فى مجلة(الكواكب)يوم 4مايو1976 كتب الصحفى عاطف مصطفى وعدسة فاروق عبد الحميد(كان قد انتهى من حفلته الناجحة فى شم النسيم منذ ايام حين قابلته فى منزله وكان عبد الحليم حافظ مفتوحا ككتاب احسست لفرط وضوحه اننى اعرفه منذ بدأيصعد سلم الشهرة ويتربع على قمة الغناء000قلت للفنان(حليم):بعد هذه الرحلة الطويلة فى عالم الغناء ماالذى تمنيته فى عالم الموسيقى وتحقق وماالذى لم يتحقق بعد وهل انت راضى عن موسيقانا الان؟-انا شخصيا كلما وصلت الى شىء جديد اجد اننى لم اصل الى كل مااريده فى كل عمل قمت به حتى الان ودائما فى اعمال الانسان منا اشياء لااستطيع تسميتها لكنها تعيش بداخلى ولم تتحقق بعد00وكفنان وكمطرب وكمصرى وكعربى اغلى امنياتى ان تصبح موسيقانا عالمية تغزو كل بلاد الدنيا كما يحدث بالنسبة للموسيقات المتقدمة وهذا يمكن تحقيقه من خلال المواهب الكثيرة وهى موجودة والحمدلله ومن خلال الدراسة الجادة وعمل اغانينا على اسس القواعد الموسيقية المتعارف عليها فى العالم كله00ومن المهم جدا ان تكون كلمات الاغنية جميلة تحمل افكارا جيدة لتفتح افاقا جديدة فى الالحان00وهنا لابد من القول ان موسيقانا تطورت تطورا كبيرا فى خلال ال20 سنة الاخيرة وليست الموسيقى الان هى التى كنا نسمعها من عشرين سنة فى الكلمة والرتم والفكلر اللحنى نفسه فى العديد والكثير من الاغانى0000000لماذا لم يتحقق الاوبريت المتكامل حتى الان بمعنى العمل الفنى الذى يعيش فى وجدان جماهيرنا المتعطشة للعمل الجيد؟-قد يكون العيب فى الملحنين الذين يقدمون الاوبريت فالاوبريت دراسة اخرى تختلف عن الاغنية الفردية واساس هذا العيب هو عدم تعلم الموسيقى من اساسها وقواعدها الصحيحة فالموسيقى فى كل العالم لها قواعد واسس00والذى تراه هذه الايام فيما يسمى اوبريت ماهو الا مسرحيات غنائية فيها يقوم المغنى بالغناء فقط00واوبريتات الشيخ سيد درويش امتازت بالتكامل الفنى والفهم الصحيح للاوبريت ونجحت نجاحا رائعا وحينما تقدم تلقى النجاح على عكس مانراه فى ايامنا هذه والاستاذ محمد عبد الوهاب لو اكمل اوبريت مجنون ليلى فاعتقد انه سيكون الاوبريت المتكامل بعد اعمال سيد درويش ومن الضرورى ان تسهم الدولة فى مجال الاوبريت لانه يحتاج الى الجهد الكبير من حيث التمويل والاعداد00وحتى الان لايوجد الاوبريت بعد ماقدمه لنا سيد درويش00000كنت عازفا لالة الابوا ماخصائصها وكيف تخدم هذه الالة اللحن ولماذا لاتستخدم هذه الالة بانتظام فى موسيقانا؟-اى الة موسيقية تخدم فى اى موسيقى والة الابوا تخدم فى التوزيع الهارمونى وفى بعض الاحيان يؤدى عليها صولوهات مثلها مثل اى الة موسيقية اخرى وقد درست الة الابوا كطالب فى المعهد فقط وعزفت عليها كثيرا واشتركت بها فى الاوركسترا الاذاعى وهى الة نفخ ومن اكثر الالات الموسيقية اجهادا للعازف ولايستطيع العازف ان يؤدى بها كل مايريده ولاتستخدم كثيرا فى الموسيقى العربية ولكنها موجودة فى الاوركسترا السيمفونى000مشوارك الطويل على مستوى امتنا العربية يجعلنى اتساءل عن مستوى الموسيقى والغناء من خلال البلاد العربية التى زرتها وماهى الشخصيات التى اعجبتك؟-كل بلد من بلداننا العربية له موسيقاه الخاصة به والجميع يحاول تطوير موسيقاه وارى ان هذا التطوير يميل الى مستوى الحاننا المصرية وليس هناك من شك فى ان كل بلد تحاول تطوير فنها على ايدى ملحنيها ومطربيها الموجودين00والموسيقى عموما تؤثر فى ايا كان نوعها00وقد سمعت مطربين كثيرين واعجبت بملحنين جيدين فى زياراتى لمعظم بلادنا العربية وخصوصا فى المغرب ولبنان وتونس والتى يتمتع شعبها بصفة خاصة بانه يستمع للطرب جيدا وبشغف واضح00ومن الذين اعجبت بهم فى المغرب عبد الهادى بلخياط والحيانى وعبد الوهاب الدوكالى والمطربة سميرة00وفى تونس احمد حمزة وعليا ونعمة وفى لبنان-فيروز والرحبانية وصباح ووديع الصافى وكثيرون على مستوى جيد ولايمكن حصر اسمائهم0000كواحد من المؤثرين فى الحركة الموسيقية والغنائية مارايك فى معاهدنا الموسيقية وهل تقوم بالدور المطلوب منها وهل تفرخ لنا جيلا من الموسيقيين المهرة وهل تكفى الدراسة الاكاديمية فقط وكيف نحصل على الموهبة التى تصقل الدراسة؟-الدراسة لاتكفى وحدها والموهبة ايضا لاتكفى وحدها فلابد من الموهبة والدراسة مجتمعين والعازفون اراهم الان اكثر من المطربين والذين تخرجوا من المعاهد هم الامل بالنسبة للحركة الموسيقية00ولاشك ان المعاهد الموسيقية مفيدة جدا ولايمكن الان ان يفرض صوت جميل دون ان يصقل صوته وياخذ ثقافته من هذه المعاهد وهذه الاصوات تمر على لجان ليثبت لها امكانيات هذا الصوت واللجان الموجودة الان بالمعاهد احسن بكثير من تلك الفترة التى دخلنا فيها معهد الموسيقى والاذاعة والتليفزيون يتحملان مسئولية كبيرة فى خلق جيل جديد من الملحنين والعازفين والضرورة الملحة لهذا تدعو هذين الجهازين للبدء فورا بعمل برامج للهواه00ليس برنامج الربع ساعة او النصف ساعة ولكن برنامج السهرة الكاملة التى تقدم فيها المواهب الجيدة الموسيقية والغنائية وهذا سوف يدعو الى ظهور براعم جديدة تغذى هذين المجالين00وهذه البرامج ليست بدعة من عندى ولكنها توجد فى جميع اذاعات وتليفزيونات العالم000الاغنية بصورتها الحالية اصبحت تقابل بنقد شديد من حيث الكلمات ومن حيث اللحن من وجهة نظرك هل يعود للاغنية مجدها القديم فى ظروف التطور السريع للحياة؟-ظاهرة نقد الاغانى والالحان ظاهرة صحيحة جدا تجعل كل عمل يلقى المزيد من الاهتمام قبل ظهوره حتى لايقابل بنقد لازع وهذا لصالح الاغنية واللحن قبل كل شىء وفى رايى ان الاغنية الان تعيش اروع مجدها فالغنوة فى كل يوم تتقدم وتتطور الى الاحسن كما ان موسيقانا بالفعل احسن الان مما كان يقدم منذ عشرين عاما والمستقبل الان اصبح للاغنية الحلوة ايا كان نوعها طويلة او قصيرة00000هل المستقبل للاغنية القصيرة00وهل معنى هذا ان ينتهى العصر الذهبى للاغنية الطويلة بما فيها من تطريب واستعادة لمقاطعها اكثر من مرة؟-والاغنية الطويلة الان غيرها زمان ودور المطرب القديم كان التطريب فقط اما الان فالاغنية ثلاثة كوبليهات كل كوبليه مختلف عن الاخر وملىء بالميلودى والاغنية القصيرة كايقاع العصر مطلوبة الان00وايضا الاغنية الطويلة مطلوبة فنحن نعيش عصرنا ومازال هناك كثيرون يحبونها00ولكن مطلوب ايضا تطويرها وحدث هذا بالفعل من خلال العديد والكثير من الاغنيات التى تقدم للجمهور000ندرة الاصوات الجميلة على مستوى الساحة العربية لماذا؟وماهو المناخ المناسب لتفريخ-ان صح التعبير-جيل جديد من المطربين والمطربات يعطى العطاء المطلوب لمقومات الغناء وسد النقص الشديد فى هذا الجانب الهام من حياتنا؟-نحن فى مصر وصل تعدادنا الى اربعين مليونا ولاادرى بل انا فى غاية الدهشة لعدم وجود مطربين ومطربات جدد00وانجلترا على سبيل المثال يظهر فيها كل يوم مطرب جديد وانا ايضا بدورى اتساءل اين الاصوات الجديدة ولابد ان يكون عندنا عدد كبير من الفنانين الناشئين والعالم العربى وصل الى مائة وخمسين مليونا وعلى المستوى العام فى كل بلادنا العربية هناك نقص كبير00وهذه الظاهرة غير مفهومة وغير صحيحة على الاطلاق وعلى الاذاعات والتليفزيونات فى جميع العالم العربى كله ان تقدم الوسائل الجيدة لاكتشاف الاصوات الجديدة وكما سبق ان قلت من خلال البرامج الت تكشف هذه المواهب وتعطيها الثقة بالنفس فى اظهار الموهبة الخلاقة00وبالطبع من خلال لجان التصفيات تقدم الاصوات الموثوق فيها00وايضا على عشاق الغناء ومحبيه اذا اكتشفوا موهبة جديدة ان يقدموها للاذاعة لتظهر فى هذه البرامج وهناك حقيقة هامة هى انه بعد اى نكسة اقتصادية او عسكرية او انتصار عسكرى ايضا فالناس يستمعون الى الوان من الغناء والموسيقى لايمكن ان توجد فى ظروف طبيعية والظواهر الموجودة الان فى ساحة الغناء هى نتاج تلك الظروف التى يمر بها وطننا العربى فى السنوات الخيرة منذ حرب يونيو 1967 وماحدث فى دنيا الفن والغناء فى تلك الفترة كان من المفروض الا يحدث ولكن الظروف هى التى حتمت ظهور تلك الظواه00وعلينا بعد انتصارنا فى 6اكتوبر ان نبحث عن المواهب وهى موجودة بيننا وانصح هذه المواهب الا تقلد مطربا او مطربة فلابد للشخصية ان يكون لها تفكيرها وفنها ذلك لان المقارنات تكون ضد المطرب الناشىء نفسه او الموهبة الجديدة وتكون فى صالح الفنان الحقيقى الذى يقلده المطرب الناشىء000000الادب يصقل الفنان00القراءات المتعمقة والثقافة المتنوعة كيف استفدت من كل هذا اتعطى هذا النموذج لمن يريد ان يصل الى الطريق الصحيح؟-انا لااتصور ان هناك فنانا يعيش او يستمر دون ان يقرأ ادب بلده والادب العالمى بصورة عامة وذلك الى جانب القراءات المتنوعة فى كل نواحى الحياة فالفنان تعبير عن مجتمعه ولابد له من الخبرة والدراية بهذا المجتمع00كيف يصلح فنان بدون الثقافات ابتداء من قراءة الجرائد اليومية ومتابعة كل مايكتب فى كافة مجالات الحياة00ولقد قرأت لكل كتابنا المصريين طه حسين توفيق الحكيم نجيب محفوظ احسان عبد القدوس مصطفى محمود وكثيرين لاتسعفنى الذاكرة لذكر اسمائهم ومن الادب العالمى قرأت لتشيكوف وتولستوى-وديكنز وشيكسبير-وموليير واندريه جيد والبير كامى وجان بول سارتر وجان كوكتو00ومن الشعراء قرأت لشاعر الغزل العظيم عمر بن ابى ربيعة ذلك الشاعر الشجاع الذى تغزل فى كل مايود ولم يترك احدا الا وتغزل فيه وقرأت لابى علاء المعرى ذلك الشاعر والفيلسوف العربى الكبير والادب العربى القديم ملىء بأساطين فى كل الفنون00وللمعاصرين قرأت شعر شوقى وحافظ ابراهيم-وكامل الشناوى وصالح جودت وصلاح عبد الصبور ونزار قبانى وكثيرين00ومرة ثانية اقول ان من يود ان يقرأفالمجال متسع امامه00لكن الذى ساعدنى فى القراءة مسألة هامة ولااتهم هنا احد ممن لم يقرأ هى مرضى فقد قضيت فترات طويلة فى الفراش اقرأ وتلك كانت تسليتى الوحيدة وايضا سفرى المتواصل بالطائرة كنت اقضيه فى القراءة00احسن شيئين اقضى فيهما وقت فراغى القراءة او سماع الموسيقى000000ارجو ان تذكر كيف تنتقى الاغنية الجيدة00وما الفرق فى رايك بين كلمات الاغنية العامية والقصيدة؟-الكلام واللحن التقيهما00والمسألة قد لاتبدو بالسهولة المتصورة فهى من اصعب مايمكن واشعر بسعادة غامرة حين يوفقنى الله فى اختيار كلمات جيدة 00والحمدلله فان 80 فى المائة من الاغانى التى غنتها كلماتها منتقاه بدقة والحانها جيدة وفى رايى ليس هناك فرق بين الكلمة الحلوة سواء كانت بالعامية او الفصحى والمطرب فى النهاية يتحمل المسئولية كاملة فى توصيل الكلمة للناس ولاافضل ان اختار قصائد كلماتها صعبة ولذلك فالقصائد التى اخترتها(حبيبها-لست قلبى-رسالة من تحت الماء-قارئة الفنجان)قصائد بسيطة فى متناول المستمع العادى فهما واستغاسة لكل المعانى00000تغنيت بقصائد الكثيرين من الشعراء العرب00من خلالهم كيف تعيش جو القصيدة بحيث تتحول الى قطعة فنية تستمتع بها جماهيرنا العريضة؟-اعيش الكلمات واعيش اللحن وابدا الاتصالات بالكاتب والقى باستمرار مع المؤلف والملحن ونتشاور فى كل صغيرة مهما بلغت لاننى احب دائما ان يكون العمل متكاملا وتجىء لحظات ميلاد الاغنية متكاملة فابدأ البروفات0000000رأيت خلية نحل داخل بيت الفنان اثناء بروفات قارئة الفنجان فهناك مايقرب من الخمسين عازفا وكاتب النوتة وتحولت شقة الفنان الى استوديو خاص والمطرب عبد الحليم بنفسه يقود الفرقة ومن حوله احمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية والملحن محمد الموجى00وتتوالى البروفات لمدة اكثر من اسبوعين يوميا لمدة خمس ساعات00ويظل مشغولا باغنيته الجديدة فى فترة ميلادها مفرغا لها تماما)