مذكرات د/ هشام عيسى طبيب العندليب على حلقات جريدة العربى

أخى العزيز رضا أشكرك على اهتمامك بالرد و أشكرك أيضا على تذكير الأصدقاء فى الموقع بلحن (فاتت جنبنا)و نشره مرة أخرى فى الموقع و بالنسبة لى ملاحظاتى على هذه الحلقة أولا أول حكاية لفتت نظرى حكاية أغنية (لاتكذبى)فى موضوع حصل ان دل على شىء فهو يدل على أسطورة عبد الحليم و ثقنه بنفسه زى ما حضرتك بتقول (راسى من راسكم)قال عبد الحليم ل د/هشام :هل لاحظت اختلافى عنهم فى الأداء على المطرب أن يفهم ما يغنيه الأغنية لرجل يصرخ معاتبا حبيبته بعد اكتشاف خيانتها لذلك0000(دخلت الأغنية صارخا لا مستعطفا)000عظيم يا أسطورة هل لاحظت أخى رضا أن عبد الوهاب و نجاة دخلوا الأغنية فى هدوء و ذل و استعطاف 00نفس الكلام حدث فى أغنية (لست أدرى) أسلوب العندليب كان مختلف تماما عن عبد الوهاب 0000الملاحظة الثانية أن عبد الوهاب لا يخوض ابدا المجازفة و التجربة الأولى مع أى مطرب أو مطربة جديد أو جديدة الا بعد تثبيت الأقدام و الدليل على ذلك ما فعله مع سميرة سعيد حتى مع عبد الحليم نفسه الملاحظة الثالثة احترامهم لبعض فى العلن و أمام الرأى العام و ده دليل على عظمتهم (العظيم و الكبير لا يقول على نفسه أنه كبير أمام الناس)و اليك مثال خارج الموضوع اللاعب الفاشل حتى لو كان صاحب تاريخ يطلع و يقول لما المدرب يضعه احتياطى أنا لاعب كبير لا أكون احتياطى 00لما الأسطورة بيليه جاء الى مصر عام 1972 و فى تعليق لأحد الصحفيين الكبار قال الصحفى :عندما جلسنا مع بيليه فى المؤتمر الصحفى و تكلمنا معه لا تشعر ابدا أنك امام أعظم لاعب فى التاريخ 000هنا التواضع و العظمة 000ممكن الاختلاف وواحد شايل من الثانى بين العظماء تكون فى الخفاء و لا أحد يتعرض للثانى فى الاذاعات مثلا و هتشوف حاجات كثير أخى رضا فى الحلقة القادمة الخاصة بفريد الأطرش ثم الحلقة الخاصة بأم كلثوم و هتحس ان الناس كانوا عظماء أد ايه 00الملاحظة الأخيرة حكاية (أوفقير )دى حكايته طويلة قوى هو و زوجته (فاطيما)و اذا كان فى وقت هنشر الحكاية دى فى وقت من الأوقات

شكرااا جزيلا على تجميع حلقات مذكرات الدكتور هشام عيسى بهذا الشكل.

مذكرات قيمه بحق
استاذ بيشوى اشكرك عليها
واريد ان اسال اخواتنا فى المغرب
من هى فاطيما اوفقير وياريت صور عنها للتعرف عليها اكتر؟
اشكركم

أقدم اليكم الحلقة الثامنة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص -حليم و فريد 00عواصف حفلات الربيع-(00على الرغم من الاختلاف الواضح بين طبيعة كل من حليم و فريد و على الرغم من عمق الخلافات التى وقعت بينهما فى بعض الاحيان -فان مسيرة حياتهما قد حملت من أوجه التشابه ما يفوق عناصر الاختلاف 0بادىء ذى بدء فان كلا من حليم الذى نشأ فى أعماق ريف مصر و فريد القادم من أحضان جبل الدروز فى سوريا كلاهما أصبح ضلعا من أضلاع المربع الذهبى للغناء فى عصرهما و مع الاختلافات فى التقدير الفنى أو الحظوة الجماهيرية فقد حظى كلاهما بشعبية طاغية 0تشبه الاثنان فيما لحقهما من شقاء فى الطفولة و من سيطرة المرض على حياتهما الفنية و قد بدأ حليم عازفا للأبوا و انتهى بالغناء 0كذلك عرف فريد أول ما عرف كعازف للعود ثم برع فى الغناء و العود معا 0ثم تشابهت طباعهما فى حياة الليل و سهره و النوم طيلة النهار أما الحياة العاطفية فتكاد تكون متطابقة تماما مع اختلاف البطلات لم يتزوج أى منهما و كانت لفريد كما لحليم تجربة رئيسية فى الحب و مشروع جدى للزواج من نجمة مشهورة و هى سامية جمال و مع انتهاء التجربة بالفشل خاض فريد عدة تجارب عاطفية - و كما هو الحال مع حليم فقد كانت مساحة الخيال فى هذه التجارب أكبر من مساحة الحقيقة و غلب فيها الأمل و التمنى الحالم على الواقعية و الدوام 00ولد فريد فى 22 أكتوبر عام 1915 بمدينة السويداء السورية فى جبل الدروز و كان أبوه محمد فهد الأطرش ينتمى الى أمراء الدروز و قد تزوج مبكرا من السيدة علياء المنذر و رزق منها بخمسة أبناء و بنات بقى منهم فؤاد و فريد و اّمال التى أصبح اسمها بعد ذلك اسمهان و مع انتهاء الحرب العالمية الأولى وقعت سوريا و لبنان فريستين للاحتلال الفرنسى و بدأت المقاومة و كان للدروز نصيب الأسد فيها فخافت الأم على أبنائها و عقدت عزمها على الهجرة فاختارت أن تتوجه الى القاهرة 00كانت السيدة علياء تجيد العزف على العود كما أن صوتها كان جميلا و ربما كانت تحس بالمستقبل و هى تختار مصر لتربى فيها أولادها و قد لمست فيهم مواهب مبكرة و هكذا استقلت الأسرة القطار و من حيفا الى غزة ثم الى القنطرة حيث تمكنوا من دخول مصر لم يكن الطريق فى القاهرة مفروشا بالورود التحق فريد بالقسم المجانى بمدرسة الفرير -تحت اسم فريد كوسة بدلا من الأطرش تجنبا للاضطهاد المحتمل فى المدرسة الفرنسية و كان الاسم مدعاة لسخرية أقرانه فترك المدرسة ليلتحق مع أخيه فؤاد بمدرسة الروم الكاثوليك تحت اسمه الحقيقى و لكنه لم يكمل دراسته فعمل صبيا فى محل صغير بالموسكى و بدأت والدته تعلمه العود الذى نبغ فيه و ظهرت موهبته الغنائية فى احدى الحفلات التى أقيمت لمؤازرة الدروز فى سوريا تحت رعاية أحمد زكى باشا الذى ساعده ليلتحق بمعهد الموسيقى العربية و هناك تتلمذ على يد الأستاذ رياض السنباطى فأتقن العزف على العود و التحق بفرقة بديعة مصابنى عازفا للاسكتشات الاستعراضية ثم التحق بالاذاعة المصرية عازفا أيضا ثم كانت الانطلاقة الكبرى حين غنى(يا ريتنى طير لأطير حواليك) من تأليف و تلحين الفنان الفلسطينى يحيى اللبابيدى و بعد ذلك أخذ يلحن لشقيقته اسمهان و بدأيلمع سينمائيا سنة 1940 حين قام ببطولة فيلم(انتصار الشباب) أمامها و لكنها لقيت حتفها فى 19 يوليو سنة 1944 فى حادث سيارة فأصابت فريد بصدمة هائلة أثرت على حياته و طبعتها بحزن لم يفارقه ثم التقى حبيبة عمره النجمة سامية جمال التى شاركته البطولة فى فيلم(حبيب العمر) سنة 1947 و استمرت علاقتهما الفنية و العاطفية حتى 1952 شاركته البطولة خلالها فى 6 أفلام ثم انفصلا فتزوجت سامية من أمريكى ثم من رشدى أباظة و مضى فريد يبحث عن الحب و الزواج دون أى نجاح حتى نهاية حياته فى 26 ديسمبر سنة 1974 000منذ البداية تنافر القضبان حليم و فريد - و قد تعرضت العلاقة بينهما الى منحنيات ترواحت بين الصعود و الهبوط و لكنها لم تستقم ابدا 0و كان التنافر يطفو أحيانا على السطح -و حليم رغم ثقته و اعتزازه بنفسه كان متواضعا و فريد كان طيب القلب 000و الحق ان حليم لم يكن راضيا عن استئثار فريد الدائم بحفلة عيد الربيع حيث واظب على الحضور الى القاهرة فى هذه المناسبة ليغنى أغنيته المعروفة عن الربيع 0و قد أثر ذلك على علاقته بصديق عمره جلال معوض الذى كان أيضا من أقرب الناس الى فريد و كان يقوم بتقديم حفلة الربيع له 000و فى احدى المقابلات التليفزيونية سألت المذيعة حليم عن صحة وجود خلاف بينه و بين فريد فرد قائلا:هذا غير صحيح فنحن لا ننتمى لنفس الجيل و فريد يكاد يكون فى عمر أبى 00كانت تلك هى احدى المرات القليلة التى خرج فيها حليم عما التزم به من البعد عن المهاترات و من حسن الحظ أن غالبية الأصدقاء المحيطين بحليم و فريد كانوا غير راضين عن تباعدهما و خصامهما و تعددت محاولات الاصلاح و كان لفريد دافع قوى فى قبول الصلح فقد عاش فريد و لديه أمنية يريد تحقيقها و هى أن يغنى حليم من ألحانه و لو حدث ذلك فلا شك أنه كان يحقق لفريد أفضلية كبيرة فى هذا السباق لكن حليم لم يكن يرضى بذلك فلأنه كان يحس أن موسيقى فريد بعيدة جدا عن أسوبه و لقد رتبنا أنا و جلال معوض سهرة ف منزل جلال معوض للجمع بين فريد و حليم حضرنا و تم اللقاء بصورة جيدة و طلب اليهما جلال معوض أن يتعانقا و يتعهدا على نسيان الماضى و نبذ أى خلافات حدثت من قبل و استجاب الطرفان بسرعة و سرت حرارة اللقاء فى أرجاء المكان و بدأالجميع فى حديث مرح و تبادل النكات و تم الصلح و الحق منذ ذلك اليوم لم يحدث أن شهد الاعلام أى مظهر من مظاهر العداء و لكن بقى ما فى القلب فى القلب و لكنها لم تصل الى تبادل الزيارة 00و شاع بين الناس أن فريد يتمارض مقلدا حليم و الحق أنى ذهلت حينما أطلعت على التقارير الطبية الخاصة بفريد التى أحضرها من لندن و اكتشفت مثلا أن كفاءة عضلة القلب لا تتجاوز 50 فى المائة من الطبيعى و أنه عانى من عدة أزمات قلبية و لم يكن ابدا مريضا مثاليا بل مضى فى حياته بنفس أسلوبه فكان يسهر و يمرح و يقامر 000تقابلنا مع فريد فى بيروت و تصادف أنه كان يفتتح ناديا ليليا أقامه هناك كنا ضيوف شرف الافتتاح -حليم و أنا-على المائدة الرئيسية مع جورجينا رزق التى حازت لقب ملكة جمال العالم قبل ذلك بأعوام و هى سيدة رقيقة فاتنة و ذات حضور رائع و كان فريد قد وضع لها لحنا لأغنية تقول :مال الحلو مالو00000ده حبيبى مهما قالو0000بمناسبة حصولها على اللقب و لكن الاذاعة اللبنانية منعت اذاعة الأغنية لأن الرئيس اللبنانى فى ذلك الوقت كان شارل الحلو كانت سهرة جميلة و أصر فريد على أن نبقى حتى نهايتها و قد تأثر حليم بالطريقة التى عامله بها فريد و أكد له استعداده لأن يقدم حفلة غنائية خاصة فى هذا النادى و كان صادقا فى عرضه 000هكذا صفا الحال و بدأنا نجنى ثمار الصلح الذى تم فى بيت جلال معوض 000عاش فريد حياته بالطول و العرض وقدم خلال حياته مئات الألحان كما قدم للسينما 31 فيلما و تعامل مع كبار المخرجين من أمثال بركات و يوسف شاهين و بطلات من أمثال فاتن حمامة و شادية و زبيدة ثروت و هند رستم و مرفت أمين و فى حياته لقب بملك العود و قد عانى الغربة فى طفولته و حقق نجاحات فنية و مادية هائلة و رغم ذلك عانى من أزمات مالية طاحنة و لاقى عذابات الحب و احباطاته و حين رحل علم حليم بالخبر من خلال صديق لبنانى مشترك كان يعيش فى لندن و يصادق الفنانين و الأثرياء و الأمراء العرب القادمين الى لندن للسياحة و النزهه -و هو المرحوم عبد الرحمن الخوجة و قد تصور الرجل أن حليم لن يصدم كثيرا بخبر وفاة فريد بحكم ما يعلمه من طبيعة التنافس الفنى بينهما و هكذا ساق الخبر لحليم دون أى تمهيد 00و كأنه يتكلم عن شىء لا يهم أحدا 0تجمد حليم فى مكاته و بدا غير مصدق الخبر و لا للطريقة التى قيل بها و نظر للرجل باستياء يفوق الوصف ثم ادار وجهه الى الجهة الأخرى و التصق بحائط و انسابت الدموع من عينيه ثم تحول الى بكاء بصوت مسموع و انصرف دون تعليق 000لم يعلم الخوجة أن التنافس الفنى مهما زاد عمقه فانه لن يمحو الاحساس بالانسان خاصة اذا كان الاحساس نابعا من قلب فنان أصيل 000مات فريد و من بعده حليم و لكن الربيع لن يموت)00000نهاية الحلفة الثامنة

الى الأخت ثريا أشكرك على اهتمامك بمذكرات د/هشام و أيضا أشكر الأخت نعناعه على اهتمامها بالمذكرات و سعيها الدائم على المعرفة

أقدم اليكم الحلقة التاسعة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 0000أم كلثوم و حليم صدام 000الى النهاية000(عندما يكون الحديث عن أم كلثوم يصبح من المستحيل تماما أن تلم بكل صفاتها و أن تذكر كل ما قيل عنها فقد أتى ذكرها على لسان أدباء و شعراء و موسيقيين و مغنيين و مغنيات و فنانين من كل الأنواع و ملوك و أمراء و رؤساء و زعماء من كل أنحاء العالم شرقه و غربه 00و حصلت على أوسمة من مصر و العراق و لبنان و الأردن و سوريا و تونس و المغرب و باكستان و منحت العضوية الشرفية من جمعية مارك توين من الولايات المتحدة 00و لقبها شارل ديجول باللادى lady و أرسل اليها بعد أن غنت فى باريس يقول لقد لمست بصوتك أحاسيس قلبى و قلوب الفرنسيين جميعا و قيل أنها أثرت على عدد كبير من الموسيقيين و المغنيين خارج العالم العربى 00أما فى مصر فلم يحظ أى فنان بمثل ما حظيت به أم كلثوم من التكريم فمنحت نيشان الكمال سنة 1944 ثم وسام النيل و جائزة الدولة التقديرية و لقب فنانة الشعب و أطلق اسمها على القرية التى ولدت بها و عند حصولها على وسام الجمهورية عزف لها السلام الجمهورى كما حصلت على جواز سفر دبلوماسى تقديرا لها 000عاش حليم كما عاش جيله فى ظل الحضور الطاغى لأم كلثوم و رغم أنه احتل مكانة فى القمة التى شملت أم كلثوم و عبد الوهاب و رغم أنه قليلا ما اجتمع معها فى الحفلات الغنائية كما أنهما لم يلتقيا كثيرا فى مناسبات اجتماعية و قد ربطت بعض الحوادث و الأحاديث بين أم كلثوم و حليم الا أن الصداقة و الود لم تكن ابدا ضمن عناصر العلاقة بينهما و فى حياته كلها لم يقم بزيارة واحدة اليها 00كما أن أم كلثوم بدورها لم تفعل هذا الشىء طبعا و حتى لم تقم بالسؤال عنه خلال احدى أزماته المرضية -و فى العلن لم يحدث ابدا أن تبادلا الثناء على أدائهما الغنائى و هى مجاملات كانت تحدث بين كل الأطراف رغم الخلاف و لست أعرف على وجه اليقين مدى تبادل الاعجاب الحقيقى على الأقل من وجهة نظر أم كلثوم التى لم أقابلها مباشرة فى حياتى و هو شىء أسفت له طويلا -أما حليم فقد كان من أكثر المعجبين بغنائها طبعا و لم يفصح عن اعجابه بها حتى فى الأحاديث الخاصة -و عندما كنا نستمع اليها كان يقول ان الله قد اعطاها فكان سخيا فى عطائه لها ان صوتها معجزة و أداءها منحة عثرت عليها داخلها و لا فضل لها بعد ذلك -و هو تعبير يضمر اعجاب الفنان الدارس و تغلفه خصومة لها ما يبررها 00كان حليم ينتظر أغانيها و يستمع اليها مبكرا و عندما بدأ كل من الموجى و بليغ و كمال الطويل يلحنون لها زاد اهتمامه -كانت نظرة حليم الى هذا الثلاثى العبقرى أنهم زملاء مسيرة واحدة معه قدموا خلالها صورة حديثة للغناء العربى و كان حليم هو الاطار الذى احاط بالصورة و قدمها للناس فى صورة جميلة و كان أكثر اهتمامه موجها لالحان بليغ 00فالموجى قدم لأم كلثوم الحانا كلثومية لا تصلح الا لها بتعبير حليم 00و كمال كان مقلا فى الحانه بوجه عام أما بليغ فقد قدم لها الجديد و رغم أنه بدأبلحن تغلب عليه الارتام الشرقية فان الحانه بعد ذلك بدأت تشاهد المصاحبة الدائمة للاورج و الجيتار (و قد فعل عبد الوهاب نفس الشىء) و تمادى بليغ فى التجديد فغنت أم كلثوم الفلكلور فى أغنيته ألف ليلة و ليلة و بلغ التمادى أقصاه فى اّخرأغانيها حكم علينا الهوى التى ظهر فيها الكورال لأول مرة فى أغنية طويلة لأم كلثوم -و على أى حال فان أم كلثوم لم يسعفها الوقت لتقدمها فى حفل غنائى كما تعودت و اقتصرت على تسجيلها على أسطوانة كنا أول من استمع اليها حين أحضرها بليغ لحليم فى منزله و كان لحن الحب كله حبيته فيك هو أكثر الالحان التى أعجبت حليم و تمنى لو غناها ربما بكلام مختلف كذلك أحب حليم لحن عبد الوهاب و دارت الأيام و غناه كثيرا فى حفلاته الخاصة -و قد شاعت هذه الأغنية بصوته و عرفت طريقها الى الجمهور خلال أشرطة مسجلة كانت تباع و عرفت أيضا طريقها للاذاعة 00و حدث عندما أصبح الأورج و الجيتار ضمن الأوركسترا المصاحب لأم كلثوم أن ظهر فى الفرقة وجهان جديدان هما المرحوم عمر خورشيد عازف الجيتار و مجدى الحسينى عازف الأورج و كلاهما من الموهوبين -و خلال احدى حفلات أم كلثوم بدأ مجدى الحسينى يمارس ما تعود عليه خلال حفلات حليم فى ابراز قدراته فى العزف على الأورج و كان ذلك يتم بحركات معينة يرفع خلالها اصابعه الى أعلى ثم يدير ظهره للأورج و يعزف عليه باقتدار و ينتهى ذلك دائما بتحية حارة من الجمهور اليه 00و ما ان فعل ذلك مع أم كلثوم حتى استبد بها الغضب و اشارت اليه ان يكف عما يفعله و فى الاستراحة لم تنتظر كثيرا و طلبت منه أن يغادر الفرقة و المكان فورا و ألا يعود اليها ابدا 000و رأى حليم ما حدث -فبدأ الحفل بتقديم الفرقة الموسيقية و خص مجدى بصفات مبتكرة و لقبه بعفريت الأورج و ترك له مساحة من الوقت قام فيها بكل حركاته البهلوانية التى كانت تعجب جمهور حليم بوجه خاص 00على خلاف ذلك كان عبد الوهاب يتفنن فى طريقة ابداء اعجابه بغناء أم كلثوم و كنت كثيرا مانتهز جلسة منه لأسأله عن سرها فكان يحضر جهاز التسجيل و يدير احدى أغنياتها ليشرح لى اعجاز الاداء -و كانت احدى أفضل أغنياتها عنده هى رباعيات الخيام من تلحين رياض السنباطى 00أما أم كلثوم ففضلا عن أنها لم تذكر حليم بخير ابدا فقد كانت تنحو الى اللمز من بعيد و على سبيل المثال صرحت أكثر من مرة أن الوحيد الذى يعجبها صوته و غناؤه هو محمد قنديل و أنها لا تسمع لغيره من مطربى هذا الجيل 000بدأت الخصومة تطفو للعلن عقب احدى الحفلات الغنائية التى كانت تقام فى أعياد ثورة 23 يوليو و فى البداية جرت العادة أن تحيى أم كلثوم الحفل بمفردها -ثم اقترح البعض أن يشارك عبد الحليم فى حفل 23 يوليو و تمت الموافقة على هذا الاقتراح و كالعادة كانت أم كلثوم تؤدى وصلتين و يقوم باقى الفنانين بملء الفراغ بينهما قبل أن تنهى أم كلثوم الحفلة و لم يعجب هذا الوضع أم كلثوم و كانت تراه مرهقا لها فطلبت أن تتعاقب الوصلتان ثم يغنى عبد الحليم فى نهاية الحفلة و عندما وقف حليم بدأ بالكلام قائلا أنا جعلونى أغنى بعد أم كلثوم و أنا لا أعرف هل هذا تكريم لى أم مقلب ضدى 00هكذا قلب حليم المائدة و سجل أن غنائه بعد أم كلثوم قد يكون تكريما له حيث تختتم الحفلة بأفضل فقراتها 00استشاطت أم كلثوم غضبا و هى تستمع اليه و حكى لى العازف النابغة أحمد الحفناوى أنها كلمته قائلة 0أرأيت ماذا يقول هذا الولد -كيف اقدم على هذه الجرأة 000و بعدها أبلغت الرئيس عبد الناصر رغبتها أن تغنى وحدها فى عيد الثورة -و أنها ترفض أن يشاركها فى ذلك أى مطرب اّخر و حسما للنزاع كان القرار أن تنفرد هى بحفلة 23 يوليو و يقام حفل غنائى اّخر فى 26 يوليو و هى مناسبة رحيل الملك من البلاد و يقوم حليم باحياء هذه الحفلة فى الاسكندرية 00و هكذا كسبت أم كلثوم الجولة و لكن الوضع ظل مشتعلا و لسوء الحظ و ليس لحسنه كان هناك صديق مشترك لأم كلثوم و عبد الحليم يبادلانه الحب و الصداقة هو أحمد الحفناوى عازف الكمان الذى يصاحب كليهما فى الغناء -و كان متلهفا لقيام بمبادرة تنهى الخلاف -و كانت أم كلثوم تثق فى الحفناوى و تستدعيه عقب غنائها لتسأله عن رأيه و قد صارحنى الحفناوى بأنه كان أحد القلائل الذين يتلقون هدايا من أم كلثوم فى كل مرة تسافر اليها 00أما حليم فكانت له يد بيضاء على الحفناوى لا ينساها فقد احتاج لمبلغ غير قليل من المال لاستكمال بناء منزله فطلب من حليم أن يقرضه المبلغ -و لم يتوان حليم فى ذلك و حين عاد الحفناوى ليرد له المبلغ رفض حليم تماما رغم الالحاح 00كان الحفناوى رجلا رائعا و صديقا نادرا 00لم ينس ذلك و أراد أن يرد له الجميل 00كانت أم كلثوم تغنى فى احدى المناسبات و بعد انتهاء وصلتها الأولى صحب الحفناوى حليم الى غرفتها -و حالما شاهدت الحفناوى عند مدخل الغرفة تهلل وجهها و هى تقول :تعال يا حفن قل لى أنا عملت ايه ؟ النهاردة؟ 00لم تكتمل الجملة و هى ترى حليم خلفه و بدأ وجهها يتجهم 00و لم يتغير تعبيره و الحفناوى يقول :أنا معايا حليم و عايز يقبل يد الست و يعبر عن حبه 00كان الصمت التام بعد التجهم هو رد فعلها الوحيد و بعث ذلك الاضطراب فى كل من حليم و الحفناوى و تكهرب الجو و فجأة واصلت أم كلثوم الهجوم فقالت و هى تنظر للحفناوى طيب خلاص 00ساد صمت تكررت الجملة عدة مرات و هى تستدير مخاطبة حليم يا أستاذ خلاص 00يعنى اتفضل بقى 00خرج حليم بسرعة تاركا الحفناوى يتلقى مزيدا من العتاب و كانت عيناه تمتلئان بدموع القهر و الغضب 00و أسرها فى نفسه 00مرة أخرى ضربت أم كلثوم و لكن الرواية لم تتم فصولها و جاء الدور على حليم ليرد 00كنا فى استراحة الرئيس السادات فى القناطر و كان الرئيس يحتفل بعرس احدى بناته 00و كانت أم كلثوم و حليم على رأس من يحيون الاحتفال 00كانت الصداقة قد مدت أوصالها بين السادات و حليم منذ زمن فقد كان السادات عاشقا للفن و يقدر الفنانين 00من جهة أخرى كانت جيهان السادات قد أفاضت من عطفها على حليم فكانت تعجب به كفنان و تساعده كثيرا خلال رحلات علاجه 00و كانت تتدخل شخصيا لانهاء اجراء سفرى معه للعلاج حين تتعقد الأمور بحكم عملى 00كان مقررا فى ذلك اليوم ان تغنى أم كلثوم ثم حليم ثم بعد ذلك تقدم أم كلثوم أغنيتها الثانية و يختم حليم الحفلة 00و كان ذلك مناسبا لحالتها الصحية التى لم تعد تتحمل ما تحملته فى الماضى و عقب انتهاء حليم من غنائه طلب منى ان أبلغ السيدة جيهان عن طريق ابنتها الصغرى أنه مريض و يرجو أن يقوم بالغناء قبل أم كلثوم حتى يمكنه الانصراف بعدها اذا استبد به التعب 00تم ذلك و حصل حليم على الاذن مراعاة لحالته الصحية خاصة أنه كان قد قطع رحلة علاجية الى لندن لحضور حفل الزفاف على أن يعود لمواصلة العلاج بعد انتهاء الحفل ووقف يؤدى وصلته الثانية فاطال الغناء و زاد و عاد و الحاضرون منتشون بغنائه خاصة مجموعة الشباب من ضباط الحرس الجمهورى 00و عندما انتهى من الغناء انضم اليهم و انتظروا أم كلثوم التى صعدت لتغنى و هى فى قمة الغضب و الاحباط و لم يكف حليم مع كورس من المحيطين به عن التصفيق للست كلما انتهت من احدى الكوبليهات و فى كل مرة يصيح :ربنا يخليكى لينا يا ست 00فتسكت أم كلثوم و تلتفت الى ناحية الفرقة تأمرهم أن يكفوا عن العزف حتى تخفت الأصوات كل ذلك ووجهها يفيض بالغيظ و الألم و هكذا لم تستطع أم كلثوم الانتهاء من غنائها الا بعد الثانية صباحا و لم تكن فى أحسن حالاتها أثناء الغناء أو بعده 00و فى طريق العودة التفت الى حليم قائلا:-هل أعجبتك؟ 00كان ذلك الصراع قدرا فرضته ظروف غريبة و لكنه لم يقلل ابدا من قيمة أى منهما فظلت أم كلثوم هرما شامخا و رمزا لمصر و ظل حليم عندليب الحب و الثورة 00ولدت أم كلثوم فى قرية متواضعة بمحافظة الدقهلية هى قرية طماى الزهايرة و هى قرية متواضعة لا يتجاوز سكانها 1700 نسمة و بيوتها ذات الطابق الواحد أو الطابقين على الأكثر 278 منزلا 00و كان أبوها الشيخ ابراهيم السيد المليجى و هو امام مسجد القرية و أمها فاطمة المليجى ربة منزل 00و تاريخ ميلاد أم كلثوم غير معروف و لكن أقرب الأقوال الى الصحة تقول أنه 4 مايو 1904 و كعادة العظماء أحاطت بمولدها بعد ذلك بعض القصص -فقيل أنهم كانوا سيطلقون عليها اسم فاطمة و لكن والدها كان يتهجد فى المسجد فأخذته سنة من النوم فرأى فى الحلم سيدة بملابس بيضاء يشع النور من وجهها تتقدم منه و تعطيه جوهرة يخطف بريقها الأبصار و دهش الرجل و سألها من أنت؟ قالت له أنا أم كلثوم بنت الرسول عليه السلام فسمى ابنته باسمها 000رحلت أم كلثوم عن عالمنا فى 3 فبراير 1975 فمشى فى جنازتها 4 ملايين نسمة 000كانوا يودعون عصر الغناء)0000000نهاية الحلقة التاسعة

أنا اختلف مع د/هشام فى جزئية صغيرة و هى أن جنازة أم كلثوم كان عدد الجماهير مليون أما عدد الجماهير فى جنازة عبد الحليم كان نصف مليون و عدد الجماهير فى جنازة عبد الناصر خمسة مليون و الثلاثة كانوا أعظم ثلاث جنازات فى التاريخ و أيضا فى عدد الجماهير 0000ايه رأيكم يا أصدقائى؟

أقدم اليكم الحلقة العاشرة من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 000حليم و ناصر 00أحاديث فى السياسة000(بصورة تلقائية انضم حليم الى حزب يوليو و أصبح صوته هو أدواتها التى عبرت عما حدث فى أهم الفترات التى مرت بمصر و العالم العربى حين انتعشت اّمال و أحلام الأمة العربية عقب تحررها 00انضم حليم الى حزب الثورة دون أن يوقع على استمارة انضمام الى أى تنظيم أقامته أو أى حزب أقيم بعدها 00لم يكن لحليم أى صلة بتلك التنظيمات و المؤسسات 00لقد دخل حليم الثورة من باب انجازاتها 00و هى كثيرة انجازات سياسية و اقتصادية و ثقافية و معارك و قومية و قيم معنوية و كما مست هذه الانجازات كل متطلبات المواطن البسيط مست أيضا شغاف قلب حليم ان الفنان الذى عانى المرض بسبب نزوله الترعة فى القرية الخالية من كل وسائل المدنية الحديثة و من الماء الصالح للشرب 00ثم عانى الصعاب لكى يحصل على التعليم الموسيقى فى المدينة 00هذا الفنان رأى بعينيه ثورة تتجه الى اصلاح القرية و تقرر مجانية التعليم فى كل المراحل و تمنح الأدباء و الفنانين حق التفرغ و تبنى المعاهد الفنية المتخصصة و تؤمم القناة و تقيم السد العالى ليمد الكهرباء عبر البلاد 00فكان طبيعيا أن يكون تفاعله مع التغيير طبيعيا لقد لمس التغيير كل نواحى حياته الاجتماعية و الفنية و الاقتصادية فغنى للاشتراكية :لو تخدم الاشتراكية 000بذمة وهمة قوة 000أنا زى ماقال ريسنا 000راح اشيلك جوه عينى 000و ان خدت المركز جاه 000و لعبت اللعب اياه 000حنقولك يا عديم الاشتراكية 000يا خاين المسئولية 0000و فى بداية الثورة كان الفن بوجه عام و الفن الغنائى بوجه خاص هو أولى الأدوات التى استجابت للتغييرات الثورية و أصبحت أكثر الأجهزة تأثيرا فى الرأى العام و ذلك عن طريق الاذاعة طبعا و حين تعرضت بعض الصحف لنقد الحياة الشخصية لحليم بعد ذلك خاطب عبد الناصر الصحفيين قائلا أنه يعتبر حليم جهازا اعلاميا و سفارة متنقلة لمصر و للقومية التى يدعو اليها و انتقد الاساءات الشخصية له و لامثاله من الرموز الوطنية 000و حيث قامت الثورة بدورها فى ايقاظ الوعى بالقومية العربية و احياء الدور المصرى فى بعثها كان الغناء هو أقوى الأسلحة و أسرعها فى التنفيذ و كانت الثورة تعتبر الاعلام الموجه لمساندة حركات التحرير العربية فى الجزائر و اليمن و فلسطين و هو مدفعيتها الثقيلة و لم يخب حليم الرجاء فغن لثورة الجزائر (أرض الجزائر)لبليغ و غنى للجنود العائدين من اليمن أغنية (يا حبايب بالسلامة)لعبد الوهاب 00و كما قدم حليم و زملاؤه الحب و الدعم لكل العرب فقد حصل من كل هؤلاء على أضعاف ما قدموه و كما أعلا هؤلاء صوت مصر و دورها العربى فكانوا أحد عناصر الريادة كذلك علت مكانة حليم و زملائه الفنانين فى كل أرجاء الوطن العربى و أصبح اللقاء بهم أمنية الشعوب كما هى للملوك و الرؤساء و القادة العرب و عرفت أصوات حليم و رفاقه الطريق لقصور الملوك و مجالسهم و كذلك للاذاعات و المسارح الغنائية فى الوطن العربى بأسره 000أحب حليم عبد الناصر و كان حبه مزيجا من الامتنان لما أنجزه و الاعجاب الشخصى به و العرفان بالجميل لما أسبغه عليه من الحماية و قد شملته أيضا عناية كثيرين من رجال الثورة و أنقذته فى كثير من الأحيان من بعض المضايقات 000و أذكر أن حليم قد أصر على ادخال بعض الفقرات من خطب عبد الناصر فى بداية احدى أغانيه التى كان يقدمها فى عيد الثورة و لم يكن ذلك ضمن ما كتبه مؤلف الأغنية و حين بدأت الأغنية بصوت خطب عبد الناصر أخذ يتلفت حوله باحثا عن مصدر التسجيل و حين بدأحليم الغناء بدأ عبد الناصر يبتسم و ظهرت عليه امارات الاعجاب بهذا التجديد أما حليم فقد أحس بسعادة غامرة 000و غنى حليم فى كل أعياد الثورة و أحب ذلك اليوم أيضا لسبب اّخر ان اسعد لحظات المغنى فى حياته هى اللحظة التى تذوب فيها الحواجز بينه و بين جماهيره هى نقطة اللاعودة الى الفشل و هى لحظة ولادة النجم و قد تم ذلك فى عيد الثورة الأول يوم 23 يوليو 1953 حين قدمه يوسف وهبى لأول مرة ليشارك الفنانين المحتفلين بالعيد فغى عبد الحليم أغنيته الجميلة (صافينى مرة)و هى نفس الأغنية التى قابلها جمهور كازينو الشاطبى باستهجان قبل ذلك و طلبوا منه أن يغنى أغانى عبد الوهاب أو لعبد العزيز محمود بدلا منها كانت الحفلة مذاعة على الهواء و حين وقف حليم ليغنيها كان يسجل اصراره على هذه الطريقة الجديدة فى الغناء و يؤكد ثقته بنفسه و فنه استمع الجمهور الى الأغنية ثم ضج المكان بالتصفيق الحاد معلنين مولد النجم الجديدة و استمعت مصر كلها اليه فى الاذاعة و التفتت اليه نجح حليم و بدأت العروض تنهال عليه بالافلام السينمائية كان أولها فيلم (لحن الوفاء)مع شادية الذى خرج للوجود فى عام 1955 و قبل أن ينتهى من تمثيل الفيلم كان قد تعاقد مع فيلم اّخر هو (ايامنا الحلوة)مع عمر الشريف و أحمد رمزى و فاتن حمامة ثم فيلم (أيام و ليالى)كلها فى ىنفس العام سنة 1955 و لم ينس حليم تلك الليلة ابدا و كان يؤمن بالتفاؤل 00فلم ينقطع غناؤه فى عيد الثورة طيلة عهد عبد الناصر 000شارك حليم فى مسيرته الغنائية للثورة كل من الموجى و كمال الطويل و بليغ حمدى و سوف نتوقف قليلا مع أبرزهم فى ذلك المجال الا و هو كمال الطويل و ذلك لعدة أسباب فهو صاحب النصيب الأوفر فى عدد الأغانى الوطنية التى قدمها حليم كما أنه الوحيد بين الثلاثة الذى مارس السياسة فعلا و قد ولد كمال فى 11 أكتوبر سنة 1922 و تخرج فى المعهد العالى للموسيقى سنة 1949 و قد عين مشرفا على البرامج الموسيقية فى الاذاعة و ساعد خلال ذلك على الحاق حليم عازفا فى الفرقة الموسيقية للاذاعة ثم انتقل للعمل بوزارة التعليم حتى عام 1965 ثم انتقل بعدها الى الكويت مستشارا لوزارة الاعلام الكويتية و قد لحن السلام الوطنى لها و لموريتانيا و قدم الحانا وطنية رائعة لحليم مثل :حكاية شعب و المسئولية و بستان الاشتراكية و صورة و خلى السلاح صاحى 00كما قدم الحانا أخرى لأم كلثوم اشهرها (و الله زمان يا سلاحى)الذى أصبح النشيد الوطنى لمصر لفترة غير قصيرة و فى الفترة الأخيرة من حياته هجر التلحين نهائيا حتى رحل عن عالمنا فى 9 يوليو سنة 2003 00كان كمال الطويل شامخا فى خلقه كما كان فى فنه و طوال حياته لم يتقاض أى مقابل مادى عن الحانه و من بين كل أقرانه كان هو الهاوى الوحيد 00كان كمال يؤلف الحانه بواسطة البيانو فى منزله و لكنه كان قادرا على أن ينقر على زجاج السيارة ليخرج لحنا رائعا اذا استدع الأمر ذلك 000أما حليم 00فكما كرمته الثورة و اعلت من قدره و هى تمارس نجاحاتها فى كل الميادين فى الداخل و الخارج فقد اصابته تجاوز بعض المنتمين اليها بسهام جارحة فحين شاعت قصة حليم و سعاد و تباينت الأخبار عن الزواج المرتقب هل تم فعلا 00أم سوف يتم فى المستقبل 00تلقى حليم مكالمة تليفونية من رئيس جهاز المخابرات وقتها و هو المرحوم صلاح نصر 00أسر صلاح نصر لحليم أنه يأبى عليه أن يتزوج منها لأنه يحبه و يقدره 00و لم يعجب هذا الأمر حليم كما أنه لم يؤثر قيد أنملة على شعوره نحوها و على العكس سارع بمكالمة سعاد تليفونيا فأخذ ينصحها بأن تتمرد عليهم و أن تتوقف عن التعامل معهم مع وعد منه بدعم لها 00لم يمر سوى يوم واحد و اذا بحليم يتلقى مكالمة ثانية من صلاح نصر يعاتبه و يهدده بخشونة و طلب اليه أن يحضر للقائه و رغم أن ذلك قد سبب قلقا لحليم فقد أبى أن يفعل ذلك و اتصل بالمشير عامر الذى طمأنه و طلب اليه أن يتجاهل ما قاله له صلاح نصر و أنه سوف يتولى الأمر بنفسه 00و حين عاد صلاح نصر لمخاطبته قائلا:لقد أنقذك المشير هذه المرة فرد عليه حليم بغلظة طالبا منه الا يعود لمكالمته بعد ذلك ابدا 00هكذا مدت عليه الثورة حمايتها حتى من أخطاء بعض رجالها 00حين حدثت النكسة لم يصدق حليم كما لم يصدق باقى الناس ما حدث أو على التحديد لم يتبين لهم حجم الكارثة فى أول الأمر بدأحليم يغنى بحماس منقطع النظير فقدم الأغنية المشهورة (و لا يهمك يا ريس من الأمريكان) ثم غنى حليم بحزن عميق أغنية (عدى النهار)للأبنودى و بعد ذلك أقسم أن يبدأجميع حفلاته بأغنية(أحلف بسماها و بترابها)و أن يستمر فى ذلك حتى تتحرر الأرض و قد أوفى بوعده 00باستثناء أغنية (عاش اللى قال)ثم أغنية (النجمة مالت على القمر)لم يقدم حليم أى أغانى وطنية بعد وفاة عبد الناصر رغم عمق علاقته مع السادات و ربما لم تتح له الفرصة ليكشف عن رأيه و هو يرى انجازات ناصر تنحسر و القيم التى ارساها تندثر و الأمور فى مصر كلها تتغير 00ظل حليم يحتفظ بمكانه كمؤرخ للثورة المصرية و ظلت أغانيه علامات مضيئة لمسيرة رائعة لقائد بطل و أمة عظيمة فعاش و مات ثابتا على العهد)000نهاية الحلقة العاشرة

أقدم اليكم الحلقة الحادية عشر (11) من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 0000يوم من عمر حليم0000(حلق حليم نجما يتلألأ فى سماء الفن -فألف الظلام و سكن الى الليل -و كلما يزداد بريق النجم كلما التحف بستار الليل كذلك يصحو بعد أن تغرب الشمس متثائبا و يتصاعد نشاطه كلما أخذت خيوط النهار تهبط وراء الأفق هنا يبدأ حليم يومه 000أصبح الليل هو المسرح الذى يمارس عليه حليم كل نشاطاته فأبدع و غنى و أحب و صادق و مارس لهوه و مرحه و قرأ و استمع الى الموسيقى و كتب خواطره و رسائله ليلا 000لم يختلف فى ذلك عن كثير من أصدقائه و نوابغ عصره مثل صديقه الشاعر الكبير كامل الشناوى الذى داعب حليم مرة انه لا يصدق الا حين يغنى كان حليم مطربه المفضل و قدم له بضعا من أحسن قصائده مثل (لاتكذبى)و (لست قلبى) و هى تجارب شخصية ل (الشناوى) و كذلك قصيدته الرائعة (حبيبها) عن قصة حليم مع سعاد حسنى 000كان بليغ و الموجى و فريد من رواد الليل كذلك كان معظم أصدقائه الذين يسهرون معه 000هكذا كان حليم يأوى الى غرفة نومه قبل أن ينبلج نور الصباح فيسدل ستائرها لتحجب كل الأضواء عنها ثم يلوذ بسريره الكبير و بجواره جهاز التسجيل الذى يديره ليستمع الى اّخر أغانيه و ينام عليها 000لم تكن ساعات النوم هى أحب الساعات اليه فقد قضى ثلاثة أرباع عمره فى السرير ما بين المرض و العلاج و النوم فأصابه الملل منه و فوق ذلك لم يكن وضع السرير نفسه مريحا لمن ينام عليه اذ كان حليم يعانى من ارتجاع العصارة المعدية الى المرىء reflux و كان صعود الحامض المعدى الى أعلى يسبب قرحا فوق دوالى المرىء المهددة دائما بالانفجار و كانت الادوية المانعة للحموضة فى ذلك الوقت محدودة و تسبب مشكلات أخرى فكان القرار أن يوضع تحت رأس السرير مربعات خشبية تجعل السرير فى وضع مائل الى الأسفل و كان ذلك يشكل معاناة أخرى اضطر حليم أن يتعايش معها و لم تكن معلومة حتى لبعض المحيطين به 000و مع ذلك فقد كانت غرفة نومه غاية فى الاناقة و حسن الذوق رغم بساطتها و كانت تتميز أيضا بالنظافة التى شملت كل شىء فيها كان القائمون على المنزل يعلمون مدى حرص حليم على ذلك فكثيرا ما كان يستقبل ضيوفه فيها اذ اضطرة المرض لملازمتها و كان للغرفة ملحق يحتوى على كمية كبيرة من الملابس كان العندليب الى جانب أناقته يعشق اقتناء الجديد من الملبس و يقضى معظم أوقات فراغه فى الخارج فى شرائها و كان أيضا يكثر من اهداء الملابس لأصدقائه و لم يتلق هدايا مماثلة الا من الملك الحسن الذى الى جانب أناقته يحرص على أن يرتدى الثوب سواء كان جلبابا أو بدلة أوروبية يرتديه مرة واحدة ثم يهديه فى الحال الى خاصته كنوع من التكريم و كان يخص حليم بذلك كثيرا فكان يحتفظ بها دون أن يرتديها 00يصحو حليم فيغادر غرفة نومه الى حمامه مباشرة الذى كانت له قصة طريفة كانت حوائط الحمام و أرضه مغطاة بنوع فاخر من الرخام الايطالى و كان و بوجه عام فريدا فى جماله خاصة فى ذلك الوقت و لم يكن حليم يقضى فى حمامه الأنيق وقتا طويلا و كان يحلق ذقنه بسرعة مستعملا صابون الوجه العادى الذى يفضله عن صابون الحلاقة الذى يصيبه بالحساسية و كان شعره ناعما و لم يكن يوجه له أى عناية و لم يستعمل أى شعر مستعار طوال حياته كما أشيع عنه و لكنه كان يقوم بحلاقته أسبوعيا وقد تردد زمنا على مصفف شعره المتواضع الذى عرفه منذ أن قدم الى القاهرة وظل مخلصا لذلك حتى أوصى الأصدقاء له أن يستبدله بالمصفف المعروف محمود لبيب باعتبار أنه أكثر تطورا و قد ذاعت شهرة محمود بعد ذلك حتى أصبح يصفف شعر الرئيس السادات نفسه و كان حليم يقول:ان هذا مثل اّخر على أن حسن الطالع يلازم كل من يعمل معى على خلاف ما قيل عنه فى أيام الطفولة و الحقيقة أن ذلك قد تحقق مع كل من ارتبط مع حليم -بأى عمل-و كان المصور النابغ فاروق ابراهيم يردد دائما أن حليم هو أول من اكتشفه و اتخذه مصورا خاصا و أهداه كاميرا فاخرة و عن طريقه عرف أم كلثوم فأصبح يصور كل حفلاتها ثم أصبح المصور الرسمى لرئاسة الجمهورية 00و تحقق الشىء نفسه مع صديق اّخر فى المغرب و هو محمد المرادجى مصور الملك الحسن و الذى يعمل الاّن مصور لخليفته الملك محمد السادس و قد حصل على جوائز دولية عديدة فى التصوير 00و بعد أن يفرغ حليم من طقوسه اليومية يبدأ فى تناول أدويته و قد يتم فحصه طبيا فى الأوقات التى تصادف مروره بأزمة صحية أو تسحب منه عينة دماء للفحص ثم يتناول افطاره فى غرفة المكتب المجاورة لغرفة نومه و هو افطار متواضع فى كميته أو نوعه و لكن الشاى كان عنصرا أساسيا فيه ف(حليم )يعشق الشاى و لا ينقطع عن شربه طوال الليل 000و أثناء الافطار يبدأحليم فى ممارسة أعماله خلال المكالمات التليفونية و كان حليم يقتصر على الجانب الفنى فقط و لم يتدخل فى أى شأن ادارى أو مالى كان القائمون على المنزل يديرون كل شئونه و كان شقيقه محمد يقوم بادارة كل أعمال حليم المالية خارج المنزل و يتصرف فيها دون تدخل من حليم الذى كان يثق به تماما 00كان حليم يتصل ليناقش فنه مع كل أقرانه فى العمل الفنى و معظمهم كان يحضر الى المنزل بعد ذلك اذا كان هناك عمل مشترك أما الاستاذ عبد الوهاب فكان حليم يذهب اليه بمنزله فى وقت مبكر فالأستاذ يذهب الى النوم قبل منتصف الليل و لا يتجاوز ذلك الموعد ابدا 00بعد ذلك يبدأ الأصدقاء المقربون فى التوافد الى المنزل كان حليم ينتهز فرصة الأيام التى تخلو من وجود أعمال فنية أو الاستعداد لها ليعيش ساعات تخلو من كل المنغصات و تمسح عنه التوتر أو القلق كان ل(حليم)شخصية اجتماعية ساحرة كان يتمتع فى جلساته الخاصة بالجاذبية نفسها التى يلمسها منه جمهوره و كان يمد ظلال صداقته على عدد كبير من معارفه و زملائه 00و كان يصادق كل من يرتبط به بأى عمل و من بينهم كانت النخبة التى تقضى معه السهرة فى منزله فى كثير من الأحيان كانت السهرة تتميز بالود و المرح و كانت تضم أصدقاء يتمتعون بخفة الظل كان من الرواد الدائمين الصديق العزيز وجدى الحكيم المشهور بمقالبه الظريفة و كان هناك عصام بصيلة و فؤاد معوض و كان محمد حمزة و بليغ يحرصان على الحضور كل يوم تقريبا حتى و لم تكن هناك ضرورة فنية و كذلك ماهر العطار بضحكته الصافية أما ايناس جوهر فكانت تشيع البهجة فى المكان حين تحضر بضجيجها و تعليقاتها الخفيفة و ضمت السهرة أيضا كامل البيطار و صلاح عرام و سيد اسماعيل و منير مراد و أحمد فؤاد حسن و الفنانات نادية لطفى و ميرفت أمين و كان لكل من كمال الطويل و الموجى رفاق المسيرة الأولى حضور أيضا و كانوا أقرب الناس الى قلبه 00أما الصديق النبيل منير عامر فعلى الرغم من أنه كان يحظى من حليم بثقة كاملة و احترام كبير فلم يكن يحضر الا اذا طلب منه حليم ذلك و قد أفضى اليه بالكثير من أسراره و أوكل اليه أن يكتب قصة حيلته 00أحيانا كان حليم يصحو ظهرا لأسباب أخرى مثل مشاهدة مباراة فى كرة القدم خاصة مباراة القمة بين الأهلى و الزمالك و الحق أنه كان أهلويا صرفا رغم صداقاته لكثير من رموز الناديين مثل عصام بهيج من الزمالك و صالح سليم من الأهلى و كان يخفى انتمائه لحرصه على جمهور الزمالك أيضا و كان حليم محاطا بغابة من أنصار الزمالك مثلى و مثل وجدى الحكيم و عصام بصيلة و سيد اسماعيل و كامل البيطار و جلال معوض و محمد حمزة و انضم الينا حلمىى بكر حين بدأ مشواره الفنى و صداقته مع حليم و لم يمهله القدر للاستمرار فلم يلحن ل(حليم)الا أغنيتين فقط و لم يكن ل(حليم)رفيق اّخر من أنصار الأهلى الا المرحوم منير مراد رغم أنه لا يفهم فى كرة القدم كثيرا 00كنا نتبادل النقار كلما لعب الأهلى مع الزمالك و حدث مرة أن وصل للمباراة النهائية لكأس مصر كل من الأهلى و الاتحاد السكندرى فأعلن حليم أنه سوف يدعو الفريق الفائز للعشاء فى منزله فى سهرة مسجلة يرعاها المرحوم نجيب المستكاوى و كان الاحتمال الغالب أن الأهلى سوف يكون المنتصر فقد كانت فرقته تضم كوكبة من الموهوبين صغار السن فمنهم الخطيب و مصطفى عبده بينما ضم الاتحاد شحتة الاسكندراتى و الجارم و البابلى و حدثت المفاجأة و استطاع الاتحاد أن يهزم الأهلى و يحصل عل كأس مصر فدعاهم حليم بكل روح رياضية الى السهرة بينما كنا نحن أنصار الزمالك نمارس دورنا فى اغاظته سرا 00حين يشرع حليم فى اعداد أغنية كان نظام السهرة يتغير كان التأليف و التلحين يجرى فى المنزل فى بعض الأحيان خاصة حين أصبحت معظم أغانيه أعمالا مشتركة مع بليغ و حمزة و كلاهما يتواجد يالمنزل بصورة لا تنقطع كما كان حليم يجرى البروفات فى منزله و بعد أن يخلى الصالون الكبير من أثاثه لتحل محله كراسى للفرقة الماسية بأكملها 00و كانت البروفات تستمر أياما طويلة يظل المنزل خلالها فى حالة من الفوضى و الارباك لمن يعيشون فيه و لكن حليم كان يفضل ذلك عن ذهابه الى الاستديو حيث لا يتمكن من الراحة و تناول الدواء خلال العمل المرهق 00أما فى يوم الحفلة فكان ينام نوما عميقا حتى الساعة السابعة مساء -ثم يصحو-ليتناول جرعة مكثفة من الأدوية المانعة للتجلط و الأدوية المضادة لالتهاب الحلق فقد كان يعانى من التهاب مزمن باللوزتين و لم يكن استئصالهما ممكنا حتى لا يتغير صوته كما أشار اخصائيو الحنجرة و كنت أعد له متطوعين بالدم يحضرون الحفلة لاستدعائهم اذا احتجت لذلك فاذا مرت الحفلة بسلام كنا نتوجه فورا الى فندق شيراتون الجيزة و نبقى فيه حتى الصباح حيث يحضر الملحن و المؤلف و بعض الأصدقاء لابداء رأيهم فى الحفلة و كان حليم حريصا على هذه العادة على الدوام و حين يطمئن قلبه يعود الى منزله و يدير التسجيل للاستماع الى أغنيته و يستمتع بادائه ثم يغط فى نوم عميق 00فى الأسفار كان النظام اليومى ل(حليم)يتغير بصورة أكثر وضوحا 00فكان يصحو فى ساعة مبكرة نسبيا ليبدأيومه قبل أن ينتصف النهار كان ذلك يحدث خاصة فى أوروبا كان التسوق هو احدى أحب هواياته و اقتنى فى حياته كما من الملابس لم يسمح له وقته باستعمالها و لكن الانتقاء و الشراء كانا يستهويانه بصرف النظر عن حاجته اليها و حين يحس أن مشترياته الشخصية قد زادت عن الحد كان يبدأ فى تذكر أصدقائه و يبحث عن مناسبة ليقدم لهم هدية أنيقة 00و أذكر أننى قدمت اليه أحد أصدقاء طفولتى الذين نشأت معهم و كان اسمه جمال حبيب فكان يحضر معى سهرات حليم الذى أحبه لخفة ظله و أدبه و كان قريب الشبه بالكاتب الصحفى فؤاد معوض الملقب ب(فرفور)فقرر حليم أن يطلق على جمال اسم (نيو فرفور)و ظل يناديه باسم مختصر هو (نيو) 00و فى احدى المرات كان حليم يشترى بعض ملابسه من بوند ستريت و هو شارع الأناقة فى لندن و أسعاره مرتفعة و سألنى عن جمال و كان قد انقطع أخيرا عن الحضور فقلت له أنه خطب فتاة و يستعد للزواج فقال لى هذه مناسبة و سوف أشترى له بدلة الزواج قلت انتظر حتى تذهب الى أكسفورد ستريت فالاسعار هنا مرتفعة جدا دون داع و لكن حليم قال لى أريد أن يكون (نيو)أشيك واحد فى الكنيسة فى يوم فرحه فقلت له :كأنك تنوى حضور عقد القران فقال لى :أطلب منه أن يدعونى و سوف ترى بل سوف أغنى له لو طلب ذلك و اشترى له بدلة فاخرة 00وقد تأخر فرح جمال أو (نيو) كما كان حليم يطلق عليه و رحل حليم قبل الزواج و لكن (جمال) ارتدى البدلة يوم زفافه و ما زال يحتفظ بها حتى اليوم لم يكن جمال من أصدقاء حليم القدامى و لم تتجاوز معرفته بحليم أكثر من عام واحد و لكن هكذا كان حليم الفنان الكريم و الانسان الرفيق 00كان حليم يفضل لندن على سواها من مدن أوروبا فى أسفاره و كان يحس بالراحة و هو يقضى أجازته فى منزله بحى سان جونزوود و هو حى هادىء و جميل 00كان ذلك هو أسلوب حياة العندليب فى الفترات التى يهادنه فيها المرض اللعين فيقضيها سعيدا بين رفاق يؤلفهم الود و تجمعهم المحبة 00كانت هذه لمحة سريعة للحياة العادية ل(حليم) و عاداته اليومية و أصدقاء عمره ذكرت بعضهم ولم يتسع المجال لذكرهم جميعا كما أغفلت اّخرين و على أى حال فقد تفرق الشمل و رحل من رحل و بقى منهم القليل )00000نهاية الحلقة الحادية عشر (11)

كم تأثرت كثيرا بقصة جمال حبيب و رغم انه ليس مشهورا لكن العندليب عامله معاملة راقية ليس غريبة على الفنان الأسطورة و تأثرت أكثر بحظ جمال حبيب السىء (فعلا الدنيا حظوظ )يا سلام لو عبد الحليم حضر فرحه و غنى فيه كما وعده

اقتباس :

حين يحس أن مشترياته الشخصية قد زادت عن الحد كان يبدأ فى تذكر أصدقائه و
يبحث عن مناسبة ليقدم لهم هدية أنيق

رحمك الله يا عبد الحليم
دمت بود استاذ بيشوي

أقدم اليكم الحلقة الثانية عشر(12)من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 0000غنى يا قلبى 0000000(فاتيما 00الأخرى000ذكرت فى سباق قصة (حليم)فى المغرب أن أوفقير قد طلق زوجته الأولى فاتيما لفترة ما و اسمها الحقيقى فاتيما محمد عبد القادر و لم أذكر أنه تزوج خلال تلك المدة من سيدة أخرى اسمها فاتيما الهاشمى الادريسى و قد عرفت كلتاهما باسم فاتيما أوفقير 000و لكن أغفلت ذكر فاتيما الادريسى حيث لم تلعب أى دور خلال الأحداث الدامية التى عشناها فى المغرب الشقيق مع أنها ارتبطت معنا بصداقة قوية طوال هذه المدة 00و حين بدأت جريدة (الأنباء المغربية)تنشر هذه الحلقات تسبب ذلك فى بعض المتاعب ل(فاتيما الادريسى)حيث ان هذا الجيل من أبناء المغرب لم يعرف الفرق بينهما 00و كلتاهما نسبت الى أوفقير و قد اضطررت لنشر بيان لايضاح ذلك 00و من خلال مكالمة تليفونية رقيقة تلقيتها من الصديقة العزيزة فاتيما الادريسى طلبت منى أن أضع الامور فى نصابها ثم أخذت تعاتبنى لأننى زرت المغرب بعد ذلك و لم أتصل بها 00و قد أكدت لها اننى لم أفعل ذلك منذ وفاة (حليم)و أؤكد للصديقة العزيزة أن زيارتى لها سوف تكون أول ما سوف أفعله لو زرت المغرب لعلى أستطيع أن أوفيها حقها من الشكر لما قدمته لنا فى الماضى و قد قررت أن أبدأ هذه الحلقة بذكر بعض الحكايات عنها000قضى حليم جزء غير قليل من حياته متنقلا بين البلاد فى أسفار متعددة للغناء أو للعلاج أو للسياحة و الترويج و التسوق و كان لحليم شقة فى لندن و أخرى فى بيروت يقيم فيهما اذا سافر هناك أما فى سائر البلاد فكان يتنقل بين الفنادق 00و كانت الاقامة فى الفنادق تسبب لنا مشكلة صحية دائمة 00فلم يكن يتيسر فيها طلب الطعام الخاص ب(حليم)خاصة فى الوجبة الرئيسية و هو طعام يخلو من التوابل و الملح أحيانا و كل المشهيات و يطهى بطريقة بسيطة دون أى دهون مثل الزبد أو حتى الزيوت كما أن الطعام نفسه كان مقتصرا على أصناف محدودة 00و كان من المستحيل أن يتحقق ذلك فى الفندق حتى لو أوصينا بذلك و هكذا اتخذ حليم فى مثل تلك البلاد مقرا ثابتا لصديق مقرب يعد له غذاءه البسيط الخاص 00و فى الرباط كان هذا المقر هو منزل تلك السيدة الفاضلة فاتيما الهاشمى الادريسى الزوجة الثانية ل(أوفقير)و التى اختارها له الملك الحسن عقب طلاقه من زوجته الأولى فاتيما بن محمد عبد القادر حين ساءت علاقته بها و لما عاد أوفقير اليها بعد ذلك اشترطت عليه أن يطلق فاتيما الادريسى 00و هكذا كنا نقصد منزلها ساعة الغذاء حيث تعودت أن تعد ل(حليم)طعامه الخاص ثم نعود الى الفندق كانت تلك الوجبة الرئيسية التى يعتمد عليها حليم أما فى خلال السهرات التى كنا نقضيها فى قصور العائلة المالكة أو باقى الأصدقاء فلم يكن حليم يتناول سوى النذر اليسير مما يمتد فوق الموائد من فاخر الطعام 00كانت فاتيما الادريسى واحد ة من أفراد الحاشية الملكية و كانت أيضا مقربة من الملك الحسن الذى كان يقدر طيبتها و بساطتها و بعدها عن المظاهر 00و رغم علو مكانتها فى القصر فان معظم صديقاتها اللاتى رأيناهن فى منزلها كنّ من الناس البسطاء العاديين و كنا نستمتع فى تلك الصحبة بساعات جميلة بعيدا عن الصخب أحاديث مجتمع الطبقة العليا أو أحاديث السياسة 00و لقد أحبت (فاتيما )مصر و تمنت زيارتها و عشقت كل شىء مصرى 00و كان أكثر ما يفتنها الفن المصرى فكانت تواظب على مشاهدة الأفلام المصرية 00و ذات يوم كانت تقضى عدة أيام فى باريس للتسوق 00و لدى عودتها كانت أم كلثوم تقيم حفلتها الغنائية على مسرح محمد الخامس فى اليوم التالى 00و كان الملك الحسن قد اختار مرافقيه فى المقصورة الملكية للمسرح و طبعا أغفل (فاتيما)لغيابها 00أما باقى التذاكر فقد نفذت حتى من السوق السوداء 00ووقف أحد التجار يعلن أنه يعطى نصف ثروته لقاء تذكرة للحفل و جن جنون (فاتيما)و لم تتصور أن تفوتها تلك الفرصة التى كانت تحلم بها 00فقررت أن تطلب ذلك من الملك 00و لم يكن ذلك سهلا 00فكان معناه حرمان أحد مرافقيه من الحفل 00ذهبت الى الملك و قالت :لن أتحرك من مكانى حتى أحصل على وعد منك بأن تصحبنى الى الحفل حتى و لو أمرت بقتلى 00ضحك الملك و لبى طلبها 00طوال المدة التى قضيناها فى المغرب كانت (فاتيما )نعم الصديق الوفى 00و حين حدثت أزمة النزيف الحادة ل(حليم)و كانت أشد ما مر به من أزمات -أدخلته مستشفى ابن سيناء و كانت هناك أوامر من الملك الحسن بتلبية كل طلباتى من العلاج و أخذ يستسفر عن (حليم)يوميا 00بعد رحيل الحسن تركت (فاتيما)الحاشية كما هجرت منزلها فى الرباط و تقيم حاليا فى مراكش حيث افتتحت مطعم باسم مطعم النجمة فى أشهر ميادين المدينة 00و تقيم معها ابنتها نائلة التى طالما حملها (حليم)بين يديه و هى طفلة صغيرة و يشاهدان معا أفلام حليم القديمة 00فهى تحب السينما 00كذلك كان حليم يحب السينما و يعشق مشاهدة الأفلام فيها 00و كان صاحب ذوق خاص فى الأفلام التى يفضلها 00كان يحب النوعية الرومانسية فى الأفلام 00و رغم حبه للسينما فلم يستطع الذهاب اليها كثيرا فى مصر 00حيث يتعرف عليه الجمهور و يفسد عليه المشاهدة 00و لكن كانت بيروت و لندن هما أفضل الأماكن التى يذهب اليهما للمشاهدة 00و قد شاهدنا فى بيروت الفيلم الأمريكى المشهور (قصة حب)00الذى انتهى نهاية حزينة و اضطر حليم أن يخرج قبل نهاية الفيلم 00فقد غلبه التأثر و امتلأت عيناه بالدموع 00فغادر دار العرض قبل أن يراه الجمهور على هذه الحالة 00و كان يعشق الأفلام الموسيقية جيدة الاخراج 00و شاهد فيلم (عشاق الموسيقى music lovers) للمخرج الكبير كن راسل عن حياة الموسيقار تشايكوفسكى عدة مرات 00و لم يكن حليم يميل الى الأفلام الكوميدية و لكنه كان يفضل المسرح الكوميدى 00و يرتاده فى القاهرة00أما نجمه المفضل فى ذلك فكان صديقه عادل امام00و كان عادل يحضر أحيانا بعد انتهاء المسرحية الى منزل حليم فينشر المرح فى المكان حليم يقول عنه انه ليس فقط أحسن ممثل مسرحى 00بل أذكى انسان عرفته على الاطلاق 00أما الموسيقى الكلاسيكية فكان يستمع اليها فى منزله 00وكان حليم اذا اراد أن يجامل أحد أصدقائه من أصحاب المهن التجارية كان يزوره فى محله 00و قد طلب منه صديقه الجواهرجى المرحوم جورج نسيم أن يحضر اليه فى محله حتى يشاهده الجمهور 00و ما ان ذهب حليم الى هناك حتى توافد الجمهور بكثافة مما أدى الى اغلاق الشارع بأسره و أخذت الحشود تضغط على باب المحل 00فانتاب (جورج)الخوف و أخذ يغلق المحل بسرعة و غادرنا المكان بصعوبة 00و من يومها كان (جورج)يذهب الى (حليم)فى منزله ليحمل له ما يطلبه منه 00كان حليم يفضل أن يقيم فى فندق فلسطين حين يذهب الى الاسكندرية شتاء00رغم أنه يملك شقة هناك 00و أثناء عودتنا من الفندق ليلا كان هناك حفل زفاف لعروسين فى الفندق 00و ما ان شاهدوا حليم حتى هرع كل من فى الحفل يتبعون حليم الى غرفته 00و انضم اليهم العريس و عروسه و أخذوا يطلبون التقاط الصور معه 00و لم يمانع حليم أو يبدى أى نوع من الضجر 00رغم أنه كان متعبا للغاية 00و أخيرا طلب العروسان من حليم أن ينزل معهما الى مكان الفرح و لو لعدة دقائق حتى تكون تلك ذكرى جميلة لهما فى بدء حياتهما الزوجية 00ووافق حليم الذى كان يسعد لافراح الناس 00و أذكر أن حضورنا الى الاسكندرية فى ذلك اليوم كان بمناسبة أن حليم أراد أن يجامل أسرة أحد أصدقائه 00و كانوا يقيمون حفلا بسيطا فى منزلهم بمناسية خطوبة الابنة 00و طلبوا من حليم الحضور فاصطحب معه عازف الاورج البارع مجدى الحسينى 00و ذهبنا نحن الثلاثة الى منزل الأسرة التى أرادت ألا تجهد حليم فى الغناء 00فاستدعت مطربا صغير السن كان يرتدى بنطلونا قصيرا و اسمه عماد سليمان 00بغرض أن يبدأ الغناء ثم يتبعه حليم حتى نهاية السهرة و كان معه شقيقه الملحن محمد على سليمان 00و ما ان سمعه حليم حتى همس لى بأن صوته جميل و طلب منى أن أعطيه عنوان منزله فى الزمالك ليحضر اليه عندما نعود الى القاهرة 00قرر حليم أن يتبنى المغنى الصغير و يقدمه فى حفلته القادمة 00فى اليوم التالى حضر عماد و بدأحليم فى اعداده ليغنى فى حفلته القادمة 00و كان ذلك حلما لأى مطرب ناشىء و فى الحفلة غنى عماد أغنية ل(عبد الوهاب)و أخرى من تلحين شقيقه 00و همس لى (حليم)و نحن نستمع اليه من وراء المسرح 00هل رأيت صدق نظريتى 00سيكون له مستقبل كبير 00هكذا ظهر (عماد)الذى غير اسمه الى (عماد عبد الحليم)و قد انتشرت بعد ذلك عدة شائعات عن سبب ظهوره و الحقيقة أن الأمر كله مصادفة 00و قد بزغ نجم عماد بعد وفاة حليم و لكنه لسوء الحظ مات فى سن مبكرة و كان صاحب أداء متميز و صوت جميل 00كان حليم يغنى دائما فى أفراح أصدقائه من رجال الحكم و من الفنانين و من سائر الناس 00و لم يقم بالغناء فى أى فرح مقابل أجر مادى 00و أكثر من ذلك لم يكن حليم يتقاضى أجره عن الحفلات الغنائية الموسمية التى تذاع فى التليفزيون و الاذاعة 00بل كان يتنازل عن أجره للموسيقين أو لمتعهد حفلاته المرحوم عرابى 00و كان (عرابى)بدوره رجلا كريما خيرا 00و بعد أن يبيع تذاكر الحفل كان يفتح أبواب المسرح للجمهور المتبقى دون تذاكر و المنتظرين أمام الباب دون أى مقابل 00كانت أسعد لحظات حليم عندما يفرغ من اّخر كوبليه فى أغنية يقدمها للجمهور لأول مرة 00و بعد ذلك يتنهد الصعداء بعد أن قاسى الأمرين فى كل مراحل الأغنية الى أن تصل الى جمهوره 00بينما أقسى اللحظات التى يمر بها فى الأيام الأخيرة للاعداد للأغنية حيث كانت تحدث أحيانا بعض المفاجاّت و أذكر أن أقسى تلك المفاجاّت جاءت و هو يقدم أغنية (أى دمعة حزن لا)ل(بليغ)الذى كان له فى كثير من الأحيان أطوار غريبة و تصرفات غير متوقعة 00و عندما حانت البروفات الأخيرة للأغنية لم يكن بليغ قد أكمل عمل المقدمة الموسيقية و انتاب حليم قلق غير عادى و هو يبحث عن بليغ و لا يعثر له على أثر 00فقصد منزل صديقه العزيز وجدى الحكيم و بحثا معا عن بليغ فاكتشفا أنه قد سافر الى بيروت مع وردة و سرعان ما أعد حليم حقيبته و صحب وجدى الى بيروت و هناك عثرا عليه فى فندق (فينسيا)و بعد العتاب السريع استأذن كل من حليم و بليغ ليذهبا الى مكان هادىء لاعداد المقدمة الموسيقية 00بينما بقى وجدى مع وردة ينتظرونهما و طال الانتظار ساعات و ساعات و انقضى اليوم قبل أن يكتشفا وجدى و وردة أن الثنائى قد عاد الى القاهرة 00و نشبأت أزمة حادة بعد ذلك بين بليغ و وردة كادت تؤدى الى الطلاق 00أما بليغ فلم ينقطع عن تصرفاته البوهيمية العجيبة 00و فعل نفس الشىء مع أم كلثوم و هى تنتظره لعمل البروفات الأخيرة لأغنية (ألف ليلة و ليلة)00فلم تجده و استعانت ببوليس النجدة الذى أحضره من الاسكندرية 00هكذا عاش حليم حياته بين المنح و التلقى 00و كما كان عطاؤه للفن سخيا كذلك كان ذوقه فى المتعة الفنية راقيا 00استمتع بالموسيقى و الغناء و المسرح و الأفلام و كرة القدم )0000نهاية الحلقة الثانية عشر(12)

أقدم اليكم الحلقة الثالثة عشر (13)من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 00000(حليم) فى بيروت 000000(فى معظم الرحلات التى يسافر فيها (حليم)الى خارج مصر كانت بيروت هى الممر الذى يقلع منه الى أى بلد فى العالم و سواء كان ذاهبا الى بلد عربى اّخر أو بلد أوروبى كان يتجه الى بيروت أولا 00حيث يقضى فيها عدة أيام ثم يستأنف رحلته 00وكان يفعل الشىء نفسه أثناء العودة الى القاهرة 00حيث يمر على بيروت أولا قبل أن يستقر به المقام فى مصر 00و اذا كان للناس فيما يعشقون من المدن مذاهب شتى 00فقد عشق (حليم)القاهرة 00ثم بيروت00ثم لندن00دون سواها من مدن العالم التى زار معظمها 00كان حليم معتادا على الاقامة فى فندق ستراند بيروت 00و هو فندق تتكون وحداته من شقق كاملة 00و ذلك قبل أن يقتنى شقة صغيرة فى حى الرملة البيضاء فى بيروت الغربية بجوار السفارة المصرية 00و كانت هذه الشقة ملكا للمذيعة المصرية اللامعة ليلى رستم 00و حين تزوجت من اللبنانى منير طقشة تركتها لحليم 00و كانت مكونة من غرفتين و استقبال 00و لكن حليم أصبح يفضلها على الاقامة فى الفنادق 00و لم تكن بعيدة عن شارع الحمراء أشهر الشوارع التجارية فى ذلك الحين 00حيث كان حليم يشترى منه معظم ملابسه و جميع أحذيته من محل الحذاء الأحمر المعروف 00كان شارع الحمراء مركز الأناقة و الموديلات الحديثة 00و لم يكن عسيرا على حليم أن يتجول فى شوارع بيروت دون أن يلاقى عناء كبير من المعجبين 00رغم شعبيته الهائلة فى لبنان 00فقد تعود محبوه على رؤيته هناك 00و كانوا يتبادلون معه التحية و يعبرون عن اعجابهم فى هدوء و هكذا كان حليم يستمتع فى كثير من الأوقات بالجلوس على المقاهى المنتشرة فى بيروت على الطريقة الفرنسية 00حيث يراه الجميع و يقضى معه المعجبون دقائق فى حديث ودى طالبين صورته أو امضاءه 00ثم يتركونه ليواصل جلسته دون ازعاج كبير 00وكعادة حليم كان هناك دائما الصديق المقيم 00الذى يعنى بشئونه فى المدن الذى يسافر اليها كثيرا 00و فى بيروت كان هذا الصديق هو رجل الأعمال منير حمامى و زوجته الفاتنة ملك حمامى 00كانا يقومان بالعنايه بمنزله فى غيابه 00و الى جانب ذلك كان منزل (حمامى)الأنيق هو أحد أشهر الصالونات الاجتماعية و الأدبية فى بيروت 00و كنا نقضى فيه معظم السهرات و نلتقى بصفوة المجتمع البيروتى من شعراء و كتاب و صحفيين و سياسيين و فنانين 00و كان هناك أحاديث السياسة و الشعر و الأدب و الفن 00كان فارسها الأول بلا منازع هو الشاعر العظيم نزار قبانى 00الذى التقيناه كثيرا هناك 00كان (نزار )قامة شعرية شاهقة و كان أيضا له تأثير كبير على أمته العربية 00وأيضا على الشعر الغنائى 00و كذلك على (حليم)00ولد نزار قبانى فى دمشق فى 21 مارس سنة 1923 00و كان والده خليل القبانى تاجرا من الطبقة المتوسطة 00و كان عمه أبو خليل القبانى شاعرا و مؤلفا مسرحيا و ممثلا 00قد تأثر به نزار كثيرا 00بدأ نزار دراسته فى المدرسة الوطنية العلمية فى دمشق 00ثم التحق بالجامعة السورية فى دمشق حيث درس القانون ثم التحق بالعمل الدبلوماسى 00وتنقل بين مدن كثيرة منها لندن و مدريد و القاهرة و أنقرة 00و عين فى أيام الوحدة سفيرا للجمهورية العربية المتحدة فى الصين حيث كتب كثيرا من قصائده البديعة هناك 00بعد ذلك هجر العمل الدبلوماسى و أنشأ دارا للنشر و تفرغ للشعر 00و أسهم نزار كثيرا فى تطوير الشعر العربى 00كان حليم من أكثر محبى نزار على المستويين الشخصى و الفنى 00وقد تأثر به حليم فلم يكتف بغناء قصائده 00و لكنه أيضا بدأ يبتعد عن الرومانسية الشعرية فى أغانيه الأخيرة 00خاصة أغنية (نبتدى منين الحكاية)و فيها حوار بين حبيب واقعى و حبيبته الرومانسية 00حيث يقولانت شايف الحب كله/عيون و همس00/لكن أنا شايف/أحلى كلام عشاق يا حبيبى/هوه كلام الشفايف)00و مع ذلك لم يخل الأمر من اختلاف فى بعض الأحيان 00فحين رحل الزعيم عبد الناصر فى 28 سبتمبر سنة 1970 سقط حليم مريضا بعد أن أصابه النزيف فى الاسكندرية 00و بعد شفائه قصدنا ضريح عبد الناصر حيث وضعنا الزهور عليه 00ثم توجهنا فى اليوم نفسه الى منزل الرئيس الراحل فى كوبرى القبة لتقديم واجب العزاء للأسرة 00و خلال الحديث قال حليم انه سوف يغنى قصيدة (نزار)فى رثاء (عبد الناصر)التى كتبها عقب الوفاة مباشرة 00و كان مطلعها يقولقتلناك يا اّخر الأنبياء/ليس جديدا علينا اغتيال الصحابة و الأولياء/فكم من رسول قتلنا و كم من امام/ذبحناه و هو يصلى صلاة العشاء/فتاريخنا كله محنة/و أيامنا كلها كربلاء)00و ما ان أعلن حليم عن رغبته فى غناء تلك القصيدة حتى ارتفع أكثر من صوت من أفراد الأسرة يعترض على كلام الأغنية 00و كان الاعتراض يقول ان والدنا ليس نبيا 00بل زعيما وطنيا فقط 00و لم تكن بيروت بالنسبة لحليم مكانا للاسترخاء و لقاء الأصدقاء فحسب 00و لكنها كانت أيضا مسرحا لبعض من أنجح حفلاته الغنائية 00و كانت أروع ما غناه على مسرح مدرج عالية 00و هو مسرح مكشوف يرقد فى أحضان جبل لبنان بجوار عالية 00و قد شاركته فى الغناء وردة فى اّخر مرة له على هذا المسرح 00و قد حدثت قصة طريفة على هذا المسرح 00فقد غنى (حليم)عليه بعد النكسة الأغنية الرائعة التى كتبها له محمد حمزة 00و هى أغنية (فدائى)التى يقول مطلعهافدائى فدائى /أهدى العروبة دمائى)و عندما وصل حليم الى المقطع الذى يقوللو مت يا أمى متبكيش/راح اموت علشان بلدى يعيش/افرحى بيّا و زفينى/و فى يوم النصر افتكرينى/و ان طالت علىّ السنين/خلى ّاخوانى الصغيرين/يكونوا زيىّ فدائيين)00هنا تملكت الحاضرين (و كان معظمهم من مقاتلى حركات التحرير الفلسطينية)موجة من الحماس فأخذوا يطلقون النار فى الهواء بكثافة منقطعة النظير 00ظل (حليم)فى مكانه ثابتا و عندما نظر خلفه وجد المسرح خاليا فقد فر جميع أفراد الفرقة المصاحبة له 00و بدا اختفاؤهم السريع و كأنما هو بفعل خدعة سينمائية 00حتى ان محمد حمزة الذى غطس وراء الكواليس رعبا لم ينس تعليقاته الظريفة 00فقال لى هو (حليم)جاب معاه فهمى عبد الحميد (كان حمزة يقصد مخرج الفوازير المشهور بحيله فى الاخراج التليفزيونى )00أما حليم فقد التفت الى الجمهور باسما 00و قال لهم أشكر لكم تحيتكم الرقيقة 00و قد قررت أن أكمل الغناء لكم دون الفرقة و ضج الجميع بالضحك 00و انطلقوا يصفقون له بجنون 00كان لحليم أصدقاء كثيرون فى بيروت يستعصى علىّ ذكرهم جميعا 00كان هناك الكاتب الصحفى الكبير و صاحب دار الصياد سعيد فريحة و جورج خورى 00و كان هناك الفنانة الكبيرة فيروز و الاخوان رحبانى اللذان غنى لهما (حليم)أغنية(ضى القناديل)00و كان هناك كثير من الساسة و أفراد العائلات الحاكمة كعائلة فرنجية و الجميل 00و غيرهم 00رحل (حليم)عن دنيانا و لم يشاهد بيروت و قد دمرتها الحرب الأهليةو لم يقرأ(نزار)و هو يقول بهذه المناسبة ماذا نتكلم يا بيروت /و فى عينيك خلاصة حزن البشرية/00من كان يفكر أن نتلاقى يا بيروت و أنت خراب/من كان يفكر أن تنمو للوردة اّلاف الأنياب00)00000نهاية الحلقة الثالثة عشر(13)

أقدم اليكم الحلقة الرابعة عشر (14)من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص000(حليم) و رفاقه0000000(معظم الناجحين فى مجالاتهم يتبنون بما يشبه الاجماع قاعدة تقول ان الفصل بين الصداقة و العمل هو أهم شروط النجاح 000و قد خالف حليم هذا الشرط بنجاح ساحق 00فكان حليم يصادق كل من يرتبط معه فى العمل سواء أكان اداريا أو شاعرا أو موسيقارا أو مخرجا أو ممثلا أو طبيبا أو مؤلفا 00و لكنه لم يكن يبدأ بالصداقة ثم يكلف أصدقاءه بالعمل معه 00كان الأمر على العكس من ذلك 00ف(حليم)كان لديه قدرة خارقة على اصطياد الموهبة فى وقت مبكر 00قبل أن يلمحها غيره و لم يكن ذلك مقصورا على المواهب الغنائية فقط 00بل كان يتعداها فى كل مجال 00ثم يرتبط بالصداقة بعد ذلك مع تلك الموهبة 00و أذكر على سبيل المثال أن حليم قد لمح النجمة المعروفة الاّن (يسرا)مرة واحدة فى حياته 00و كان ذلك فى مبنى التليفزيون 00و كانت بصحبة أحد العاملين فى المجال السينمائى 00و عرف (حليم)أنه ينوى تقديمها للتمثيل 00و كان حليم فى ذلك الوقت يقوم بعمل مونتاج لاحدى أغانيه 00و فى نهاية السهرة قال لى هذه الفتاة الصغيرة لفتت نظرى بشدة 00و سوف يكون لها شأن 00و لم تره (يسرا)بعد ذلك 00كما أن القدر لم يمهل (حليم)ليراها نجمة كبيرة 00و قد رويت هذه القصة ل(يسرا)بعد رحيله بوقت طويل00و لم يندم حليم ابدا على صداقته مع هذا العدد الهائل ممن عملوا معه 00و قد تميزت تلك العلاقة بأمر اّخر و هى أن معظم الرفاق قد ارتبطوا فيما بينهم بروابط وثيقة من الصداقة امتدت بعد رحيل حليم نفسه 00و بالنسبة لى شخصيا فقط ظلت علاقتى بالأحياء منهم تمثل لى حتى اليوم أغلى الكنوز التى خلفتها لى تلك الأيام 00و دامت علاقتى حتى اليوم بالأعزاء :وجدى الحكيم و محمد حمزة و محمود عوض و منير عامر و عصام بصيلة و حلمى بكر و فؤاد معوض و ماهر العطار و صلاح عرام و سمير صبرى و فاروق ابراهيم 00و حرمنى رحيل كوكبة أخرى من صداقة كنت أتذوق رحيقها مع بليغ حمدى و كمال الطويل و عبد الوهاب محمد و أحمد الحفناوى و كثير من أعضاء الفرقة الموسيقية الذين عملوا معه 00و قد رأيت و أنا ألملم أوراقى استعدادا للانتهاء من قصة (حليم) أن اتحدث عن بعض هؤلاء مما عرفته عنهم 00تقابل حليم مع وجدى الحكيم للمرة الأولى فى ستوديو مصر 00و كان وجدى يشغل منصب مسئول الانتاج الفنى فى صوت العرب 00كان عبد الوهاب يسجل فى الاستديو أغنيتين هما (دعاء الشرق)للشاعر محمود حسن اسماعيل و (الروابى الخضر)التى كتبها أحمد خميس 00و حضر معه حليم و لفت نظره (وجدى)بحيويته و دقته فى العمل 00و تعارفا ثم بدأ حليم يتردد عليه فى دار الاذاعة ب (الشريفين) (و هى مقر الاذاعة فى ذلك الحين ) و كانت القيادة قد عينت الضابط عبد المنعم السباعى مسئولا عن الاذاعة 00و كان صاحب موهبة فى الشعر الغنائى 00فكتب أغنية تقوللايق عليك الخال/ياللى الهوى خالك/مشغول عليك البال/و لا حد على بالك) 00و قام الموجى بتلحين الأغنية و أذيعت و حققت نجاحا كبيرا 00منذ ذلك الحين تعمقت صداقة (حليم)و(وجدى) و امتدت الى أسرة وجدى كلها لتشمل والدته و أخواته الثلاث نادى و منى و عنايات 00و كذلك أخويه البطل الراحل اللواء شريف و جلال 00و أخذ حليم يتردد على منزل الأسرة فى منشية البكرى ليضع رأسه على صدر أم وجدى باحثا فيه عن حنان الأمومة الذى افتقده فى طفولته 00كان حليم دائما يحلم بدفء الأسرة و صدر الأم 00و حين كانت تزوره خالته (والدة شحاته)كان يقضى الساعات فى أحضانها 00و قد دامت صداقة حليم و وجدى حتى نهاية العمر 0000000و لقد كان الشاعر المعروف عبد الرحمن الأبنودى صديقا لكل من حليم و وجدى و لم يقدم الأبنودى ل(حليم)كثيرا من الأغانى 00و لكنه قدم اليه بعضا من أجملها و كان حليم دائما يستمع الى أغنية (الهوى هوايا)و يقول انها كلماتها تحمل داخلها موسيقاها 00كما قدم لحليم أغنية (أحضان الحبايب)و لها قصة طريفة حدثت فى سهرة جمعت بين حليم و الموجى و الأبنودى و عبد الوهاب محمد و مرسى جميل عزيز و وجدى الحكيم 00و كان معهم الأمير (عبد المجيد بن عبد العزيز)أمير مكة الراحل و خلال السهرة أخذ الأبنودى يداعب زميليه فى الشعر عبد الوهاب محمد و مرسى جميل عزيز 00قائلا:ان ما يكتبانه من أغانى عاطفية يتدرج تحت اسم كيمياء العواطف المعقدة 00فانبرى حليم قائلا:طيب يا عم ورينا أغنية عاطفية من غير كيمياء و على الفور بدأ الأبنودى يقول مشيت على الأشواك/و جيت لأحبابك/لاعرفوا ايه وداك/و لاعرفوا ايه جابك/رميت نفسك فى حضن/سقاك الحضن حزن/حتى فى أحضان الحبايب شوك يا0000حنفى)قال حنفى بدلا من قلبى فالموضوع كله فى نظره هو لمحة ساخرة 00و لكن حليم اعترض قائلا له :لماذا تسخر من هذا الشعر الجميل؟00من فضلك أكمل الأغنية 00و عزز الأمير عبد المجيد هذا الطلب قائلا ل (الأبنودى):لو أكملت الأغنية فسوف أعطيك عباءتى 00و كان على كتفه عباءة جميلة أعجب بها الحاضرون جميعا 00فقام الأبنودى الى غرفة مجاورة و أكمل الأغنية الجميلة حتى نهايتها 00و فى الوقت نفسه كان الموجى قد أكمل تلحين المذهب 00و بعد ذلك لحن الأغنية بأكملها 00و رغم أن حليم قد غنى لمعظم كبار شعراء الأغنية فى ذلك الوقت مرسى جميل عزيز و مأمون الشناوى و عبد الوهاب محمد 00و قبل ذلك غنى لأنور عبد الله و سمير محبوب و فتحى قورة و عبد الفتاح مصطفى و مجدى نجيب فان أكثرهم حظا معه و أقربهم الى قلبه و ذوقه 00كان الشاعر الموهوب محمد حمزة الذى قدم اليه 37 أغنية منها 8 أغان طويلة 00أولها (سواح)و اّخرها (نبتدى منين الحكاية)00كما كتب له حمزة الأغانى التى غناها فى مسلسل(قاهر الظلام)و مسلسل(أرجوك لا تفهمنى بسرعة)00كان محمد حمزة يعمل محررا صحفيا فى مجلة (روز اليوسف)00و بدأ محمد يكتب الأغانى فكتب لفايزة أحمد و محمد رشدى و فى احدى الأغانى لمحمد رشدى ذهب حمزة و معه رشدى الى معهد الموسيقى لحضور بروفات الأغنية و كان هناك بليغ حمدى ووجد بليغ امام حمزة ورقة كتب فيها مطلع أغنية تقول سواح و ماشى فى البلاد سواح/و الخطوة بينى و بين حبيبى براح)00و طوى حمزة الورقة ليضعها فى جيبه و لكن بليغ قال له أريد أن أقرأها 00ثم انتزع من جيبه ورقة قديمة و نقل فيها المقطع ثم مضى 00عاد حمزة الى منزله و حوالى الساعة التاسعة ليلا صعد اليه البواب ليقول له ان شخصا صغير الحجم حضر بسيارة صغيرة ذات مقعدين و يريد أن يراك و يقول ان اسمه بليغ نزل حمزة بسرعة فقال له بليغ :اكمل ارتداء ملابسك و تعال معى 00و بعد قليل وجد حمزة نفسه فى منزل حليم بالزمالك 00و اقبل اليه حليم قائلا :أهلا بالشاعر الجميل 00ذهل حمزة الذى لم يكن معروفا فى ذلك الوقت 00و ارتفعت معنوياته خاصة حين قال له حليم :لقد قرأت مطلع كلامك فهل تستطيع أن تكمله قبل خمسة عشر يوما 00أريد أن أغنيها فى الحفلة القادمة 00لم يصدق حمزة ما يسمع لقد بدأ هذه الأغنية و هو يرجو أن يغنيها أى مطرب شعبى شهير مثل محمد رشدى 00فاذا ب(حليم)يعدها لحفلته 00فقال حمزة :هل أحاول أن أبدأ الاّن 00وافق حليم و طلب من الطباخ أن يعد له العشاء 00و تركه فى الغرفة المجاورة و بها مكتب حليم و ظل حمزة يعمل حتى أكمل الأغنية فى الساعة السادسة صباحا و بعد ذلك قال لى حمزة لقد انتهزت الفرصة التى تورط فيها حليم و خشيت لو انصرفت أن يهمس له أولاد الحلال قائلين:مين حمزة ده 00و كيف تطلب منه أغنية من شاعر ناشىء و عندك مأمون و عبد الوهاب محمد و حسين السيد و مرسى جميل عزيز و بدأ بليغ يلحن الأغنية و كان ذلك هو بداية التعاون بينهما الذى امتد حتى نهاية حياته 00و كان حليم يردد دائما أن أحب الأبيات التى غناها و أقربها الى وصف حياته هى ما كتبه حمزة فى (قاهر الظلام)00(يا مركبى سيرى فى طريقك و لا تخافى الرياح/لو فيه ظلام فى الوجود قلبى أنا ملاح)0000أحب حليم الكاتب الصحفى الساخر فؤاد معوض الملقب بفرفور الذى لفت نظره ببساطته و خفة ظله 00و قد تعرف عليه حليم حين كان يعمل فى مجلة (صباح الخير)و أجرى حوار معه نشر بالكامل 00و بدأت الصداقة فكان (فرفور)أحد الرفاق الذين لا تخلو منهم معظم سهراته المنزلية 00حتى أنه غنى فى فرحه 00و كان دائما يرعاه 00و قد و قع (فرفور)يوما فى حب مطربة كانت معروفى فى ذلك الوقت 00و ذهب ليخطبها من أبيها الذى رفضه 00فتدخل حليم لاقناع الأب و لكنه أصر على موقفه قائلا:أنا لو أزوج ابنتى لكاتب فسوف يكون فى حجم مصطفى أمين أو التابعى أو بهاء 00فرد حليم سوف أصحب (فؤاد)غدا الى السجل المدنى و اطلب تغيير اسمه ليصبح أنيس منصور 00و بذلك نحصل على موافقتك على الزواج 00000و كان (حليم)يقدر الكاتب الصحفى محمود عوض و يضعه فى مكانة خاصة منذ أن عرفه 00و بعد نكسة 1967 أراد أن يبحث عن السبب كباقى المثقفين و كتب أول كتبه و هو (ممنوع من التداول) عن الطريقة التى يفكر بها العدو الصهيونى 00و خلال حرب أكتوبر كنت مسئولا عن امداد الجيش بالدم 00ووقع أحد زملائى الأطباء فى أسر قوات العدو و بعد عودته سألنى :هل تعرف الكاتب محمود عوض؟00قلت له نعم لماذا تسأل عنه؟00فقال لى:انهم سألوه هناك خلال الأسر من ضمن الأسئلة هل يوزعون عليكم كتب محمود عوض من باب التوجيه المعنوى للقوات المسلحة؟00ساعتها أحسست بالفخر لأننى صديق لهذا الرجل 00الذى لفتت كتاباته أنظار العدو 00و أعدوها من أسباب التغيير الذى حدث فى الحرب 000أما صداقة حليم للكاتب الصحفى المثقف منير عامر فهى احدى علاقاته الذى غلب فيها عنصر الثقة و الاحترام 00و قد اختاره حليم دون باقى أصدقائه من الكتاب لكتابة مذكراته الشخصية 00و لم أر فى حياتى أى كاتب اّخر يخلو الى (حليم)فى غرفة نومه و فى يده القلم و يكتب ما يقوله حليم 00و هناك أيضا عصام بصيلة الكاتب الصحفى القدير و الصديق الدائم ل(حليم) الذى كان يسهر معه حتى الصباح ثم نقوم معه سيرا على الأقدام حول حديقة الأسماك و حليم يرتدى جلبابه 00و كانت هذه أحب الرياضات المحببة الى حليم 00يمارسها حين يسود الهدوء و يصفو الجو تماما 000و كان ماهر العطار صديقا خفيف الظل طيب القلب خاليا من كل عيوب النفاق أو الحسد 00و أعتقد أنه أحب مطربى عصره الى قلب العندليب 000طال الحديث عن الرفاق و ما زال هناك الكثير منهم 00و لكن رأيت أن أتوقف أخيرا عند واحد من أهم أصدقاء حليم و أكثرهم تأثيرا على فنه 00و هو الراحل بليغ حمدى 00و قد تعرف عليه حليم سنة 1959 حين استمع الى ليلى مراد تجرى بروفات فى معهد الموسيقى على لحن له و هو (تخونوه)استمع اليه بالمصادفة فاستولى اللحن على كيانه و تمنى لو غناه و كان بعض الأصدفاء من الموسيقيين و منهم الموسيقار صلاح عرام ذهبوا الى ليلى مراد يطلبون منها أن تتنازل عن اللحن ل(حليم)فوافقت عن طيب خاطر و غنى حليم اللحن فى أحد أفلامه و هو (الوسادة الخالية) و منذ ذلك اليوم بدأ حليم و بليغ مشوار صداقة و زمالة استمرت حتى قبيل وفاة حليم و قدم ل(حليم)بضعا من أروع أغانيه 0000جمع بليغ صفات يندر أن تجتمع فى شخص واحد أبدع كثيرا و تكلم قليلا 00و لم يكن ينام الا ساعات قليلة و لا ينقطع عن التدخين و لا يأكل الا نادرا و طوال حياتى لم اره يتناول غذاء كاملا 00كان كريما بلا حدود يعشق المال و يكرهه فى اّن واحد 00و أحب كثيرا 00و كرس بليغ معظم حياته لفنه 000رأيت (بليغ)مرة واحدة قبل وفاته 00كانت ابنة شقيقتى قد دعته على العشاء فى منزل الأسرة 00وقتها لم يكن بليغ يدخن أو يشرب أى شىء 00كما ظل كعادته لا يأكل الا النذر اليسير 00أدركت ساعتها أن بليغ قد بدأ رحلة السأم من الحياة 000ولد بليغ فى القاهرة سنة 1932 و توفى فى يناير سنة 1994 متأثرا بسرطان الكبد 00و لم يترك بعد مماته عقارا أو أموالا 00و اقتصرت تركته على مئات من الالحان الرائعة تقاسمها من بعده عشرات من كبار الملحنين الصغار )نهاية الحلقة الرابعة عشر(14)

أقدم اليكم الحلقة الخامسة عشر و الأخيرة (الأخيرة) من مذكرات الدكتور هشام عيسى طبيب العندليب الخاص 0000000وداعا 00أيها الزمن الجميل0000000(لم يكن الهدف الوحيد من هذه الفصول التى تذكرت فيها أيامى مع (حليم)00أن أكتب فقط عن مسيرة عبقرية غنائية لفنان عشقته الجماهير فى كل أرجاء الوطن العربى 00واحتل عندها مكانة فريدة 00نعم لقد كانت حياته حافلة بالوقائع غنية بقصص النجاح و الفشل 00بالحب و الفراق 00بالكفاح و الاحباط 00و كان من واجبى طبعا أن أحكى لجمهوره سواء من عاصره أو من سمع بعد ذلك عنه بعضا من الوقائع التى يجهلونها 00و التى تروى جانبا من سجله الرائع 00و لكن مرة أخرى لم يكن ذلك هو هدفى الوحيد 00بل كنت أتطلع الى شىء اّخر 00كنت أحاول أن أصحب القارىء فى رحلة بعيدة لمشاهدة وقائع زمن عشناه فى الماضى 00و كان أكثر الأزمان تأثيرا على مستقبل أمتنا و أكثرها ثراء و اثارة للجدل 00كانت محاولة اطلال على ماضى قريب من خلال نافذة حياة فنان ترك بصمة واضحة لا على الفن الغنائى فحسب 00بل على وجدان و أفئدة من عاشوا تلك الأيام التى نلقبها ب(الزمن الجميل)00و لقد تكررت كلمة(الزمن الجميل)على ألسنة معظم أفراد الجيل الذى ننتمى اليه و أخذنا نرددها كلما رأينا ما اّل اليه الحال فى كل المجالات 00سواء الفنية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية 00و دمعت الأعين كلما صافحت اّذاننا نغمات الاسفاف و الضحالة التى امتلأت بها الساحة الفنية 00و كلما هبطت علينا سحابة الغم من كوارث طالتنا فى كل المواقع 00و كلما سيطر اليأس على المستقبل 00و تراجعت الاّمال الكبار التى بعثتها فينا انجازات تمت و أخرى كنا نحلم بها 00فى تلك الأيام اجتاحت رياح التغيير كل جوانب حياتنا و بدأنا نتعرف على ما يجرى تدريجيا 00و فى هذا الوقت الذى كنا نلتمس فيه طريقنا بدأت أتعرف على (حليم) 00كان أول لقاء لى معه لقاء مع صوته قبل أن تذيع شهرته 00كنت أتجول على شاطىء البحر مع صديق حين تناهى الينا عبر الهواء صوتا يغنى اسأل نجوم الليل تشهد على حالى يوم ما تغيب/و يا القمر يا ما سهرت ليالى من غير حبيب) 00كان الصوت دافئا و النغمات تنساب فى رقة بالغة تحيى فينا مشاعر رومانسية حالمة 00و الغناء كله كان مختلفا عما تعودنا سماعه من قبل 00و بدأ اهتمامى بذلك الفنان فاسعدنى الحظ بأن يقوم باحياء فرح احدى قريباتى و غنى فيه تلك الأغنية التى قلبت كل الموازين 00و جمعت حوله كل الأذواق و هى (على قد الشوق) ل (كمال الطويل) ثم كان اللقاء المباشر عن طريق ابن خالته شحاتة 00و كان معه خاله -و هو خال (حليم)أيضا -المتولى عماشة 00و كنت وقتها حديث التخرج فى كلية الطب و سمعت عن مرضه 00و أخذ (حليم)يستمع الى تعليقاتى و أنا ما زلت طبيبا حديث التخرج فى تواضع و أدب 00و أخذت أرجو له التوفيق فى رحلة كان ينويها للسفر الى انجلترا 00حيث تشرف على علاجه د0شيللا شيرلوك الأستاذة بالمستشفى الملكى الحر التابع لجامعة لندن 00و كانت أول طبيبة تؤسس لعلم أمراض الكبد 00و ألفت كتابا عنه يعتبر المرجع الأول عن الكبد 00و قد ترجم الى عدة لغات 00و حين قابلتها بعد ذلك بسنوات مع (حليم)فى عيادتها حملت اليها الكتاب أرجو توقيعها عليه 00فرفضت قائلة انه ليس رواية بل كتاب علمى عليك أن تدرسه فقط و حين رأت أن الكتاب و قد كاد يبلى من كثرة ما قرأت فيه 00وقعت باسمها عليه دون أى اهداء 00انقطعت الصلة و حليم يذهب الى لندن 00حيث أحالته د0شيللا الى الجراح العالمى (تانر)الذى أجرى له عملية معقدة 00كان هو مخترعها و كانت تعرف باسمه 00و كان (تانر)هو الذى أرشدنى الى الطبيب الذى تعلمت منه حقن دوالى المرىء 00فكان (حليم)هو أول مصرى يعالج بهذه الطريقة التى درأت عنه خطر النزيف الى وقت طويل 00و لقد أعطتنى تلك اللقاءات الأولى انطباعا جميلا عن (حليم)و عن ذكائه و السحر الكامن فى شخصه و تواضعه الجم 00و انتهى الأمر بأن أصبحت طبيبا معالجا له 00و كنت أجرى له التحاليل اللازمة و أشرف على تنظيم طعامه و دوائه 00و أقوم باسعافه فى الأزمات و نقل الدم اليه فى حالة النزيف 00و كان ذلك بناء على طلب من حليم الذى عرض علىّ بعد ذلك أن ألازمه طوال الوقت 00و حين نبهته الى أن عملى بالقوات المسلحة قد يكون عائقا عن ذلك فى بعض الأحيان 00قال أنه سوف يطلب من رئيس الجمهورية أن يمنحنى الاذن بالتفرغ لعلاجه 00و قد لازمته بعد ذلك 00و لم أكن بالنسبة اليه طبيبا محترفا 00و لكنى كنت طبيبا و صديقا 00و لم أمارس أى عمل خاص الا بعد وفاته 00كما لم أحصل على أى مقابل لعلاجه طوال حياته 00كانت تلك قصة تعارفنا 00كنت ما زلت طالبا بكلية طب قصر العينى 00حين بدأاهتمامى عما يحدث فى الوطن 00كان ذلك بعد نجاح الكيان الصهيونى فى انشاء موقعه فى قلب الأمة العربية سنة 1948 00و بعد فشل الحرب التى دخلتها الجيوش العربية ضده و انتهت بهزيمتهم 00كانت الحياة السياسية فى مصر تغلى فوق بركان من المشاعر الغاضبة 00و فجأة صحونا على فرقعة هائلة 00حملتها لنا موجات الأثير و هى تذيع فى صباح 23 يوليو 1952 ببيانا من قيادة الجيش يعلن أن الجيش قد استولى على السلطة فى البلاد و أصبح يعمل لصالح الوطن و صدر قانون الاصلاح الزراعى و بدأت المفاوضات مع الانجليز حتى تم جلاء اّخر جندى انجليزى عن البلاد 00و توالت الانجازات و معها التهبت جموع الشعب حماسا لها و تأييدا لقائدها 00و أحس الجميع أن مشروعا نهضويا قد بدأ يسطع فى الأفق 00و أن هناك ميلادا جديدا للأمة 00كان الفن الغنائى هو الأكثر وضوحا فى التعبير 00و مع (حليم)كان هناك كتيبة من الفنانين تضم شعراء و موسيقيين و ملحنين 00قاموا بدور رائع فى ايقاظ المشاعر و حشد التأييد 00و برزت أسماء شعراء عباقرة من أمثال :جاهين و الأبنودى و كامل الشناوى و مرسى جميل عزيز و حسين السيد و محمد حمزة 00كما اعتلى كل من كمال الطويل و الموجى و بليغ قمة عالية فى الابداع الموسيقى 00لقد نجح المشروع الناصرى و أثبت أنه أكثر مشروعات النهضة التى قامت فى مصر منذ بدأها محمد على نضوجا و أشدها تأثيرا 00كانت الانجازات هائلة و رغم وقوع نكسة سنة 1967 فان الصمود الذى تلى الهزيمة 00كان أكبر دليل على حيوية المشروع و قوته 00و لم يتحقق الغرض من العدوان 00و كانت حرب الاستنزاف ثم الأداء القتالى جزءا من الانجازات القديمة و استمرار لنفس نجاحاتها 00كانت الهزيمة حادثا اعترض المسيرة 00و حين تبين للعدو أنه لم يحقق أهدافه بالعدوان المباشر عبر الحدود لجأ الى الحليف الوحيد الذى يمكن له انجاز المهمة 00لجأ الى أخطر الأعداء و هو العدو القادم من الداخل و الذى قام بدوره فى بث دعاوى الاستسلام و اليأس و مصالحة العدو و الخضوع له 00و التسليم له بكل الأوراق 00ان مصر لم تهزم نهائيا فى عام 1967 00و لم يحتجب النور الا حينما أحاطت بها أبخرة الجهل و الحقد و المؤامرات من الداخل 00و بهذا صدق قول الشاعر العظيم نزار قبانى حين قالقتلناك يا جبل الكبرياء/و اّخر قنديل يضىء لنا فى ليالى الشتاء/و اّخر سيف من القادسية/قتلناك نحن بكلتا يدينا/و قلنا المنية/قتلناك يا حبنا و يا هوانا/و حين غسلنا يدينا اكتشفنا بأنا قتلنا منانا و أن دماءك فوق الوسادة/كانت دمانا)00و أعتذر عن اطالة الكلام عن تلك الأيام الجميلة التى أشعلت فينا العزة و أعلت من مكانتنا فى العالم 00و أصبحت مصر بعد يوليو 1952 هى حجر الزاوية فى سياسة المنطقة كلها 00و فى افريقيا و اّسيا 00و امتد التأثير الى سائر أنحاء العالم 00رحل عبد الناصر و غابت تلك الأيام الى حين 00و لكننا سنتذكرها دائما 00و سوف نذكر الزعيم الذى قادها 00سوف يتذكره شباب فى مقتبل العمر 00حين يبحثون عن عمل لا يجدونه 00و تتذكره جحافل من يسكنون القبور 00و يتذكره ملايين البسطاء الذين حرموا من أبسط مقومات الحياة 00و سوف نتذكر ملحمة بناء السد العالى و الكهرباء التى امتدت الى ربوع الريف 00و نتذكره و هو يؤمم القناة و يطرد مندوب الدول الغربية الذى جاء يهدده 00فنحس أن قامتناكادت تعلو الى السماء 00و سوف نتذكر صيحته فوق منبر الأزهر 00و هو يعلن أننا سوف نحارب العدوان الثلاثى و لن نستسلم 00أما أنت يا(حليم)فقد توهمت يوما أنك رحلت الى غير عودة 00ثم اكتشفت بعد ذلك أننى أخطأت 00فما زلت بيننا نتذكرك حين نفتقر الى صوت الكرامة و العزة فى مواجهة الهجمات الشرسة للقوى الاستعمارية للسيطرة على أقدارنا 00و اغراقنا فى بحر العولمة و التبعية 00و سوف نسمعك تقول عن تأميم القناة ضربة كانت من معلم/خلت الاستعمار يسلم)00و حين يبسط شاب يديه مناديا حبيبته و هو يتمنى أن يجمعه بها عش لا يستطيع بناءه00فسوف يناديها قائلاالهوى هوايا ابنيلك قصر عالى/و اخطف نجم الليالى/و اشغل لك عقد غالى/يضوى لأحلى الصبايا)00و حين تهدهد أم طفلها فى يوم ميلاده و هى تدعو له بمستقبل ترجوه 00فسوف يكون غناؤها عقبالك يوم ميلادك/يوم ما تنول اللى شغل بالك)00و حين يبوح الربيع بأسراره للعيون و تلمع حبات الندى فوق الغصون و تشعر فتاة فى عمر الزهور بأنسام الحب تصافحها لأول مرة 00فسوف تتراقص مشاعرها مع لحن يقولياللا يا قلبى يا أسعد قلب/نملا الدنيا حب فى حب/ياللا نقوم و ننام فى غرام/و نفسر كل الأحلام)00احتجب عبد الناصر و بعده (حليم)00و لكن أيا منهما لم يمت 00لأن أمثالهما لا يموتون فهم باقون فى قلوب أحبابهم الى ما شاء الله 00أما فى ضمير أمتهم فهم باقون الى الأبد 00و رغم اقتناعى بذلك فقد ترقرقت الدموع فى عينى و أنا أختم حديثى عنه 00فلم أجد خيرا من أن أستعير أبيات قصيدة لعبقرى عاش فى عصره كان يرثى صديقا اّخر 00انه صلاح جاهين 00سوف أستعيرهافهى خير ما يعبر عما يمتلىء به قلبى من أحاسيسأنت تمللى معانا و حوالينا و بينا/موت مين ده اللى يخبيك عنا/ده وتر مشدود يا با/لمسوه من كام ألف سنةو لساه بيزن/و كلامه بيرن/رنة طويلة طويلة بتضحك و تئن/من قلب ربابة النيل على قلبه على قلبك على قلبى/موت مين ده (يا حليم)اللى يحوشك عنى) تصبح على خير) 000انتهاء جميع الحلقات

شكرا على هذه الحلقات الرائعة جدا والتى استمتعنا بها

كل الشكر للأخت نهى و عايز أقول ان د0هشام كتب المذكرات بطريقة راقية جدا و بكل شياكة فى عرض المذكرات و دلت على أنه انسان مثقف فعلا و تكلم عن الفنان الأسطورة بكل احترام 000فعلا زمن جميل و كما قال الشاعر العربى الكبير نزار قبانى على الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أن عبد الناصر كان مغنى الجماهير و قال أيضا على الفنان الأسطورة عبد الحليم حافظ ان عبد الحليم قاد بصوته شعبا

فى جريدة (الأهرام) بتاريخ 21/6/2007 كتب الكاتب الصحفى (صلاح منتصر)فى مقالة بعنوان (أسرار عبد الحليم)0000000(من أجمل(الذكريات)التى أتابعها ما يكتبه فى صحيفة(العربى)الدكتور هشام عيسى أخصائى أمراض الكبد و الطبيب الذى لازم عبد الحليم حافظ فى رحلة مرضه 00000عبد الحليم و رغم مرور أكثر من 30 سنة على رحيله مازال الحديث عنه يثير اهتمام ملايين لم تحضره و يسجل أكبر المبيعات فى اعداد المجلات الفنية التى تخصصها لذكراه 00000حسم د0هشام(فزورة)زواج عبد الحليم من سعاد حسنى عندما قال ان قصة حب قوية بدأت بين الاثنين و لكن فى ظروف مختلفة للعاشقين فعبد الحليم عندما التقى سعاد كان قد مثل الفيلم العاشر و بالتالى كان فى قمة نجوميته أما سعاد فقد كانت تمثل فيلمها الثالث و كانت فى بداية طريقها و يضيف د0هشام عيسى ان عبد الحليم قرر بالفعل الزواج من سعاد فى خلال رحلة نظمتها (صوت العرب)لمجموعة من الفنانين لاقامة عدة حفلات غنائية يخصص دخلها لضحايا زلزال عنيف أصاب مدينة أجادير المغربية عام 1960 و خلال هذه الرحلة لم يفترق حليم و سعاد و انتهت باتفاقهما على الزواج و اعجابهما معا بسرير من النحاس بالغ الروعة فى صناعته قررا شراءه و دفع عبد الحليم ثمنه تاركا لصديقه (وجدى الحكيم)الذى كان قريبا جدا منه أن يساعده فى شحنه الى القاهرة لكن وجدى و بعد أن أتم اجراءات الشحن تلقى مكالمة من حليم الذى كان قد بق الى القاهرة يطلب منه وقف شراء السرير و الغاء الصفقة بعد أن تم الغاء الزواج 00000يكشف د0هشام عيسى عن سر اّخر و هو اصابة عبد الحليم بنزيف اثر أزمة عاصفة من الحزن واجهها عندما عرف بوفاة جمال عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970 00و كان وقتها فى الاسكندرية فنقلوه الى مستشفى المواساة 00و زيادة فى العناية و الاهتمام بشخص حليم أعطاه الطبيب المناوب زجاجة دم تبين أنها كانت ملوثة 00و كما يصف الاخصائيون تعرض كبد عبد الحليم (لاهانة مزدوجة)اهانة من الفيروس الأول الذى كان مصابا به و اهانة أخرى من الفيروس الثانى الذى انتقل اليه و من يومها بدأ العد التنازلى لحياة عبد الحليم )

فى جريدة (العربى)بتاريخ 2/9/2007 كتب الكاتب الصحفى (منير عامر) مقالة بعنوان (النبيل الذى عالج عبد الحليم حافظ اّخر (فراعنة الغناء) نعرض بعضا منها (كان لقارىء جريدة (العربى)شرف الاستمتاع بسيمفونية من الأمانة المؤثرة عن المعجزة الفنية الهائلة التى أخذت فى قلوبنا مكانتها و هى الموهبة التى عاشت فى جسد نحيل حمل أوجاع فقراء المصريين و اقتحم عالم أثرياء عالمنا المصرى و العربى و اسمه عبد الحليم حافظ 000كاتب هذه السيمفونية هو الطبيب الكبير (هشام عيسى)الذى عاش مع مرضى الكبد عموما سنوات عمره و عاش مع عبد الحليم كل الفترات الصعبة فى حياته كأشهر مريض بالكبد فى مصر فى القرن العشرين 000و اذا كان أستاذى احسان عبد القدوس هو من قدمنى لعبد الحليم حافظ فى صيف 1959 فأستاذى فتحى غانم هو من عرفنى باسم د0هشام عيسى عندما دهم أستاذنا فتحى مرض شديد القسوة و كان هشام عيسى هو معالجه فى تلك الفترة 00و هكذا اجتمع لعبد الحليم فى الذاكرة صورة المطرب الكبير الذى يهتز له قلبى كلما سمعت أغانيه و لكن مع صورته كانت هناك دائما ملامح من صورة طبيبه الخاص د0هشام عيسى فقد كان حليم هو من يعالج جراح الحب بالغناء و يلقى فى الوقت نفسه رعاية حارس عظيم للحياة هو د0هشام عيسى هذا المثقف الكبير 000و اذا كان هشام عيسى فد أنهى شهادته عن ذلك العصر لمطرب الثورة العبقرى الفذ عبد الحليم حافظ فمن حقه علينا أن نقول له شكرا)