الفن اونلاين
اجتماع بغرفة نوم حليم
بقلم / احمد صالح
احمد صالح
غريب جدا هذا الكلام الذي كتبه ونشره الصديق الناقد طارق الشناوي علي لسان المخرج الجزائري أحمد راشدي،والذي التقاه أخيرا في أحد مهرجانات السينما العربية الدولية حيث أكد فيه ـ من خلال حكاية طويلة ـ أن عبدالحليم حافظ كان ينوي حتي الليلة الأخيرة من حياته ـ 92 مارس 7791 ـ ان يصور فيلم »لا« من اخراج راشدي وعن سيناريو لقصة مصطفي أمين كتبه حسن فؤاد!
وأكد راشدي في حديثه لطارق انه سافر خصيصا من باريس إلي لندن للقاء حليم في تلك الليلة الأخيرة بأحد الفنادق بعد ان غادر حليم المستشفي خصيصا أيضا من أجل هذا اللقاء! فقد كانت صحته ـ والكلام لراشدي ـ جيدة جدا ـ لاحظ انه توفي في اليوم التالي مباشرة! ـ وتم الاتفاق بينهما ان يبدأ تصوير الفيلم بعد حفل شم النسيم حيث أعد الموسيقار عبدالوهاب لحنه لحليم »من غير ليه«.. واتفق حليم مع راشدي علي ان يقضي معه أسبوعا في باريس قبل عودته للقاهرة حتي يلقي نظرة نهائية علي السيناريو.. وكان حليم ـ كما قال راشدي أو كما كتب طارق ـ مقبلا عل الحياة لدرجة انه طلب من راشدي شراء سيارة ستروين صغيرة له أعطاه ثمنها واصلاح أسورة ساعة ذهبية أهداها له أحد الأمراء وأشياء أخري من هذا القبيل.. إلا ان ـ ويا لسوء الحظ ـ فقد مات حليم في اليوم التالي.. فلا سيارة ولا ساعة ذهبية..بل ولا فيلم أيضا من السيناريو المذكور!!
والذي أدهشني في تلك القصة أكثر من شيء.. فالمعروف والذي نشر في كل الصحف المصرية وقتها.. ان آخر من كتب سيناريو لقصة »لا« لأستاذي مصطفي أمين..هو كاتب هذه السطور.. وان عبدالحليم عندما تعاقد معي لكتابة السيناريو سلمني السيناريو الذي كتبه راشدي وليس حسن فؤاد وقال لي ساخرا بالحرف الواحد وهو يبتسم: »خد ده عشان ماتكتبش زيه!«.. ولا يزال السيناريو عندي إلي الآن.. وهو نسخة مجلدة بجلد بني أنيق خصيصا لتليق بعبدالحليم حافظ ومكتوب بخط كبير في صفحته الأولي اسم الفيلم »لا« قصة مصطفي أمين. سيناريو أحمد راشدي. اخراج أحمد راشدي. ولم تأت سيرة الحوار.
طبعا اتفاق حليم معي علي كتابة السيناريو جاء بعد ان قرأ السيناريو الذي كتبه راشدي واتخاذه قرارا برفضه واختيار كاتب آخر.. ثم مضت مدة طويلة لا تقل عن خمسة أو ستة شهور تفرغت فيها لكتابة السيناريو والحوار بناء علي العقد ـــــ والعقد عندي أيضا ـــــ ثم سلمته لمجدي العمروسي.. وجلسنا مع حليم بعد ان قرأه وناقشته في عدة ملحوظات أبداها.. وأخذت السيناريو وأعدت كتابة ما اتفقنا عليه واجتمعنا مرة أخري وكان هذا هو الاجتماع الأخير.. وقد تم في حجرة النوم وحليم راقدا مستندا إلي ظهر الفراش وكان مسافرا للعلاج في لندن بعد أيام.. وجلست علي طرف الفراش وأمامي السيناريو في نسخته الأخيرة بعد تنفيذ ملحوظات حليم.. بينما جلس علي مقعد مجاور مجدي العمروسي.. وبعد انتهائي من القراءة وموافقة حليم.. أثار فكرة إلا يغني في الفيلم وهي فكرة سيطرت عليه بعد ان ظل »أبي فوق الشجرة« آخر أفلامه سنة كاملة في عرضه الأول.. قال حليم يومها ان بطل فيلم »لا« لا يمكن يغني.. ولو غني الناس هتضحك.. واجابته : ان فرانك سيناترا مثل فيلم »الأصابع الذهبية« دون ان يغني فيه ونال عنه الأوسكار! ـ بالمناسبة هذا الفيلم اقتبس عنه الراحل يوسف فرنسيس فيلم »المدمن« ـ وهنا صاح حليم في مجدي العمروسي: شايف! فأجاب مجدي: علي الأقل غنوتين واحدة في التيتر والثانية وأنت تسير في الشارع علي غير هدي وكأنها صوت الضمير! قال حليم: علي كل حال لما نتفق علي المخرج وفي كل الحالات حيكون مصري ولن يكون راشدي!
كانت هذه هي كلمات حليم الأخيرة.. سافر بعدها بأيام إلي لندن وتوفي هناك.. فكيف حدث هذا اللقاء الذي تحدث عنه راشدي أم انه قام بإجراء مونتاج وأضاف تلك الحدوتة الطويلة في الأحداث.. رغم بعدها الكامل عن المنطق.. ورغم ان تواريخ الشهور والأيام لا تسمح بوجودها
أخبار اليوم
23/1/2010
http://www.alfanonline.com/show_files.aspx?fid=339183