العندليب.. أسرار وحكايات حلمي بكر: قدمت ستة ألحان للعندليب غناها عربيًا
تاريخ النشر :14 مارس 2012
جريدة اخبار الخليج البحرينية
القاهرة: وكالة الصحافة العربية
تظل مرحلة البدايات للفنان عبدالحليم حافظ غير واضحة المعالم، وخصوصا عند الحديث عن أول أغنية سجلها للإذاعة أو أول أغنية حققت الانتشار الجماهيري، ومما ساعد في إجلاء هذه الضبابية تصريحات عبدالحليم حافظ نفسه وأحاديث الشعراء والملحنين من بعده. فإذا كان عبدالحليم يقول إن أول أغنية سجلها للإذاعة هي قصيدة «لقاء» كلمات صلاح عبدالصبور ولحن كمال الطويل؛ فإن الملحنين تفننوا في الحديث عن أول أغنية ترنم بها العندليب، فمنهم من قال إنها أغنية «يا سلام» من كلمات حسن الإمام ولحن عبدالحميد توفيق زكي، ومنهم من قال إنها أغنية «صافيني مرة» كلمات سمير محبوب ولحن محمد الموجي، ومنهم من قال إنها أغنية «يا حلو يا أسمر» كلمات المحبوب ولحن الموجي أيضًا، ومما أسهم في تغييب الحقيقة أن عبدالحليم نفسه منع إذاعة أغاني بداياته من الإذاعة عندما بدأت شهرته تدوي في العالم العربي ونجح في إيقافها فعلاً؛ بحكم نفوذه وعلاقاته مع القيادات الإذاعية آنذاك، ومن يتأمل تراث عبدالحليم حافظ الغنائي يلاحظ أن العندليب الأسمر على الرغم من شهرته العربية الواسعة فإن تعاونه مع الشعراء والملحنين العرب كان محدودًا رغم زيارته لجميع البلاد العربية وإقامة حفلات في معظمها.
فتراث عبدالحليم حافظ الغنائي الذي يقترب من مائتي وخمسين أغنية لا يوجد فيه إلا ثلاث أغنيات لملحنين من خارج مصر وعشر أغنيات لشعراء من خارج مصر أيضًا، وهذا قليل أمام مسيرة فنية امتدت ربع قرن من العطاء المتواصل.
أغنيات عربية
ثلاث أغنيات كويتية من حيث الكلمات واللحن قدمها عبدالحليم لتلفزيون الكويت، عندما زارها في أواسط الستينيات بدعوى من وزارة الإعلام الكويتية وهذه الأغنيات هي «يا هلي» كلمات وليد جعفر ولحن عبدالحميد السيد، و«عيني ضناها السهر» كلمات عبدالمحسن الرفاعي ولحن سعود الراشد، و«يا فرحة السمار» كلمات أحمد العدواني ولحن محمد الرجيب، وقد صور عبدالحليم لتلفزيون الكويت أغنيتين هما «يا هلي» و«يا فرحة السمار» ولم يكرر عبدالحليم تعاونه مع الملحنين الكويتيين برغم النجاح الكبير الذي حققته أغنية «يا هلي» بسبب النقد الذي وجه إليه من الصحافة الكويتية لارتدائه الدشداشة والعقال في أغنية «يا هلي» وقيل وقتها إن العندليب أراد كسب عطف الجمهور الخليجي وأيضًا كسب المال، ومع هذا شارك عبدالحليم في حفلات عامة في الكويت وتغنى بأعيادها أيضًا.
كما غنى عبدالحليم حافظ ثلاث قصائد كتبها شاعران سعوديان، فقصيدة «سمراء» التي كتبها الأمير الشاعر عبدالله الفيصل قيل إن محرم فؤاد تغنى بها قبل العندليب ولم تنجح بصوته فقدمها عبدالحليم بلحن الموسيقار كمال الطويل، وبرغم جمال القصيدة وعذوبة لحنها فإنها لم تحقق الفرقعة التي اعتادت أن تحققها أغنيات العندليب ومع هذا فقد اختار عبدالحليم عام 1973م قصيدة أخرى من كلمات الأمير عبدالله الفيصل بعنوان «يا مالكًا قلبي» لحنها الموسيقار محمد الموجي على طريقة الموشح. وقدمت الأغنية في حفلة عامة فحصدت من النجاح ما حصدت وحرص عبدالحليم على ترديدها في حفلاته تلافيًا للخطأ الذي لاقته قصيدة «سمراء» بعدم تقديمه لها في الحفلات العامة. وقصيدة «يا مالكًا قلبي» حدث فيها لغط كثير عند تقديمها حيث زعم شاعر مغمور يدعى أحمد مخيمر أنها من كلماته، لمجرد أن المطربة نجاح سلام غنت له قصيدة من قبل بعنوان «أهلي على الدرب يا مالكًا قلبي» فتوهم مخيمر أن قصيدة «يا مالكًا قلبي» هي قصيدته، ثم أطل وقتها المطرب هاني شاكر يزعم أن القصيدة لحنها الموجي له في فترة خصامه مع العندليب وأنه سارع إلى قطع الطريق عليه فصالح الموجي وأخذ القصيدة، أما القصيدة الثالثة فقد ظهرت بعد وفاة عبدالحليم بثلاث سنوات وهي قصيدة «حبيبتي من تكون» كلمات الأمير خالد بن سعود ولحن الموسيقار بليغ حمدي وأيضًا أحاط الغموض أسباب ظهور هذه القصيدة بعد رحيل العندليب.. فقيل إن شريط الأغنية كان مفقودًا وعثر عليه.. وقيل أيضًا إن عبدالحليم سجل الأغنية وحبسها في درج مكتبه لأن هدفه كان كسب المال من وراء تسجيلها.
الحب جميل
وإذا كان العندليب قد غنى عددًا محدودًا من الأغنيات الخليجية لحنًا وكلمات فقد غنى لأهل الخليج في حفلاتهم العامة، والخاصة أيضًا، فقد تسربت عدة تسجيلات نادرة لعبدالحليم صوتًا وصورة وهو يشدو في حفلات خليجية وخاصة بعدد من أشهر أغانيه وأغاني غيره أيضًا وبعض هذه التسجيلات بالألوان، ومن هذه الأغاني: يا خلي القلب، أهواك، شباب الحب، ظلموه، قارئة الفنجان، ومن أغاني غيره: ودارت الأيام، والحب كله لأم كلثوم، الحب جميل لليلى مراد، وقد أهدى أحد أثرياء الخليج مجموعة من التسجيلات الخاصة الملونة والنادرة للعندليب للتلفزيون المصري وما إن شرع التلفزيون في عرضها حتى استشاط مجدي العمروسي مدير أعمال الفنان الراحل غضبًا وطالب بمنع عرضها بحجة أن هذه التسجيلات خاصة وأن العندليب لو كان حيًا لمنع عرضها.
يقول الموسيقار حلمي بكر: إنه قدم ستة ألحان لعبدالحليم حافظ جميعها من الأغنيات الخاصة غير المطروحة للعامة منها ما هو للمغرب وأعياده ومنها ما هو لمناسبات أفراح خاصة في دول الخليج.. وقد ظهرت أغنية واحدة فقط من أغنيات مناسبات الخليج وهي بعنوان «الليلة يحلى السهر» كما ظهرت أغنية أخرى بعنوان عيد الشباب وهي خاصة بالمغرب وتظل أربع أغنيات من ألحان بكر لم تظهر إلى الآن رغم مضي ربع قرن على وفاة العندليب.
وفي النهاية نصل إلى القول إن عبدالحليم حافظ أثرى الأغنية العربية برغم محدودية الأسماء التي تعامل معها ويبقى الأمل في ظهور المزيد من الأغاني النادرة بصوت العندليب التي لم تظهر بعد رغم مرور كل هذه السنوات على رحيله.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/12409/article/13113.html