منقول من موقع الإتحاد ( ملحق دنيا ) بتاريخ 20 فبراير 2015
القاهرة (الاتحاد)
«الكرنك».. واحدة من القصائد الرائعة التي لحنها وغناها محمد عبدالوهاب، وكانت حين قدمها عام 1941 بمثابة حدث فني مشهود، وظلت الإذاعة المصرية تبثها بلا انقطاع، حتى أصبحت على كل شفة ولسان.
وكان عبدالوهاب تحدث للبناني الياس سحاب عن ظروف تلحينه لها، وقال إنه تعود عند تسلم قصيدة في مستوى «الكرنك» أن يتركها في جيبه أياماً وربما أشهراً، حتى يتعمق في معايشتها، ويحفظها غيباً، ويستفسر من الشاعر إذا أمكن عن أي معنى غير واضح فيها، أو أي عبارة قد تحتمل أكثر من معنى واحد، وأنه عندما بدأت البواكير الأولى للحن تتردد في مخيلته حمل عوده، وحجز غرفة له في فندق «وينتر بالاس» القديم والقريب من موقع معبد الكرنك في الأقصر.
وأشار إلى أنه قضى أياماً لا يفعل شيئاً، سوى الانتقال من غرفته بالفندق إلى المعبد، يتجول في أرجائه، ويدندن بالألحان التي تخطر بباله.
وتوقف عند مقطع «أين يا أطلال جند الغالب، أين آمون وصوت الراهب»، وقال إنه كان يشعر منذ البداية أن لهذا المقطع حساسية خاصة، لابد أن تعكس نفسها على المجرى العام للحن القصيدة، لذلك حين وصل في التلحين إليه، أجّل جولته في أركان المعبد إلى لحظات الغروب، حتى تتم الجولة في لحظة حساسة يبدأ فيها الغياب المتدرج للضوء، والهبوط المتدرج للظلام، حتى تكون انفعالاته في أثناء التجوال في أرجاء المعبد، في ذروة من الغيبوبة الكاملة.
واللافت أن مؤلف القصيدة الشاعر أحمد فتحي الذي عاش بين عامي 1913 و1960 كان أقام في الأقصر مدة، لا سائحاً يتأمل الآثار ويستوحيها، بل موظفاً مطروداً من القاهرة على أثر معركة بينه وبين رئيسه في العمل.[/size]