[b]
من مجلة صباح الخير
وعن كتاب جسر التنهدات للكاتب الساخر جليل البندارى
التقيت بحليم فى مارس 54 لاول مرة وكنت مليونيرا وكان هو صعلوكا وفى مارس 56 التقيت به للمرة الثانية كان هو قد اصبح مليونيرا وكنت انا قد عدت صعلوكا ولا اخفى اننى فى المرتين كنت اشعر قبل ان اصافحه بيدىوهى تتسلل الى جيبى باحثة له عن قطعة من فئة الخمس قروش والتقيت به بعد ذلك عدة مرات وكنت فى كل مرة ارى يدى تتسلل الى جيبى وتعبث بالقروش والقطع الفضية لماذا
ان النظرة الاولى لهذا الفتى اليتيم الشاحب تثير فى القلب الشفقة والحب والعطف وسواء اكان صعلوكا او مليونيرا فان صورته ظلت هى لم تتغير وكثيرا ما كنت اراه فى الطريق يقود سيارته الكاديلاك الزرقاء فى لون السماء فيوقف السيارة لنتصافح فاشعر بنفس الاحساس ولايلهينى منظر السيارة الفاخرة عن ان ابحث له فى جيبى عن نصف فرنك
ولعله المطرب الوحيد الذى لمع وغنى فى كل البيوت ولم يحقد او يغار منه رجل واحد لماذا
ان حليم يرفع الحجاب فى كل بيت يدخله ولايحب ان يعامل فى بيوت اصدقاؤه كضيف وانما يحب ان يعامل كصاحب البيت فاذا كان جائعا يطلب الطعام المسلوق او الشوربة فاذا لم يجد طعاما يطلب الشاى والبسكويت
ان اصدقاء عبد الحليم يسمونه حليم وابناء اصدقاؤه ينادونه باونكل ليمو واول من سماه اونكل ليمو هو الطفل شريف ابن المذيعة سامية صادق وحليم او اونكل ليمو من ادهى واذكى الشبان الذين عرفتهم الوسط الفنى فمنذ عشرين عاما لم التقى فى هذا الوسط باذكى من هؤلاء الثلاثة
احمد سالم وعبد الوهاب وعبد الحليم وقد كان حليم يسخر ذكاؤه فى اشياء كثيرة ابعد من الفلوس والشهرة والمجد ان حلليم احدث ثورة فى الغناء بصوته واداؤه وبذوقه واحساسه المرهف فالذين كانوا يتقدمونه اصبحوا يجرون وراءه ويحاولون اللحاق بذلك الطبق الموسيقى الطائر الذى ظهر فى سمائهم فجاة