبير بوردة في حفلاتها مما أثار دهشة وغيرة بعض المطربات والمطربين وهم يشاهدون ملحناً بحجم بليغ حمدي وهو يقود الفرقة الموسيقية خلف وردة.
ويروي لنا الشاعر الغنائي محمد حمزة في مذكراته إحدى شطحات بليغ حمدي مع وردة ليلة خطوبتهما في الحفل الذي أقيم في النادي الماسي.. فقد تأخر بليغ حمدي عن ميعاد خطوبته.. الأمر الذي أثار قلق أصدقائه المدعوين وكانت المفاجأة ثقيلة لوردة حين علمت أن بليغ نسى ميعاد الخطوبة وأنه سافر بيروت لإنجاز عمل هام هناك.