المجلة
وجدى الحكيم يفتح بئر الذكريات ويكشف: سر «جناح الحريم» فى بيت عبدالحليم
2014-4-12 | 10:20
حاورته: هاجر إسماعيل - صوره: محمد عنان
بين التسجيلات النادرة والصور التى لم أرها من قبل التقيت الإعلامى الكبير وجدى الحكيم ليأخذنى كعادته فى رحلة داخل الذاكرة المليئة بقصص من زمن جميل مضى، لأشعر معه بروعة السبعينيات وأعيش تفاصيلها من خلال حكايات نادرة ننقلها حصريا لكم عبر صفحات «نصف الدنيا» فى السطور التالية:
- لا يمكن أن نبدأ حديثنا بعيداً عن العندليب الأسمر فلا زلنا نعيش أصداء الاحتفال بالذكرى الـ 36 لرحيله..فماذا تعنى لك ذكرى العندليب؟
تعنى بالنسبة لى «مولد سيدى عبدالحليم حافظ»، فهو صديق وأخ ورفيق درب وعندما يحل موعد ميلاده أو رحيله لا تتوقف الاتصالات بى، ولا دعوات الفضائيات للحديث عنه، فقد أصبحت أنتظر هذا الموعد سنوياً لأتذكر أيامنا معاً وأحكى للناس عنه، وقد اكتشفت أن عشاقه لا يملون من الحديث عنه، كما أن ذكرياتى معه لا تنتهى.
- ولكن هذا العام فاجأت الجميع بذكرى جديدة وهى عبارة عن تسجيل لآخر مكالمة بينك وبينه، فما قصة هذه المكالمة؟
هذه المكالمة كانت مع عبدالحليم حافظ قبل يومين من وفاته وكانت الشائعات وقتها تخرج كل دقيقة لتقول «حليم مات»، وبدورى كنت أتصل به كل ساعة لأطمئن عليه ووقتها طلبت منى الإذاعة طمأنة محبيه عبر تسجيل صوتى له، وبالفعل كانت آخر مكالمة بينا وفيها قال لى «يا وجدى..ازيك يا وجدى.. وحشتنى ووحشتنى كل حاجة فى مصر.. كل حاجة.. سلم لى على مصر أوى يا وجدى.. بوس لى كل حاجة فيها.. بوس لى تراب مصر يا وجدى.. بوس لى الكبير والصغير وأنا إن شاء الله هعمل عملية صغيرة كمان يومين وراجع.. بوس لى مصر يا وجدى» وبالفعل كانت آخر مرة يسمع فيها المصريون صوت العندليب على الهواء مباشرة وعاد بعدها إلى مصر فى نعش.
- يوم وفاة عبدالحليم حافظ كيف مر عليك وعلى أصدقائه؟
بالطبع كان يوماً صعباً جداً ولكنه كان متوقعاً، فعبدالحليم حافظ فى آخر أيامه كانت حالته صعبة جداً، لدرجة أن الملك الحسن ملك المغرب جمع كل الأطباء المعالجين له من لندن وباريس لكتابة تقرير طبى عن حالته، وبالفعل بعد أسبوعين من دراسة حالته كتبوا تقريراً للملك الحسن أكدوا فيه أنه علمياً هذا الشخص فى حكم المتوفى، وأن الغناء هو ما يمنحه الحياة، ونصح الأطباء بتركه يغنى ولكن دون أن يبذل مجهودا وبالفعل كان آخر حفل أحياه وبعده نُـقل إلى لندن، وكان الأطباء يؤكدون عدم بذل عبدالحليم لمجهود كبير لأن هذا يعجل بوفاته بسبب النزيف الشديد الذى كان يعانى منه.
- خطة دفن عبدالحليم حافظ لم يكن يعرفها غيرك هل هذا حقيقى، وما الذى دفع لرسم خطة تمويه لدفن جثمان حليم؟
محبو العندليب كانوا بالملايين وكانت وزارة الداخلية وقتها تخشى من أن يتكرر ما حدث يوم جنازة الفنان الكبير محمد فوزى لأن نعش محمد فوزى سرقه محبوه الذين كانوا يرون أنه لم يأخذ حقه من الدولة فى التكريم والشهرة، وظل البوليس يطاردهم طوال اليوم حتى استطاعوا دفنه ليلاً، فكان البوليس لا يرغب فى تكرار هذه المأساة مرة أخرى فقام النبوى إسماعيل بوضع خطة أطلعنى عليها أنا وبليغ حمدى، وكان مضمونها أن النعش الذى يخرج من مسجد عمر مكرم هو نعش هيكلى وأن جثمان عبدالحليم سيكون فى سيارة إسعاف أخرى عند مسجد الإمام الشافعى، وبالفعل هذا ما حدث ودفن عبدالحليم فى أمان، وأنا لا أنسى أنه بعد دفنه بحوالى أربع ساعات وجدنا أنا ومفيد فوزى وبليغ حمدى رجلا عجوزا رث الثياب يدخل إلى قبره ويضع عليه وردة ويقرأ له القرآن فاستغربنا جدا وعندما سألناه عن معرفته بالمرحوم قال: لا أعرفه ولكننى قادم من عين شمس واستلفت جنيها ونصف لتأجير عجلة حتى أستطيع أن أحضر لأودعه، فقال له مفيد فوزى مش أنت أولى بالجنيه ونصف فرد الرجل: «يا أستاذ مفيد أنت مستخسر فيا أسعد الراجل اللى فضل يسعدنى طول عمره بوردة وأترحم عليه مين تانى هيغنى لى وأغنى معاه». وكانت هذه هى عظمة عبدالحليم حافظ أنه جعل الناس تغنى معه.
- وهل بالفعل تزوج عبدالحليم حافظ من سعاد حسني؟
أنا لا أعرف وهذه الحكاية لا يعرفها إلا مفيد فوزى فبحسب كلامه أن سعاد قالت له إنه تزوجها عرفياً، وللعلم عبدالحليم كان متحفظا ورجعيا ورجلا ريفيا جداً فيما يتعلق بالسيدات، فأى سيدة بالنسبة له سمعة، وكان يخشى جدا من كلام الناس على السيدات فكان يقول: دى سمعة ناس حرام، ولعلمك أنا لم أر أخت عبدالحليم حافظ طوال عِشرة 20 عاما إلا وهى قادمة مع نعشه من لندن، وكان هناك جناح فى بيته نسميه جناح الزقازيق فلا يمكن لأى شخص اختراقه ولا دخوله وهو الموجود به السيدات.
- ولكن يقال عن عبدالحليم إنه كان «لئيم» جدا وليس بهذه البراءه التى يحاول أصدقاؤه تصويره بها؟
عبدالحليم كان شخصا فى منتهى الذكاء وبالفعل كان سابق عصره، وهذا ليس كلاما ولكنه فعل، فهو لخص لى ذات مرة مشواره الفنى قائلا: «أنا غنيت وخليت الناس تغني».. فقبل عبدالحليم حافظ كانت الأغانى سماع فقط ولا يستطيع أى شخص أن يغامر بصوته فلا يمكن لأى شخص مثلا أن يغنى مع عبدالوهاب أو أم كلثوم فهما عمالقة، ولكن عبدالحليم بسيط جعل الناس يغنون، لذلك يعشقه الجمهور حتى الآن، أما الحديث عن أنه كان شخصاً «لئيماً» فهذا الكلام أطلقه عليه صغار الصحفيين فى أواخر أيامه ممن أرادوا الشهرة على حسابه لأنه كان ينزعج من تدخل الصحفيين فى حياته الشخصية، فأطلقوا عليه هذا الكلام وقالوا إنه يدعى المرض وأنه مبالغ فى ملابسه ولا يراعى حالة الشعب، وأنه يطلق الموضة ويقلد الغرب وهذا الكلام كله لم يكن يشغل بال حليم، فقد كان يرى نفسه واجهة لمصر ولابد أن يكون حسن الصوت والمظهر.
- كل هذه الذكريات المسجلة أما آن الوقت ليستمع لها الناس؟
بالفعل سوف يستمع لها الناس قريبا فأنا ابن ماسبيرو فى النهاية، وأعتبر أن ماسبيرو بيتى وواجب علينا أن نقف بكل جهدنا معه حتى يعود إلى مكانة الريادة، وبالتالى أنا لا أستطيع أن أعتذر عن دعوة من بيتى وبالفعل عندما عرضت علىّ درية شرف الدين وزيرة الإعلام أن أقدم هذا التراث الفنى للمشاهدين فى البرنامج وذلك للحفاظ على التراث التليفزيونى والإذاعى الموجود وغير صحيح أنه سرق أو نهب، ولكن كل ما فى الموضوع أنه كان موجوداً فى أماكن غير صالحة للتخزين، ولكن من خلال لجنة إعادة التراث التى عملت معها قطعنا شوطاً كبيراً فى الحفاظ على هذا التراث، ووزيرة الإعلام أصرت على تقديمى لبرنامج للحديث عن ذكرياتى، لأذكر الناس بهذه الحكايات فى قالب حديث، وقريباً جداً سوف يخرج للنور، ورغم أنى مؤمن بأن زمننا فات، ولكنى أيضا من أنصار أن ننقل هذه السيرة للشباب مثل حكايات أجدادهم حتى نحمى التراث، وأنا أعتقد أننا محتاجون إلى نسمة فن فى هذه المرحلة المتقلبة سياسياً التى نعيشها، ويحتاج المشاهدون فيها إلى مثل هذه الحكايات التى تذكِّر الناس بالزمن الجميل، وأيضاً نستضيف ضيوفا من النجوم الشباب ليرووا لنا ذكرياتهم مع نجوم الفن وما تعلموه منهم.