[b]
من كتاب الملف السرى فى حياة عبد الحليم حافظ للشاعر الكبير محمد حمزة يرحمه الله
اجمع الذين عرفوا حليم على انه فرض نفسه على الحياة الفنية لانه عرف كيف يدير حياته بذكاء شديد وكان عمليا ومنظما ودقيقا بقدر ما كان حساسا وموهوبا ولكن هذا الانسان العملى الناجح كان له سلوك غريب او هكذا يبدو لمن يراقبه من بعيد
فالناجحون يبداون يومهم فى ساعة مبكرة وحليم لم يكن يخرج من مسكنه الختص قبل الرابعة عصرا وربما بقى فى بيته حتى السادسة مساء او الى بعد ذلك والناجحون يحكمون على المحيطين بهم على اسس عقلانية ومحسوبة وحليم كان يتفاءل ببعض الاشخاص الذين يلتقى بهم عندما يستيقظ من نومه
وفى اولى تعاون بين المخرج حسين كمال وحليم فى فيلم ابى فوق الشجرة قام حسين كمال بتحديد مواعيد تصوير الفيلم فى الساعة الثانية عشرة ظهرا وفى كل مرة كان حليم يصل الى البلاتوه فى الرابعة بعد الظهر وشكا حسين للعمروسى من تاخر حليم المستمر فضحك العمروسى وقال ياحسين كن واقعيا كيف يحضر حليم للتصوير فى الثانية عشرة ظهرا وهو يستيقظ من نومه فى الثانية ظهرا ثم يتحدث فى التليفون لمدة ساعة ثم يتناول الافطار بعد ذلك ويرتدى ملابسه استعدادا للتصوير
اذن لايمكن ان يحضر الى التصوير قبل الرابعة ظهرا فاقتنع حسين كمال وقام بتعديل مواعيد التصوير
وحليم فى بعض الاحيان كان يقضى اليوم باكمله فى المنزل فعقب انتهائه من المكالمات التليفونية يقوم بقراءة الجرائد والمجلات ثم يبدا الحديث مع زواره فى حوالى الرابعة مساء او الخامسة مساء ثم ينتقل الى غرفة الاستماع المجاورة لغرفة نومه لكى يقضى بعض الوقت فى الاستماع الى احدث الالحان العالمية على اسطوانات وليس اشرطة لان الاسطوانة من وجهة نظره انقى من شريط الكاسيت
ثثم ينتقل الى عمل اكثر جدية حيث يتامل كلمات اغنية جديدة له وذلك بنسخ النص بخط يده عدة مرات حتى يحفظه ثم يديرالشريط المسجل عليه نموذج اللحن الجديد ويستمع اليه عدة مرات قبل ان يصل اصدقاؤه الذين يثق بارائهم
لم يكن يطلب من احد ان يبدى رايه بشكل مباشر بل يدير التسجيل ويترك صديقه يسمع ثم يتابع انفعالاته وتعبيراته كما تنعكس على ملامح وجهه مستقرئا بذلك رايه الحقيقى
ثم ياتى صديق ثانى وثالث ورابع وتتكرر التجربة ويستشف حليم الاثار ثم ينتقل مع زواره الى غرفة مكتبه وقد تمتد السهرة الى الواحدة صباحا ثم ينزل الجميع للسهرة فى الخارج